كشفت نتائج دراسة جديدة أن التعرّض الطويل الأمد لتلوث الهواء، وخاصة لثاني أكسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة، يرتبط بتدهور الوظائف الإدراكية لدى كبار السن.
تشير مجلة The Journals of Gerontology إلى أن العلماء ربطوا منذ فترة طويلة بين تلوث الهواء ومجموعة من المشكلات الصحية، بما فيها أمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب والأوعية الدموية. إلا أن آثاره على الوظيفة الإدراكية، خاصة على المدى الطويل، لم تُدرس بشكل كافٍ. وكشفت الدراسة الجديدة أن ارتفاع مستويات تلوث الهواء قد يؤثر سلبا بدرجات متفاوتة على الأداء الإدراكي لكبار السن، لا سيما في المجالات المعرفية المختلفة.
شملت الدراسة 1,127 شخصا تزيد أعمارهم عن 65 عاما، حيث قيّم الباحثون أداءهم الإدراكي في ثلاثة مجالات رئيسية: الذاكرة، والوظائف التنفيذية، ومهارات اللغة. كما حللوا بيانات تعرض المشاركين للملوثات بين عامي 2008 و2017، مع حساب تركيزات ملوثات الهواء – ثاني أكسيد النيتروجين (NO₂) والجسيمات الدقيقة (PM₂.₅) – استنادًا إلى القيم المتوسطة وتغيراتها بمرور الوقت.
وأظهرت النتائج أن العلاقة بين تلوث الهواء والوظيفة الإدراكية ليست خطية، حيث كان التأثير السلبي أكثر وضوحا لدى الأفراد المعرضين لأعلى مستويات من NO₂ وPM₂.₅، إذ سجلوا انخفاضًا في القدرات المعرفية العامة مقارنة بمن تعرضوا لمستويات معتدلة من التلوث.
ووجد الباحثون أن تأثير التلوث كان أكثر وضوحا على المهارات اللغوية، مع وجود علاقة واضحة بين "الجرعة والاستجابة" – فكلما زاد تركيز الملوثات، تراجع أداء المشاركين في اختبارات اللغة. وكانت الانبعاثات الأكثر ضررا ناتجة عن الوقود الصناعي واستخدام الفحم والنفط والغاز الطبيعي في المنازل.
كما لوحظ أن الذاكرة والوظائف التنفيذية تأثرت أيضا، لكن بدرجة أقل. فعلى سبيل المثال، ارتبطت الجسيمات الدقيقة (PM₂.₅) بتراجع أداء الذاكرة، بينما كان تأثير ثاني أكسيد النيتروجين (NO₂) على الإدراك محدودا نسبيا.
وتشير النتائج إلى أن تلوث الهواء يؤثر بشكل متفاوت على الوظائف الإدراكية، مع حساسية أكبر للمهارات اللغوية، ربما بسبب تأثر المراكز الدماغية المسؤولة عن الكلام بالمواد السامة الموجودة في الهواء الملوث.
ويوصي الباحثون بإجراء مزيد من الدراسات لفهم الآليات الكامنة وراء هذه النتائج، وتقييم مدى فعالية تحسين جودة الهواء في الوقاية من التدهور الإدراكي. لكن من الواضح أن مكافحة تلوث الهواء ليست قضية بيئية فحسب، بل أيضا مسألة صحية عامة بالغة الأهمية.
المصدر: science.mail.ru