كشف تقرير رئاسة النيابة العامة برسم سنة 2024 عن تسجيل ارتفاع ملحوظ في الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص، في سياق يبرز استمرار التحديات المرتبطة بحماية الحق في الحياة والسلامة الجسدية والنفسية للأفراد، وهي الحقوق التي يوليها المشرع المغربي أهمية خاصة ضمن مقتضيات القانون الجنائي.
وأوضح التقرير الذي اطلعت عليه “العمق”، أن المشرع أفرد ترسانة زجرية متكاملة لحماية الأشخاص من مختلف الاعتداءات التي قد تطالهم، فيما تضطلع النيابة العامة بدور محوري في هذا المجال، من خلال الحرص على التطبيق السليم للقانون والتصدي لجميع الأفعال التي تمس بسلامة الأشخاص داخل المجتمع.
وخلال سنة 2024، عملت النيابات العامة على إقامة الدعوى العمومية في 169679 قضية متعلقة بالجرائم المرتكبة ضد الأشخاص، مع متابعة 205816 شخصا من أجل الاشتباه في ارتكاب أفعال تندرج ضمن هذا الصنف من الجرائم. وسجل التقرير أن عدد القضايا عرف ارتفاعا نسبيا ناهز 16 في المائة مقارنة مع سنة 2023.
وتبرز المعطيات الإحصائية الممتدة من سنة 2013 إلى سنة 2024 منحى تصاعديا عاما، إذ انتقل عدد القضايا المسجلة من 110694 قضية سنة 2013 إلى 169679 قضية سنة 2024، فيما ارتفع عدد الأشخاص المتابعين من 131339 شخصا إلى 205816 شخصا خلال الفترة نفسها. كما سجلت سنة 2024 أعلى عدد من القضايا والمتابعين مقارنة بجميع السنوات السابقة.
ويرجع هذا الارتفاع، حسب التقرير، أساسا إلى الزيادة التي عرفتها القضايا المتعلقة بالضرب والجرح بمختلف صورها. فقد ارتفعت قضايا الضرب والجرح الناتج عنه عجز يتجاوز 20 يوما من 19848 قضية سنة 2023 إلى 20853 قضية سنة 2024، كما انتقلت قضايا الضرب والجرح الناتج عنه عجز يقل عن 20 يوما من 27494 قضية إلى 29886 قضية خلال الفترة نفسها. وسجلت كذلك قضايا التهديد ارتفاعاً من 19304 قضايا سنة 2023 إلى 20285 قضية سنة 2024.
وعلى مستوى التصنيف القانوني، تظهر المعطيات أن الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص ذات الطبيعة الجنحية هي الغالبة، إذ شكلت 98.83 في المائة من مجموع القضايا المسجلة خلال سنة 2024، مقابل 1.17 في المائة فقط للجنايات. كما اقتصر الارتفاع المسجل في مجموع القضايا على أغلب الجنح، في حين عرفت الجنايات استقراراً نسبياً أو انخفاضاً في بعض الأصناف.
وفي هذا السياق، سجل التقرير انخفاضا في عدد القضايا المتعلقة ببعض الجنايات، من بينها القتل العمد الذي تراجع من 360 قضية سنة 2023 إلى 347 قضية سنة 2024، وكذا جناية الضرب والجرح المفضي إلى عاهة مستديمة التي انخفضت من 758 قضية إلى 706 قضايا، بنسبة تراجع تقارب 7 في المائة.
في المقابل، شهدت عدة جنح ارتفاعا لافتا، وفي مقدمتها الجرح غير العمدي الناتج عن حادثة سير، حيث تم تسجيل 56005 قضايا سنة 2024 مقابل 36517 قضية سنة 2023، أي بنسبة ارتفاع بلغت 53 في المائة. كما تصدرت هذه الجنحة باقي الجرائم من حيث العدد، سواء على مستوى القضايا أو الأشخاص المتابعين.
وتظهر المعطيات التفصيلية لسنة 2024 أن قضايا الضرب والجرح الناتج عنه عجز يقل عن 20 يوماً شكلت 17.61 في المائة من مجموع القضايا، تليها الجرح غير العمدي الناتج عن حادثة سير بنسبة 33.01 في المائة، ثم الضرب والجرح الناتج عنه عجز يتجاوز 20 يوماً بنسبة 12.29 في المائة، فيما سجلت قضايا التهديد نسبة 11.95 في المائة من مجموع القضايا.
أما على المستوى الجغرافي، فقد عرفت جميع الدوائر القضائية بمحاكم المملكة تسجيل جرائم مرتكبة ضد الأشخاص خلال سنة 2024. وتصدرت الدائرة الاستئنافية بالدار البيضاء الترتيب من حيث عدد القضايا المسجلة، بما مجموعه 23609 قضايا، بمعدل 469 قضية لكل 100 ألف نسمة، تليها الدائرة القضائية بالرباط بـ 19556 قضية، بمعدل 663 قضية لكل 100 ألف نسمة، ثم الدائرة القضائية بطنجة التي سجلت 15550 قضية، بمعدل 739 قضية لكل 100 ألف نسمة.
في المقابل، سجلت الدائرة القضائية بالحسيمة أقل عدد من القضايا المتعلقة بالجرائم المرتكبة ضد الأشخاص، بما مجموعه 994 قضية، وبمعدل 268 قضية لكل 100 ألف نسمة.
ويعكس هذا المعطى الإحصائي، وفق تقرير رئاسة النيابة العامة، حجم الضغط الذي تعرفه منظومة العدالة الجنائية في مجال حماية الأشخاص، ويبرز في الآن ذاته استمرار النيابات العامة في مباشرة مهامها القانونية للتصدي لهذا الصنف من الجرائم، وضمان احترام القانون وحماية الحقوق الأساسية للأفراد داخل المجتمع.
المصدر:
العمق