آخر الأخبار

حقوقيات يستعجلن تعديل "مدونة الأسرة" للانسجام مع الواقع الجديد

شارك

قالت جمعيات ناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة في المغرب إن “ورش مراجعة مدوّنة الأسرة بات يفرض نفسه بإلحاح أكبر على الأجندة التشريعية”، معتبرة أنّ “عدم الحسم فيه خلال الولاية الحكومية الحالية سيُدخل الملف في دائرة الانتظار من جديد”، ومؤكدة أنّ “الحكومة التي أشرفت على المشاورات مطالبة اليوم بترجمة الخلاصات إلى نص قانوني واضح يضع حداً لسنوات من المطالبة بإصلاح شامل يمسّ مختلف الجوانب المرتبطة بحقوق النساء والأطفال”.

وأضافت الجمعيات ذاتها لهسبريس أنّ “التحولات الاجتماعية التي يعرفها المغرب تفرض تحديثاً عميقاً للمدوّنة، لكون العديد من مقتضياتها لم تعد منسجمة مع الواقع الأسري الراهن”، مشيرة إلى أنّ “استمرار العمل بالنص الحالي يفاقم هشاشة الفئات الضعيفة ويُنتج اختلالات مسطرية وقضائية ضارّة بالعدالة الأسرية”، كما شددت على أنّ “تنزيل الإصلاح في هذه المرحلة سيُعدّ خطوة حاسمة في مسار تعزيز المساواة والإنصاف”.

وكان وزير العدل عبد اللطيف وهبي تمنى قبل أيام بمجلس النواب أن تسلك مدوَّنة الأسرة مسطرتها التشريعية قريبا، مؤكدا أن هذا النص يعرف في الظرفية الراهنة “نقاشات كثيرة”، وسط “اتهامات مباشرة” له بكونه “يمنح امتيازات كبيرة لصالح المرأة بموجب النص، ويبحث عن مستويات مثالية مطلقة لا وجود لها في الواقع”.

“ضرورة مجتمعية”

سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، أكدت أنه “بات من الضروري، وبشكل استعجالي، إخراج الصيغة المعدّلة من مشروع مراجعة مدوّنة الأسرة، خاصة بعدما قطع هذا الورش خطوات مهمة، ولم يعد هناك أي نقاش عمومي واضح حول مآلاته، ونحن على مشارف نهاية الولاية الحكومية والتشريعية الحالية”، مضيفة أنّ “التأخّر الحاصل يطرح أسئلة حقيقية حول الإرادة في استكمال هذا الإصلاح الذي ينتظره المجتمع منذ إعلان مراجعة المدونة”.

وأوضحت موحيا في تصريح لهسبريس أنّ “الجرأة في الطرح والمعالجة أصبحت أمراً حتمياً، لأن المراجعة اليوم ليست ترفاً حقوقياً، بل ضرورة لإزالة اختلالات وُثّقت ميدانياً وقضائياً”، مشددة على أن “العديد من الحالات التي تتوصل بها الجمعيات تُظهر حجم الثغرات القانونية التي تدفع الفئات الهشّة، وعلى رأسها النساء والأطفال، ثمنها يومياً”.

وقالت رئيسة الفيدرالية سالفة الذكر إن “هذا الورش ليس معزولاً عن مسار إصلاحي أوسع حقق فيه المغرب منجزات مهمة في مجالات متعددة، وتم التعامل معها بجرأة ومسؤولية وطنية”، موردة أنّ “استمرار تردد مشروع مراجعة المدونة يتناقض مع هذا المسار الإصلاحي، ويخلق فجوة بين النصوص القانونية والواقع الاجتماعي المتحوّل الذي يتطلب حماية أوسع للحقوق والحريات”.

وأكدت الفاعلة النسائية نفسها أنّ “الجميع مطالب بتحمّل المسؤولية في إخراج الصيغة النهائية للمشروع، انسجاماً مع الالتزامات الدستورية وانتظارات الحركة النسائية والحقوقية المغربية، وكذا العديد من العائلات المتضررة”، مبرزةً أنّ “الفيدرالية، ومعها بقية الديناميات التّرافعية، ستواصل المناداة بنص عادل ومنصف يضمن إصلاح شاملا وجريئا ينتصر للمساواة والكرامة والعدالة لجميع المواطنات والمواطنين”.

“طابع استعجالي”

بشرى عبدو، رئيسة جمعية التحدي والمساواة، قالت إنّه “من الضروري أن يرى مشروع مراجعة مدوّنة الأسرة النور خلال الولاية الحالية، لأن الحكومة التي أشرفت على المشاورات الموسّعة يجب أن تسعى في منحى إخراج خلاصاتها إلى حيّز التشريع”، مضيفةً أنّ “هذا النص محوري لكونه يتضمّن أجوبة طال انتظارها لسنوات طويلة من ترافع الجمعيات الحقوقية”.

وأوضحت عبدو لهسبريس أنّ “هذا الورش ليس عادياً، بل يحمل طابعاً استعجالياً يُلامس قضايا مجتمعية حارقة، مثل حماية الأطفال، وضمان حقوق النساء، ومعالجة الاختلالات القضائية والاقتصادية التي تُضعف الأسرة المغربية”، مضيفةً أنّ “المزيد من التأخير سوف يفاقم معاناة العديد من المواطنات والمواطنين الذين يجدون أنفسهم أمام نصوص لم تعد قادرة على مواكبة التحولات التي يعيشها المجتمع”.

وأشارت الفاعلة الحقوقية ذاتها إلى أنّ “المرحلة الراهنة لا تسمح بالتردّد أو الإرجاء، خصوصاً بعد الجهود الكبيرة التي بُذلت في جمع المعطيات والاستماع للفاعلين والمجتمع المدني”، مردفةً بأنّ “المغرب راكم خلال السنوات الأخيرة إصلاحات مهمة في مجالات مختلفة، ولا يمكن أن يظل ورش مدوّنة الأسرة متوقفاً رغم كونه من الأوراش الأشدّ ارتباطاً بالاستقرار الاجتماعي وحماية الحقوق الأساسية داخل الأسرة”.

وأكدت المصرّحة نفسها أنّه “من المهم استثمار ما تحقق من توافقات وتوصيات، والعمل الفوري على بلورة مشروع متقدّم يضمن العدالة والإنصاف لجميع الأطراف”، مشدّدةً على أنّ الحركة النسائية “منخرطة بقوة في مواكبة هذا الورش من أجل الوصول إلى مدوّنة تعكس حقيقة التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي، وتضمن حماية فعليّة للنساء والأطفال، وتؤسس لعدالة أسرية أكثر إنصافاً وتوازناً”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا