أكد المنصف المرزوقي، الرئيس التونسي الأسبق، الجمعة، أن القرار الأممي رقم 2797، الذي يرسّخ الحكم الذاتي حلا وحيدا للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، “يشكّل انهيارا لسرديتين للنظام الجزائري”.
وأشار المرزوقي، مُجيبا عن سؤال “أية آفاق لعودة مشروع الاتحاد المغاربي؟” ضمن الندوة الافتتاحية للمحور الثالث لسلسلة الندوات الفكرية والسياسية التي ينظمها حزب جبهة القوى الديمقراطية حول “علاقات المغرب مع جيرانه”، إلى أن منطق “الواقعية السياسية”، الذي تحلّت به الجزائر في تصويتها على قرار مجلس الأمن الأخير حول غزة، “ينبغي أن تلتزمه كذلك في ملف القضية الوطنية المغربية”.
وقال الرئيس التونسي الأسبق إن “السردية الأولى تتمثل في كون القضية هي بين طرفين: المملكة والبوليساريو”، مُوصحا أن “القرار الأممي يؤكد، بكل وضوح، أن ثمة أربعة أطراف؛ هي، بالإضافة إلى الطرفين المذكورين، الجزائر وموريتانيا”.
وبخصوص السردية الثانية، قال المتحدث في الندوة سالفة الذكر إنها “التي تدفع بأن قضية الصحراء المغربية قضية استعمار”، مُؤكدا أنها “سردية فارغة (..) وقد انتهت في عقول الناس، منذ عقود من الزمن، ولكنها اليوم، بموجب القرار رقم 2797، تنتهي رسميا في مجلس الأمن”. وزاد أنه “يقول للجزائر كفوا عن الضحك على الناس”.
وعدّ المرزوقي أن “الحل بسيط: الصحراويون لديهم وطن صغير هو الحكم الذاتي؛ والوطن الكبير هو المملكة المغربية، فالوطن الأكبر وهو الفضاء المغاربي”.
أكد المنصف المرزوقي أن “السياسة التي انتهجها النظام الجزائري طريق لا يؤدي إلى شيء؛ وهذا أمر قلناه للجزائرين منذ البداية”، موضحا أنها “أدت إلى مستنقع للجزائر، والغريب هو أنه رغم كافة المستجدات ما زالوا يواصلون (النظام الجزائري)”.
وقد أبرز أول رئيس تونسي منتخب بعد “ثورة الياسمين” تكاليف خمسين سنة من التعنت الجزائري في ملف الصحراء المغربية، لافتا إلى أن “الصحراويين المحتجزين في تندوف هم رهائن، ومعاناتاهم تنتقل من جيل إلى جيل”، متسائلا: “ما المستقبل الذي نعدُ به هؤلاء؟”.
الثمن كذلك “دفعه الشعبان الجزائري والمغربي؛ فلو تمّ تخصيص كل الموارد المالية التي عبأتها الجزائر للبوليساريو في تمويل مستشفياتها لساهم ذلك في تحسين عيش الجزائريين”، وفق المتحدث في الندوة سالفة الذكر.
وفي ظل رفع البلدين الجزائر والمغرب، عبر قوانين المالية للسنوات الأخيرة، من ميزانياتهما للتسليح، قال السياسي التونسي البارز: “أخشى أن يورطنا هؤلاء الناس (النظام الجزائري) بسياستهم الحمقاء”.
وأكد المرزوقي أن السياسة الجزائرية في ملف الصحراء المغربية يتحمّل عواقبها كافة المغاربيين؛ “فالتونسيون، كذلك، دفعوا الثمن.. فمثلا تونس تمتلك صناعة مهمة؛ ولكن لا يمكن تصريفها لسوق من عشرة ملايين نسمة”.
وشدد الرئيس التونسي الأسبق على أن “الثمن بمرور الوقت يواصل الارتفاع”، مُشيرا في هذا الصدد إلى رفض طلب الجزائر الانضمام إلى تكتل “بريكس”. وأوضح: “الرفض جاء لأنه قادة بريكس، قالوا للجزائريين “لا تجيبونا” قضية الصحراء ولا نريد هذا الموضوع”.
لدى تطرقه إلى أفق مشروع الاتحاد المغاربي في ظل الواقع والتطورات سالفة الذكر، خاطب المرزوقي النظام الجزائري: “لماذا صوتم لصالح القرار الأممي الأخير بشأن غزة” رغم دعوة فصائل المقاومة إلى مقاطعته وما ظلّ النظام الجزائري يروجه من مواقف في هذا الصدد.
وأجاب موضحا: “لأنكم فهمتموم الواقعية السياسية (..)؛ تأقلمتم مع ترامب”، مضيفا: “لماذا لا تقوموا بالأمر ذاته، مع أشقائكم وأبناء عمومتكم المغاربة”.
وعزا انتصار الدبلوماسية المغربية في ملف الصحراء إلى “كونها مزجت ما بين الذكاء والقدرة والمهنية، وفي الآن نفسه الدفاع عن قضية حقيقية وواقعية الأسس؛ ففي السياسة لا يمكن أن تنجح إن كنت تناضل عن قضية فارغة”.
وخلص الرئيس التونسي الأسبق إلى أن “النظام الجزائري إما سيُغيّر (من سياسته) أو سيتيغَيَّر”. وتابع:”هذه مسألة وقت، خصوصا أن هذا النظام يمضي في طريق مسدود”.
المصدر:
هسبريس