بدايةً لأسبوعٍ يرفع شعار “الاحتفاء بقوة السّرد، والتبادل الثقافي، والشجاعة الإبداعية”، انطلق مهرجان الدوحة السينمائي 2025، مساء الخميس، وسط حضور مهني لافت ركّز على “الأعمال الجديدة وأساليب الإنتاج المتحوّلة”، فيما سجل نقاد أنّ المزاج العام للفعالية يميل إلى “اختبار أشكال سردية أقل امتثالا للمعايير التقليدية وأكثر انشغالا بأسئلة الواقع والحقيقة استنادا إلى أجوبة السينما الحرّة”.
وأثناء انطلاق أشغال المهرجان بالحي الثقافي كتارا، سلّمت الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة الدوحة للأفلام، “جائزة التميّز الفني” لكلّ من الفنان السوري جمال سليمان والممثلة الإيرانية غولشفتي فرهاني، وهي بمثابة اعتراف “لشخصيات تواصل الارتقاء بالفن وإلهام أجيال المبدعين”، كما تكرّم، وفق المنظمين، “الإلهامات الفنية المتميزة بمختلف أشكالها”.
شددت فاطمة حسن الرميحي، مديرة المهرجان الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الدوحة للأفلام، على أن “مهرجان الدوحة السينمائي يدعم التعبير الفني عبر مختلف الوسائل والمنصات، ويمنح مساحات للالتقاء والتبادل والاحتفال بجمال الفن وصنّاعه”، معبرة عن فخرها بأن تقدم هذه النسخة مجموعة من الأفلام التي تحمل “قضايا وقصصا إنسانية لمجتمعات تناضل وتكافح من أجل حياة كريمة”.
وقالت الرميحي في كلمتها الافتتاحية للمهرجان: “إذا كان المطلوب التقيد بالقواعد والقبول بالمتاح، ماذا لو خرجنا عن المعتاد وكنا نحن الاستثناء؟ إذا كانت المعايير تُقاس بما هو ترند، ماذا لو رجعنا لمبدعين مختلفين ومغمورين وصنعنا مبادرين ومؤثرين؟”، وأضافت: “اليوم تُطرح الكثير من الأسئلة المصيرية حول صناعة السينما والجدوى من الفنون، وحتى أسئلة وجودية حولنا كبشر ومدى فعاليتنا أمام تطور التكنولوجيا الكاسح”.
وتابعت المسؤولة الثقافية القطرية قائلة: “أمام كل هذه التساؤلات، ماذا لو عدنا 15 سنك إلى الوراء حين انطلقت مؤسسة الدوحة للأفلام برؤية تقدّر الناس على اختلاف خلفياتهم وثقافاتهم وتعمل على تمكين المبدعين وإيصال قصصهم إلى العالم؟ فلكل صوت قيمة في هذه الحياة مهما كان مهمشا أو مقموعا”.
واعتبرت المتحدثة أن “المؤسسة تحولت خلال هذه السنوات الخمس عشرة إلى شريان حياة لصناع الأفلام في منطقتنا وفي مختلف أنحاء العالم”، وأردفت: “لم نكن الأوائل في هذه المنطقة، ولكن (…) كرسنا صناعة السينما. رؤيتنا واضحة، وهي الاستثمار في الإنسان. في هذه الأمسية، وبينما نتأمل 15 سنة من عمل المؤسسة، إننا لا نحتفي بالإنجازات فحسب بل نحتفي بما هو مقبل”.
أشار عبد الله جاسم المسلم، رئيس الشؤون الإدارية بمؤسسة الدوحة للأفلام، إلى أن مهرجان هذا العام يقدم “97 فيلما من 62 بلدا، من بينها 49 عرضا أول في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، مضيفا أن المسابقة الدولية للأفلام الطويلة “تضم 13 فيلما بأصوات سينمائية واعدة ومؤثرة، بدءا من المواهب الصاعدة والناشئة، وصولا إلى المخرجين المتمرسين الحائزين على جوائز”.
وأوضح جاسم المسلم أن المسابقة الدولية للأفلام القصيرة، التي تضم 20 فيلما، “تعتمد لغة سينمائية تعبر عن رؤية جديدة وطرق مبتكرة لرؤية العالم والسينما ورؤية أنفسنا”، موردا أن برنامج “صنع في قطر” يعود مع “10 أفلام قصيرة تجسد الإبداع الفني وتلامس الواقع المحلي”، مشيرا إلى مسابقة “أجيال” التي “تستقبل أكثر من 150 حكما تتراوح أعمارهم بين 16 و25 سنة ليعيشوا تجربة سينمائية استثنائية”.
وأضاف رئيس الشؤون الإدارية في المؤسسة القطرية سالفة الذكر أنه من خلال العرض الشامل الذي يقدم بالشراكة مع كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حمد بن خليفة، سوف تضمن الجهة المنظمة أن يتمكن الأشخاص ضعاف السمع والبصر “من خوض تجربة سينمائية حقيقية والاستمتاع بها”.
كما لفت إلى أنه بمناسبة العام الثقافي قطر-الأرجنتين، سيعرض المهرجان “مجموعة مختارة من الأفلام القصيرة التي تظهر قوة القصص المؤثرة على الربط بين الثقافات المختلفة”، مفيدا بأن الجلسات الحوارية “تستضيف أبرز الأصوات الثقافية والفنية والإعلامية في عالمنا اليوم، لتذكرنا بأهمية كسر الصمت عبر الحوار وضرورة إيجاد قواعد مشتركة بيننا مع التأكيد على الاحترام وحق الاختلاف”.
وانطلق “العرس السينمائي” بفيلم “صوت هند رجب” للمخرجة التونسية كوثر بن هنية. ويتضمن “الشريط الافتتاحي” تسجيلات حقيقية لمكالمات الطوارئ مع أداء تمثيلي لإعادة تجسيد اللحظات الأخيرة للطفلة الفلسطينية البريئة هند رجب التي “هزّ صوتها ضمير العالم”، وأكدت الجهة المنظمة أن اختيار هذا الفيلم لافتتاح المهرجان يأتي ليكرس ما وُصفَ بأنه “التزام مستمر للارتقاء بالأصوات التي تُعلي صوت الحقيقة وتُلهم التعاطف”.
المصدر:
هسبريس