آخر الأخبار

مصطفى الزباخ يستعرض إعادة الاعتراف بالتراث العربي في جزر القمر

شارك

يوثق كتابٌ إعادة الاهتمام بتراث عربي إسلامي كان مهملا، وكاد يكون منسيا، هو تراث “جزر القمر” التي بعدما كان الأكاديمي المغربي مصطفى الزباخ ممثلا لمنظمة “الإيسيسكو” بها ترافع في إطار منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة على توثيق جوانب تراثها باللغة العربية، وتاريخها الذي حاول الاستعمار الأجنبي الفرنسي طمسه، وهو ما كشف أنه امتد حتى اسمها الذي سعى مسؤولون فرنسيون طيلة أزيد من قرن إلى تحويله من “جزر القمَر” بفتح الميم إلى “جزر القُمر” بضمها.

كتاب “فتوحات مغربية وعربية بجزر القمر الإفريقية” نشره الزباخ، الأستاذ الفخري بجامعة محمد الخامس بالرباط، الذي شغل منصب مدير مديريات التربية والثقافة والتخطيط والتقييم بمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة، والأمانة العامة لاتحاد جامعات العالم الإسلامي، ومقرر أكاديمية المملكة المغربية، كما كان مستشارا لرئيس “جزر القمر” سعيد محمد جوهر، ولوزيرَيها للتربية والتعليم والشؤون الدينية، ومشرفا على أطروحات عدد من طلبتها.

ويوفر الكتاب معلومات غنية عن التاريخ العربي لجزر القمر، وإثباتا للأصل العربي لتسميتها، وتعريفا ببداية دخول أهلها الإسلام، وبتأثر ساكنتها القوي بتصوف أبي الحسن الشاذلي، والوجود المغربي بها، وتراثها الفكري والأدبي باللغة العربية، وكتاتيبها القرآنية، ومورثها المادي، وأعلامها، والأثر العربي في لغتها، وفضائلها الجماعية، وبعض من إشكالاتها العُرفية، كما يشهد على منعطف مهم في تاريخها الراهن: دخول جامعة الدول العربية.

ويوضح المؤلِّف أن جزر القَمَر “لم تنل على قدر غنى تراثها الثقافي والحضاري والطبيعي حظها من عناية المؤرخين والباحثين، وخاصة العرب”، و”ظلمها الاستعمار الذي اقتلع جذور ثقافتها العربية، فنهب مخطوطاتها العربية، وجعل اللغة الفرنسية لغتها الرسمية، ملغيا العربية في الإدارة والثقافة والمخاطبات، بل بلغ التشويه لتاريخها أقصى مداه حين حرف اسمها العربي”.

ويوثق الزباخ تكليفهُ من رئيسِ الجمهورية الراحل سعيد محمد جوهر بـ”مهمة شاقة وسامية”، موردا: “كدت أن أدفع حياتي ثمنا لتحقيقها، وهي العمل على قبول جزر القمر عضوا في جامعة الدول العربية”، وزاد: “لقد بعث (الرئيس) ثلاث رسائل لأمين عامّ جامعة الدول العربية السيد أحمد عصمت عبد المجيد عن طريق سفيره بالقاهرة السيد إبراهيم عبد الله، يطلب فيها قبول جزر القمر عضوا في الجامعة، ولكن قال لي بحسرة دامعة إنه لم يتلقّ أي موافقة، ويرجو مني العمل على تحقيق هذه الأمنية”.

من هنا وجد مصطفى الزباخ سبيلَ تحقيق هذا المسعى في عقد مؤتمر دولي سنة 1992 بعنوان “المؤتمر الدولي للثقافة الإسلامية”، أخذَ منه تحضيره سنتين من الأسفار والإعداد والتنظيم، وافتُتح بحضور المدير العام للإيسسكو آنذاك عبد العزيز التويجري، من المملكة العربية السعودية، وقال في هذا الصدد: “قُدمت خلاله مباحث حول الأصول العربية للثقافة وللغة وللعائلات وللأدب القمري، واختتم بتوصيات أُرفقت مع هذه البحوث، ومع رسالة من رئيس الجمهورية، حملها ممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية بالمؤتمر مصطفى الشكعة، وقادت إلى قبول ‘جزر القمر’ عضوا رسميا في ‘جامعة الدول العربية’ عام 1993”.

هذا الاعتراف نتج عنه تهديد الزباخ بالقتل، وهو ما أخبر به مدير الإيسيسكو الذي دعاه إلى تولي مديرية بمقر الإيسيسكو بالمغرب، بعد موافقة رئيس الجمهورية، في جو يقول فيه الكاتب: “كنا مهددين بالمرتزق بوب دينار (…) الذي كان يصول ويهدد بالقتل كل من دعا إلى التحرر من هيمنة فرنسا، فلقد قتل الرئيس الأول علي صالح، وقتل الرئيس الثاني أحمد عبد الله عبد الرحمان، ورجع لقتل الرئيس الثالث سعيد محمد جوهر الذي لم يكتب له النجاح”.

ويعد هذا الكتاب شهادة أيضا على قوة تأثير “الدبلوماسية الثقافية الموازية”، ونجاحها في ما لم تستطعهُ السياسة، ومن بين ما يوثّقه إنجازات في المجال التربوي، من بينها: “وضع كتب مدرسية للغة العربية والتربية الإسلامية التي أصبحت لأول مرة في تاريخها تعرف كتبا مدرسية مستندة إلى المعايير التربوية والثقافية والاجتماعية واللغوية، ومستمدة من البيئة القمرية”؛ كما جرى “تكوين أساتذة للغة العربية بالمدرسة العليا للأساتذة (مفوني) تكوينا حديثا على استخدام التقنيات التربوية والطرق البيداغوجية في التدريس، مع تكوينهم في مناهج البحث الجامعي”، وكان من مخرجاتها “عدد كبير من البحوث في الحضارة والثقافة والآداب العربية بجزر القمر”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا