تتجه الأنظار مجددا نحو المحكمة الابتدائية بمدينة تارجيست، التي حددت يوم 12 نونبر الجاري موعدا جديدا لمواصلة النظر في القضية التي تتابع فيها البرلمانية السابقة ونائبة رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، رفيعة المنصوري، ضد البرلماني السابق ورئيس الفريق الاستقلالي السابق بمجلس النواب، نور الدين مضيان، بتهمة التشهير والمس بالحياة الخاصة.
وتتابع النيابة العامة بالمحكمة نفسها نور الدين مضيان في حالة سراح، حيث يُتابع بتهم تتعلق بـ”السب والقذف في حق امرأة بسبب جنسها، والتهديد بارتكاب أفعال اعتداء، وبث أقوال وادعاءات كاذبة بقصد التشهير”.ومن المقرر أن يحضر الشهود لجلسة 12 نونبر الجاري للإدلاء بأقوالهم، وفق أكدت ذلك مصادر مطلعة لجريدة “العمق”.
القضية، التي اندلعت شرارتها عقب تسريب تسجيل صوتي نُسب إلى مضيان وتضمن عبارات واتهامات وُصفت بـ”الخطيرة” في حق المنصوري، ما زالت تثير تفاعلات سياسية داخل حزب الاستقلال وتطرح أسئلة حادة حول حدود الخطاب الداخلي والمسؤولية الأخلاقية لقياداته.
إقرأ أيضا: تطورات جديدة في قضية مضيان والمنصوري.. ابتدائية تارجيست تؤجل المحاكمة وتستدعي الشهود
ورغم الطابع الحساس للقضية، سجل مضيان غيابه عن أكثر من جلسة دون تقديم مبرر رسمي، وهو ما دفع هيئة الحكم إلى إصدار أوامر باستدعاء ثلاثة شهود تحت طائلة الغرامة، بإشراف من النيابة العامة، قصد توضيح معطيات الملف. وقد قررت المحكمة تأجيل النظر إلى 12 نونبر الجاري، وسط ترقب كبير لما إذا كان مضيان سيحضر الجلسة المقبلة أم سيستمر في الغياب.
القضية أخذت بعدا إضافيا بانضمام الجمعية المغربية لحقوق الضحايا كطرف مدني، معتبرة أن تصريحات مضيان تمس بكرامة المرأة وبحقوقها داخل الفضاء السياسي، وتندرج ضمن ما تصفه الجمعية بـ”العنف الرمزي” الذي تتعرض له النساء في مواقع المسؤولية.
وتؤكد مصادر مقربة من المنصوري أن الأخيرة ماضية في مسارها القضائي “من منطلق الدفاع عن كرامتها وحقها في الإنصاف”، بينما يلتزم مضيان الصمت ولم يصدر عنه أي تعليق رسمي منذ بداية المسطرة، في وقت يكتفي فيه مقربون منه بالقول إن القضية “ذات خلفيات تنظيمية وسياسية أكثر من كونها شخصية”.
القضية أثارت أيضا نقاشا واسعا داخل الأوساط الحزبية حول تداعياتها على صورة حزب الاستقلال الذي يحرص على تقديم نفسه كقوة سياسية تاريخية متشبعة بقيم الأخلاق والنزاهة، خاصة أن الطرفين المعنيين ينتميان إلى نفس التنظيم ويشغلان مواقع وازنة داخله.
ومع اقتراب جلسة 12 نونبر، يتساءل مراقبون ما إذا كان مضيان سيكسر صمته ويقرر المثول أمام هيئة الحكم للدفاع عن نفسه، أم سيواصل الغياب عن الجلسات، في قضية أصبحت تمتحن توازن العلاقة بين السياسة والقضاء، وتعيد إلى الواجهة سؤال الحصانة والمسؤولية الأخلاقية في الممارسة السياسية.
في انتظار ما ستسفر عنه الجلسة المقبلة، يبقى الملف مفتوحا على جميع الاحتمالات، بين من يرى فيه محطة لإعادة الاعتبار لضحايا التشهير والعنف المعنوي داخل الساحة السياسية، ومن يعتبره امتدادا لصراعات داخلية تعصف بأحد أقدم الأحزاب المغربية.
في غضون ذلك، أكدت مصادر مطلعة على سير الملف، أن دخول الجمعية المغربية لحقوق الضحايا على خط القضية يهدف إلى التصدي للممارسات التي تحول دون التمكين السياسي للنساء، وتعرقل مساراتهن، في تناقض تام مع القوانين الوطنية والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب. وشددت على أن بعض السياسيين ما زالوا يلجؤون إلى أساليب التشهير والضغط لتصفية حسابات داخلية أو لإقصاء النساء من مراكز القرار.
وأشارت المصادر إلى أن الاستمرار في الترافع حول هذه القضية ضروري لتفعيل القوانين الوطنية المتعلقة بمناهضة العنف السياسي والتمييز ضد النساء، مؤكدة أن المنصوري تعتبر أن الحل الوحيد هو الاحتكام إلى القضاء، وترفض أي محاولات للمصالحة أو تقديم اعتذار لا يرقى إلى مستوى الضرر الذي لحق بها وبعائلتها.
المصدر:
العمق