تحوّل مسار عمليات تدقيق جارية في تصريحات حسابات عشرات الشركات المشتبه في تلاعبها بالنفقات والمداخيل وضلوعها في التهرب والغش الضريبيين إلى مهمة افتحاص نوعية قادتها مصالح المراقبة الجهوية والإقليمية التابعة للمديرية العامة للضرائب بتنسيق وثيق مع مراقبي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، على خلفية شبهات تتعلق بالاستعانة بـ”أجراء أشباح” وخدمات صورية لتبرير تكاليف ضخمة وتقليص أسس الاحتساب الضريبي، وفق معطيات حصلت عليها هسبريس من مصادر عليمة.
وأفادت المعطيات ذاتها بأن مراقبي الضرائب ركزوا على إخضاع النفقات المسجلة ضمن الحساب 6126 المخصص عادة للمدفوعات لفائدة أشخاص ماديين وخدمات الاستشارة والعمل المؤقت والحراسة والتنظيف.
وأوضحت أن مهام الافتحاص انصبت على التحقق من وجود عقود واضحة لتقديم الخدمات ومخرجات ملموسة تثبت إنجازها، والتأكد من عدم وجود أجراء “مقنعين” تكرر التعامل معهم في غياب إطار تعاقدي مضبوط.
وكشفت مصادر الجريدة عن طلب المراقبين من مسؤولي الشركات المعنية بالتدقيق وثائق ومستندات إضافية لغاية استيضاح حقيقة مجموعة من النفقات المشبوهة، مؤكدة إلزامهم في هذا الشأن بتقديم فواتير عن مدفوعات مصرح بها ضمن الحصيلة المحاسبية تحت طائلة رفض خصمها من التكاليف العامة في حال العجز عن الإدلاء بعقود وتوثيق فعلي للخدمات المقدمة، في سياق تشديد الرقابة على ممارسات الغش والتحايل الضريبيين.
وهمت عمليات التدقيق الجارية، حسب مصادر الجريدة، إلى السنوات المحاسبية 2021 و2022 و2023 و2024؛ فيما اعتبر مراقبو الضرائب، في إشعارات موجهة إلى الشركات المعنية، أن عدم الإدلاء بوثائق تبريرية تتعلق بالفواتير عن الخدمات ووصولات الأداء، سواء بواسطة أو التحويلات البنكية، وكذا المستندات التي تثبت قيمة هذه المصرح بها ضمن الحصيلة المحاسبية يضعها جميعها في وضع المعارض للمراقبة وما يترتب عن ذلك من إجراءات زجرية متمثلة في الفرض التلقائي للضريبة على أساس جزافي.
ويسجل الحساب 6126 عمليات “المقاولة من الباطن” المرتبطة مباشرة بدورة الإنتاج، حيث يجري تمييزه عن التكاليف العامة. ويشمل هذا الحساب أعمال المناولة والخدمات المحددة المرتبطة بالتشغيل والدراسات التقنية؛ ما يفرض على مصالح المراقبة الضريبية التأكد من وجود عقود رسمية وفواتير مطابقة، والتحقق من قابلية استرداد الضريبة على القيمة المضافة.
ويهدف التدقيق الضريبي في هذه الحالة إلى الفصل بين تكلفة الإنتاج المرتبطة بالمقاولات من الباطن وتكاليف الإدارة العامة، مثل الأتعاب، لضمان دقة الحسابات وصلاحيتها للخصم الضريبي. كما يتشدد بشأن عدم تسجيل الأتعاب العامة ضمن هذا الحساب، حفاظا على وضوح البيانات المالية وصحة المراجعة الضريبية.
وتوقف مراقبو الضرائب، وفق مصادر هسبريس، عند تلاعبات بنفقات خدمات صورية وفوترة مسجلة باسم أجراء “أشباح”، في تصريحات ثلاث شركات تنشط قطاع البناء والأشغال العمومية بين الدار البيضاء ومراكش، بعدما قامت هذه الشركات بتعهيد أعمال كهربة وصباغة اتضح فيما بعد عدم وجودها على أرض الواقع.
وشددت المصادر العليمة على أن الاختلالات المكتشفة امتدت إلى حالة منعش عقاري بالعاصمة الاقتصادية دفع أتعاب مكتب دراسات لإعداد مخططات الخرسانة المسلحة لمبنى مخصص للبيع، قبل أن تتبين صورية نشاط هذا المكتب وتورطه في إنتاج فواتير مزورة.
المصدر:
هسبريس