آخر الأخبار

المكاتب القضائية في "ملاعب الكان" تعزز العدالة الفورية وتختبر مبدأ القرب

شارك

قال باحثون في القانون إن “إحداث المكاتب القضائية بالملاعب المحتضنة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم بالمملكة يشكّل آلية قانونية وتنظيمية تهدف إلى تعزيز سرعة البتّ في القضايا المرتبطة بالتظاهرات الرياضية الكبرى، وضمان الأمن القانوني داخل فضاءات تعرف كثافة جماهيرية وتداخلا لمصالح متعددة”، مسجلين أن “الإجراء ينسجم مع مبادئ تقريب العدالة من المواطن”.

وأضاف الباحثون أن “هذه الآلية تساعد على معالجة المخالفات والنزاعات الطارئة بشكل فوري، بما يحدّ من تفاقمها ويصون حقوق الأفراد والهيئات المنظمة على حد سواء”، مشددين في الوقت ذاته على أن “نجاح هذه المكاتب يظل رهينا بتحديد اختصاصاتها بدقة، وتوفير الموارد البشرية المؤهلة، وضمان التنسيق المحكم مع السلطات الأمنية والإدارية”.

كما شددوا، من جهة أخرى، على “ضرورة احترام ضمانات المحاكمة العادلة وعدم تحويل هذه الآليات الاستثنائية إلى مساس بالحقوق والحريات”، معتبرين أن “التظاهرات الرياضية القارية حاليا، أو العالمية مستقبلا، تمثل فرصة لاختبار نجاعة الإصلاحات القضائية وتكريس صورة دولة القانون في سياق رياضي دولي”.

“ممارسات جديدة”

قالت كريمة غراض، باحثة في العلوم السياسية والقانون الدستوري، إن إحداث هذه المكاتب القضائية “يدخل ضمن ثقافة جديدة في تدبير المنازعات والقضايا المرتبطة بأجواء الملاعب، وما بعد نتائج المباريات، بعدما عرفت بلادنا في السنوات الأخيرة أعمال الشغب داخل الملاعب وخارجها، تطال ممتلكات خاصة وعامة”، مسجلة أنه “لا بد من إيجاد آليات تدبيرية لفك النزاعات المحتملة”.

وشددت غراض، ضمن تصريح لجريدة هسبريس، على أن هذه المستجدات التدبيرية من شأنها “الحيلولة دون تحويل العرس الرياضي إلى فضاء للفوضى، على ألا يكون هاجس الضبط السلوكيات طاغيا؛ بل يجب مواكبة ذلك عبر الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني والقطاعات الحكومية”، مضيفة أن “الإجراءات المتخذة حاليا، والتي تدخل تحت وصاية وزارة العدل ورئاسة النيابة العامة، تدخل ضمن آليات احترام حقوق الأفراد والجماعات والممتلكات من القضايا التي جاءت ضمن الوثيقة الدستورية لسنة 2011”.

وأكدت الباحثة في العلوم السياسية والقانون الدستوري أن “الجميع يسعى إلى الاستمتاع بالفرجة الكروية بعيدا عن خلق أجواء البلبلة والخوف”، منادية بـ”التفكير في إيجاد مقاربات جديدة تنطلق من الأسرة والمدرسة وجمعيات الأحياء وغيرها من الشركاء المعنيين بالأنماط السلوكية داخل الملاعب”، بما أن بلادنا تقترب من تنظيم مظاهرات أخرى، يعدّ كأس أمم إفريقيا شهادتها الواقعية الأولى التي تحتاج إلى ممارسات جديدة.

“لا بد من ضمانات”

أكد يونس باعدي، باحث متخصص في القانون والعلوم الجنائية، أن الإجراء المتعلق بـ”إحداث المكاتب القضائية بالملاعب المحتضنة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم بالمملكة” يمكن اعتباره “خطوة ذات دلالات مؤسساتية عميقة، تتجاوز بعدها التنظيمي الظرفي المرتبط بكأس إفريقيا، لتطرح نقاشا علميا حول تحول العدالة الجنائية نحو منطق القرب، والنجاعة، والوقاية”.

وسجل باعدي، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، أن “هذه المكاتب ضمن صلاحيات النيابة العامة باعتبارها سلطة تحريك الدعوى العمومية والسهر على حسن تطبيق القانون، وفق ما يقرره الدستور وقانون المسطرة الجنائية”.

وأفاد الباحث المتخصص في القانون والعلوم الجنائية بأن “حضور ممثلي النيابة العامة داخل الفضاءات الرياضية لا يعد خروجا عن الاختصاص المكاني للمحاكم بقدر ما هو امتداد وظيفي مرن ينسجم مع منطق التدبير الحديث للمرفق القضائي القائم على الانتقال من عدالة جامدة إلى عدالة ميدانية تفاعلية”.

وأضاف المتحدث عينه أنها “تجسد نموذجا لما يمكن تسميته بالعدالة الاستباقية، التي لا تنتظر تفاقم الأفعال الجرمية أو تعقد المساطر؛ بل تتدخل في لحظتها الأولى لضبط السلوكيات المخالفة للقانون وفق مبدأ الفورية”، مبرزا أنها “تعزز سرعة البت في القضايا البسيطة المرتبطة بالشغب أو المخالفات داخل الملاعب، وتكرس كذلك مبدأ قرب العدالة من المواطن، ليس فقط مكانيا؛ بل زمنيا وإجرائيا. كما تساهم في الردع الفوري دون المساس بضمانات المحاكمة العادلة”.

وأوضح يونس باعدي أن “هذا الإجراء يواجه من جهة أخرى تحديا أساسيا يتجسد في ضمان ألا تتحول هذه المكاتب إلى آلية أمنية محضة؛ وهنا يبرز الدور المحوري للنيابة العامة في احترام قرينة البراءة وضمان حقوق الدفاع، والتقيد الصارم بقواعد البحث التمهيدي والحراسة النظرية عند الاقتضاء”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا