آخر الأخبار

فيلم "الماديون" .. كوميديا ناعمة تُنعش أمل العزاب الذين فاتهم القطار

شارك

طال زمن العزوبية وفشلت الحلول التقليدية، فالحاجة أم الاختراع، والخيال يولد الحلول:

تدير البطلة دكان كاستينغ زواج، تنظم لقاءات بين الرجال والنساء، كان لهذا السلوك اسم قاسٍ في الزمن القديم، جمّلته الرأسمالية وصنفته كـ”علاقات عامة”. (فيلم Materialists – 2-7-2025 – للمخرجة الأمريكية الكورية سييلين سونغ)

المكان مثالي بفضل الطعام وفرص الحب، الرجال مثاليون: وسيمون أغنياء يدفعون بسخاء لتدارك ما ضاع، لذلك فالطاولات مزدحمة والصحون مملوءة. عندما تشبع البطن البشرية تقول للرأس: غنّ. هذه هندسة سردية عضوية متجذرة في الفضاء الذي تتحرك فيه نساء يبحثن عن أزواج تتوفر فيهم شروط عالية. المصيبة: تتوفر هذه الشروط في دون جوان فقط (زير نساء عاشق)، لكنه لا يخطط للزواج، يريد أكل الحلوى مرة واحدة ويهرب من القفص الذهبي.

تُعقد عشاءات رومانسية على طاولة العزاب. تُعقد حفلات ورقصات لترتيب لقاءات يُفترض أن تتطور. كل فرد يبحث ويصطاد. يُفترض أن يتغير مصير بعض الحاضرين. لا يظهر الوجه الآخر لهذا الفضاء المثالي. لا يظهر البؤساء الذين يطبخون ويحضّرون هذه الموائد في مطابخ تحت أرضية. ماذا لو كان الحبيب المثالي مع الذين يكدحون في الطابق السفلي؟

من هم زبائن شركة البحث عن الأزواج؟ ما سنَن سوسيولوجيا الرومانسية؟

إحصائيا وسوسيولوجيا، وبما أن ثلثي حالات الزواج تنتهي بالطلاق، فالطلب سيتزايد على مثل هذه الشركات “العلاقات العامة العاطفية”. يجري سباق وتنافس مرير للحصول على الرجل المثالي: الثري والوسيم. وبعد الحصول عليه ينتصب السؤال: هل يناسب القلب؟

يأتي الخائفون من الوحدة إلى طاولة العزاب بحثًا عن شريك. ما يبدو أنه سباق عشوائي يتحدد بشروط. بسبب الخوف من الوحدة، هناك نساء في الأربعين مستقلات اقتصاديًا يبحثن عن أزواج. تبحث المرأة عن رجل قوامه فوق 170 سم، ويبحث الرجل عن امرأة عمرها أقل من 27 سنة. نظريًا، لا تغازل المرأة رجلاً وهي أطول منه… لكن النساء يتحركن تحت ضغط ساعتهن البيولوجية. ما كلفة جمال النساء الشابات؟ كلفة عالية. في الفراش يتفوق مقياس الجسد الفتي على مقاييس الثروة والتعليم والطبقة.

ما شكل العلاقة بين الرجل والمرأة؟ الزواج موضوع سينمائي. هذا موضوع لا يُستنفَد في ملايين الحكايات… التلصص بلاء بشري. كيف يمكن تصوير فيلم كوميدي دون الكثير من الضجيج؟

تسرد الصور لتحرر الأفواه من عبء الشرح والتفسير. فيلم كوميدي فيه الكثير من لحظات الصمت. حين يسكت الممثل، يشعر المشاهد الثرثار بالفراغ… مشاهد ثرثار لا يتحمل الصمت في فيلم كوميدي غير ثرثار. كوميديا ناعمة غير لاذعة. لا تلتقي الرومانسية والسخرية الشديدة في السيناريو. تنزع الأولى إلى المثالية والتعالي، وتنزلق الثانية إلى التدرج نحو التنقيص. اختار المخرج الرومانسية فنَقَص من عمق وعنف الكوميديا.

يعشق المشاهدون متابعة الحياة الحميمة على الشاشة. هذه الحقيقة عابرة للطبقات وللإنسانية، هذا ما يسمح للسينما بأن تكون عابرة للثقافات.

كانت البطلة موهوبة في ربط العلاقة بين العزاب رجالًا ونساءً لكنها وحيدة. لديها خياران: رجل أعمال ونادل. واحد على طاولة العزاب وآخر تحت الأرض يعرق في المطبخ. ألف وباء. هذه تنجو. الطموح المتواضع صمام أمان. أما تلك الزبونة التي تَخطُ في خانات كثيرة في لائحة اختيار الرجال فتتعرض للأذى.

هذا مصير من يبحث عن الكمال. هذا سرد لتشخيص الوهم بغرض كشفه.

وهي تسعى لتزويج الآخرين، تكتشف البطلة وهمها وشقاءها. ماذا تريد هي؟ أية مفارقة. هل فاقد الشيء يُعطيه؟

بعدها تترك الأخريات لتركز على نفسها. من هنا تبدأ رحلة البحث عن الحقيقة، حقيقتها لا حقيقة زبوناتها. الحقيقة هي معارضة الوهم والخطأ.

هنا التقت بطلة الفيلم بالرجل المثالي… في الصباح لاحظت المرأة المحظوظة أن في جسد الرجل النائم بجوارها ندوبًا قديمة..

تتوقع النساء المال والحب، يَعِدُ الرجال النساءَ بالحب والمال. يقدم الزبائن معلومات مغلوطة عنهم لتلميع ذواتهم للحصول على فرص. وهذا التزييف يهدد مستقبل الوكالة.

تبدأ مشاكل الرجال العزاب في سن الأربعين، وتبدأ مشاكل البنات العازبات بعد سن السابعة والعشرين… ما العمل؟

يقدم اقتصاد السوق حلاً يجعل الزواج يخضع لقوانين الاقتصاد بدل الدين والأخلاق… بينما تبحث البطلة عن حل لمشاكل زبوناتها تكتشف أن فاقد الشيء لا يعطيه. تكتشف حيرتها. للقلب كيمياء غير قابلة للتفسير.

أحبك.

منذ متى؟

منذ رأيتك تدفع الفاتورة.

هكذا صار الزواج في زمن قانون السوق، صار خاضعًا للعرض والطلب. كان هذا عرضًا وطلَبًا بلا غشاء أخلاقي أو ديني يصونه ويجمّله.

بين الحيرة والحب من ينتصر؟ ما أصعب الاختيار بين العواطف والأمان الاقتصادي. في القلب أحلام وفي الواقع عقبات، كيف يتقدم الفرد في هذه المفارقات؟

بينما تخضع العلاقات الاجتماعية لقوانين اقتصاد السوق. يعلن الفيلم: لم ينته الحب في هذا العالم. هذه خلاصة تبث الأمل.

يخرج المشاهد بالكثير من الأسئلة. النهاية ذات اللمسة الآسيوية غير مقنعة، مقارنة بين القرار ونمط عيش البطلة… ومن يزعم الإقناع؟

كيمياء القلب لا تُفسَّر حسابيًا.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا