صادق مجلس إدارة المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، المنعقد اليوم الأربعاء بالرباط في دورته الثالثة والثلاثين، على خطة العمل العلمية والميزانية المرصودة لسنة 2026، وذلك خلال اجتماع ترأسته زكية دريوش، كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، المكلفة بالصيد البحري.
وتأتي هذه الدورة في سياق وطني ودولي يتسم بتحديات مناخية وبيئية متزايدة، مما يضع البحث العلمي في قلب معادلة استدامة الموارد البحرية وضمان الأمن الغذائي.
وشكلت هذه الدورة مناسبة لإعادة التأكيد على الموقع المحوري الذي يشغله المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري كقاطرة علمية لتنمية قطاع الصيد البحري، حيث تم التشديد على ضرورة تعزيز صمود “الاقتصاد الأزرق” الوطني أمام التغيرات المناخية التي باتت تؤثر بشكل ملموس على النظم الإيكولوجية البحرية، وعلى مخزونات الثروة السمكية، وكذا على أنشطة تربية الأحياء المائية.
وفي هذا الصدد، يواصل المعهد تكريس جهوده لضمان استغلال رشيد ومستدام للموارد البحرية، معتمدا على تعزيز قدراته العلمية والتقنية لمواكبة هذه التحولات المتسارعة.
وكشف المعهد عن خطة عمل طموحة لسنة 2026، تتوزع على عشرة برامج ومشاريع بحثية كبرى، تهدف بالأساس إلى تكثيف عمليات الرصد والمراقبة العلمية في عرض البحر وعلى طول السواحل الوطنية.
وبلغة الأرقام، تترجم هذه الخطة الطموحة إلى برمجة ما يناهز 1320 يوما من الحملات المحيطية المكرسة لتقييم المخزونات السمكية وسبر أغوار النظم البيئية البحرية. وبالموازاة مع العمل في أعالي البحار، سيتم تعزيز المراقبة الساحلية الدقيقة عبر تنفيذ 490 حملة لأخذ العينات، تغطي شبكة واسعة مكونة من 142 محطة رصد ممتدة على طول الشريط الساحلي للمملكة لضمان تتبع شامل للمؤشرات البيئية.
كما يولي المخطط أهمية بالغة لقطاع تربية الأحياء المائية، حيث يهدف إلى توسيع وعاء المناطق الإنتاجية عبر تصنيف ثماني مناطق جديدة لتربية الصدفيات، مع الحرص على استدامة المراقبة الصحية والبيئية لـ 40 منطقة مصنفة سلفا.
ويركز المعهد أيضا على تعميق الدراسات الأوقيانوغرافية لفهم أدق للديناميات المناخية وتأثيرها المباشر على الثروة السمكية. كما لم يغفل المخطط الجديد جانب الابتكار، حيث أولى أهمية قصوى للبحث والتطوير (R&D) في مجالي تثمين المنتجات البحرية وتربية الأحياء المائية.
ويسعى المعهد من خلال مشاريع مبتكرة إلى تنويع العرض في قطاع تربية الأحياء المائية، وتطوير منتجات بحرية “محولة” ذات قيمة مضافة عالية، مما يسهم في خلق فرص استثمارية جديدة ودعم الصناعات التحويلية في القطاع.
وبالموازاة مع العمل الميداني، يفتح المخطط آفاقا واعدة على مستوى التدبير المؤسساتي من خلال وضع خارطة طريق لترسيخ “الحكامة الجيدة”، حيث تتضمن الخطة استثمارات هامة لتعزيز وسائل البحث العلمي، تشمل تطوير البنيات التحتية واقتناء تجهيزات علمية متطورة، لا سيما في مختبرات علم المحيطات وتثمين المنتجات.
وفي كلمتها التوجيهية، شددت زكية دريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، على أهمية “العمل المشترك والتآزر” بين مختلف الفاعلين في القطاع لمواجهة التحديات الراهنة، داعية إلى ضرورة الاستثمار الجريء في التكنولوجيات المتقدمة، معتبرة إياها السبيل الأمثل لضمان مراقبة دقيقة للمحيطات وتدبير مستدام للثروات البحرية الوطنية.
واختتم المجلس أشغاله بتنويه أعضائه بالمجهودات المبذولة من طرف أطر وباحثي المعهد، داعين المؤسسة إلى مواصلة إشعاعها العلمي وتعزيز التواصل لنشر المعرفة العلمية بما يخدم مصلحة القطاع والاقتصاد الوطني.
المصدر:
العمق