يعكس تصويت مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم الجمعة، على قرار يدعم مفاوضات حلّ قضية الصحراء المغربية على أساس مبادرة الحكم الذاتي، تتويجا لجهود دبلوماسية متواصلة ومقاربة سياسية قائمة على الحوار والتوافق الدولي.
وقد جاءت تصريحات الممثلين الدائمين للدول الأعضاء التي صوتت لصالح القرار في هذه الهيئة الأممية مشيدةً باعتماد هذا القرار التاريخي، ومؤكدة الالتزام الجماعي بدفع العملية السياسية قدما، كاشفة عن إدراك ووعي المنتظم الدولي بأهمية تثبيت الحلول السلمية وتأكيد الحلول الواقعية التي تراعي مصالح جميع الأطراف، وبالتالي تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والجهوي والعالمي.
في هذا الصدد، قال مايك والتز، ممثل الولايات المتحدة الأمريكية، في كلمة له بعد جلسة التصويت، إن بلاده “ترحب بهذا التصويت التاريخي الذي يدعم الزخم الحالي لتحقيق سلام طال انتظاره كثيرا في الصحراء”، مشيدا في الوقت ذاته بجهود المبعوث الأممي إلى الصحراء في دعم تحقيق الأمن والازدهار في المنطقة، وكذا بجهود بعثة المينورسو في دعم جهود دي ميستورا بغية الوصول إلى حل يرضي الأطراف.
وأضاف: “نعبر عن امتناننا لتفاعل المجلس البنّاء مع هذا القرار، وأشكر كل الأعضاء الحاضرين الذين ساهموا في دراسة مشروع القرار. وقد بذلنا جهدا مستداما ومخلصا لكي نأخذ في الحسبان اقتراحات الجميع التي كانت كثيرة”.
وشدد الدبلوماسي ذاته على أن الولايات المتحدة الأمريكية، تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، عاقدة العزم على “دعم السلام، وملتزمة بتسوية هذا النزاع والتوصل إلى حل مقبول من الطرفين. ولهذا نحث الأطراف على استغلال الأسابيع المقبلة والجلوس إلى طاولة الحوار على أساس المقترح المغربي الواقعي كحلّ وحيد دائم وعادل”، مسترسلا: “السلام الإقليمي يمكن أن يتحقق هذا العام، وسنبذل كل الجهود من أجل ذلك”.
من جهته، قال جيروم بونافون، مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة، في كلمة له، إن “هذا القرار الذي نشيد به يعد ثمرة عمل مفتوح، ونشكر الولايات المتحدة صاحبة القلم على جهودها في التوصل إلى نص متوازن يراعي مختلف طلبات الوفود”، مبرزا أن “مجلس الأمن قرر اليوم أن يتحرك من أجل التنصيص على ولاية واضحة للمبعوث الشخصي لاستئناف العملية السياسية بدعم من المجلس”.
وزاد: “من أجل ذلك، ندعو الأطراف إلى الانخراط منذ الآن من أجل الجلوس إلى طاولة المفاوضات. ونحن نعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء يقعان في إطار السيادة المغربية، وندعم خطة الحكم الذاتي دعما راسخا باعتبارها السبيل الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم لهذا النزاع”.
وشدد المتحدث ذاته على ضرورة “الاستفادة من هذا الزخم ومن النجاح الجماعي الذي حققه مجلس الأمن باعتماده لهذا القرار”، مضيفا: “نؤمن بأن الحل السياسي المقبول من الطرفين ممكن، فالزخم السياسي موجود، وآن الأوان للمضي قدما في مسار التسوية. ندعو المبعوث الشخصي لعقد اجتماع للأطراف في أقرب الآجال من أجل التوصل إلى تسوية نهائية”.
وخلص مندوب فرنسا إلى أن “مجلس الأمن اتبع نهجا جديدا بتبنيه لهذا القرار، وهو تشجيع العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة؛ ذلك أن احترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة سيسمح بتجديد الجهود من أجل السلام. وندعو في هذا الإطار إلى وقف الأعمال العدائية، ونعتبر أن القرار الجديد يرسم أفقا جديدا للسلام، وندعو كذلك الأطراف إلى أن ينطلقوا بعزم وشجاعة في مسار المفاوضات التي ستؤدي إلى إنهاء هذا النزاع الطويل لصالح شعوب ودول المنطقة”.
من جهته، قال السفير جيمس كاريوكي، القائم بأعمال المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة، في كلمة له، إن “المملكة المتحدة ترحب باعتماد هذا القرار، كما ترحب بالقيادة الأمريكية في إعداد هذا النص الذي يمثل خطوة نحو حلٍّ سياسي عادل ودائم. إنها بداية عملية لإيجاد حل مقبول من الطرفين، وليست نهايتها”.
وتابع: “نثني على عمل المبعوث الشخصي ستافان دي ميستورا، ونأمل من خلال جهوده أن نشهد فصلا جديدا في العملية السياسية. ونحث الأطراف على الانخراط بحسن نية وبروح من التفاهم والتسوية في المفاوضات التي تُجرى تحت رعايته”.
ورحب الدبلوماسي ذاته بتأكيد القرار على مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007، والتي “تعتبرها المملكة المتحدة الأساس الأكثر مصداقية وواقعية وبراغماتية للتوصل إلى حل. ونتطلع إلى رؤية الجهود المغربية الرامية إلى تطوير هذه المبادرة، إلى جانب المقترحات البنّاءة التي قد تقدمها الأطراف الأخرى في هذا الإطار”.
وأشار السفير جيمس كاريوكي إلى تطلع بلاده إلى “الاطلاع على المراجعة الاستراتيجية لبعثة المينورسو ودعم تطورها بما يتماشى مع العملية السياسية”، مشددا على أن “الأوان حان لإنهاء هذا النزاع المستمر منذ خمسين عاما”، مؤكدا “التزام المملكة المتحدة بمواصلة العمل الوثيق مع جميع الأطراف خلال العام المقبل لتحقيق هذا الهدف”.
المصدر:
هسبريس