قال الملك محمد السادس، مساء اليوم الجمعة، إن المغرب سيقوم بتحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي، وسيقدمها للأمم المتحدة، لتشكل الأساس الوحيد للتفاوض، باعتبارها الحل الواقعي والقابل للتطبيق.
جاء ذلك بعدما صوت مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم الجمعة، على مشروع قرار أمريكي وُصف بـ”التاريخي” لصالح مغربية الصحراء، حيث حظي بتأييد ساحق من 11 دولة، بينما امتنعت 3 دول عن التصويت (روسيا والصين وباكستان)، وامتنعت الجزائر عن المشاركة في التصويت، في حين لم يعترض أي عضو على القرار.
وأوضح الملك في خطاب استثنائي وجهه إلى الأمة بمناسبة قرار مجلس الأمن حول الصحراء المغربية، أن المغرب دخل مرحلة الحسم على المستوى الأممي، حيث حدد قرار مجلس الأمن المبادئ والمرتكزات، الكفيلة بإيجاد حل سياسي نهائي لهذا النزاع، في إطار حقوق المغرب المشروعة.
وأضاف: “إننا نعيش مرحلة فاصلة، ومنعطفا حاسما في تاريخ المغرب الحديث. فهناك ما قبل 31 أكتوبر 2025، وهناك ما بعده. لقد حان وقت المغرب الموحد من طنجة إلى الكويرة، الذي لن يتطاول أحد على حقوقه وعلى حدوده التاريخية”.
وأشار الملك محمد السادس إلى أن ثلثي الدول بالأمم المتحدة، أصبحت تعتبر مبادرة الحكم الذاتي هي الإطار الوحيد لحل هذا النزاع.
وأبرز أن الاعتراف بالسيادة الاقتصادية للمملكة على الأقاليم الجنوبية، عرف تزايدا كبيرا، بعد قرارات القوى الاقتصادية الكبرى، كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وروسيا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، بتشجيع الاستثمارات والمبادلات التجارية مع هذه الأقاليم.
ويرى الملك أن الاعتراف بالسيادة الاقتصادية للمملكة على الأقاليم الجنوبية، يؤهلها لتصبح قطبا للتنمية والاستقرار، ومحورا اقتصاديا في محيطها الجهوي، بما في ذلك منطقة الساحل والصحراء.
وتابع قوله: “لا يفوتنا هنا، أن نتقدم بعبارات الشكر والتقدير، لجميع الدول التي ساهمت في هذا التغيير، بمواقفها البناءة، ومساعيها الدؤوبة، في سبيل نصرة الحق المشروع.
وأردف قائلا: “أخص بالذكر الولايات المتحدة الأمريكية، بقيادة صديقنا فخامة الرئيس دونالد ترامب، الذي مكنت جهوده من فتح الطريق للوصول إلى الحل النهائي لهذا النزاع”.
كما شكر الملك “أصدقاءنا في بريطانيا وإسبانيا، وخاصة في فرنسا، على جهودهم من أجل نجاح هذا المسار السلمي”، متوجها بالشكر، أيضا، لكل الدول العربية والإفريقية التي ما فتئت تعبر عن دعمها الدائم واللامشروط لمغربية الصحراء، ومختلف الدول عبر العالم التي تدعم مبادرة الحكم الذاتي.
وحصلت جريدة “العمق” من مصادر دبلوماسية موثوقة على النسخة النهائية لمشروع القرار رقم 2797 الذي صادق عليه مجلس الأمن الدولي بخصوص قضية الصحراء المغربية.
وتكشف وثيقة القرار التي صاغتها الولايات المتحدة، عن تحول تاريخي وحاسم في موقف الهيئة الأممية، يضع بشكل لا لبس فيه مقترح الحكم الذاتي المغربي كأساس وحيد للمفاوضات، ويفتح الباب أمام محادثات مباشرة تستضيفها واشنطن.
وبحسب الوثيقة التي حصلت “العمق” على نسخة منها، فإن القرار الجديد يمدد ولاية بعثة المينورسو حتى 31 أكتوبر 2026، يتجاوز الصيغ السابقة ليعلن بوضوح أن المفاوضات يجب أن تنطلق “باتخاذ مقترح الحكم الذاتي المغربي أساسا لها”.
ويؤكد مشروع القرار بشكل صريح أن “الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يمكن أن يشكل الحل الأكثر قابلية للتطبيق”، وهو ما يعد أقوى إقرار أممي حتى الآن بجدوى وواقعية المبادرة المغربية.
كما يدعو النص الأطراف (المغرب، جبهة البوليساريو، الجزائر، وموريتانيا) إلى الانخراط في هذه المفاوضات “بدون شروط مسبقة”، ويرحب بأي “اقتراحات بناءة” تقدمها الأطراف “ردا على مقترح الحكم الذاتي”، مما يرسخ المبادرة المغربية كنقطة انطلاق ومرجعية لأي حل مستقبلي.
ويكشف مشروع القرار عن تطور دبلوماسي بارز، حيث يعرب عن تقديره “لاستعداد الولايات المتحدة الأمريكية لاستضافة مفاوضات” لدعم جهود المبعوث الشخصي ستافان دي ميستورا، حيث تظهر هذه الفقرة لأول مرة بهذا الوضوح، تؤكد الانخراط الأمريكي المباشر لدفع العملية السياسية نحو حل عملي، وتمنح زخما غير مسبوق للمفاوضات المرتقبة.
وفي خطوة تهدف إلى الضغط على الأطراف لتحقيق تقدم ملموس، يطلب القرار من الأمين العام تقديم “مراجعة استراتيجية بشأن الولاية المستقبلية لبعثة المينورسو” في غضون ستة أشهر، مع ربط هذه المراجعة بشكل مباشر بـ”نتائج المفاوضات”.
وتضع هذه الآلية الجديدة سقفا زمنيا ضمنيا، وتشير إلى أن بقاء البعثة الأممية بشكيلها الحالي مرهون بمدى جدية الأطراف في الانخراط في العملية السياسية الجديدة التي حددها المجلس.
وعلى الصعيد الإنساني والميداني، يشدد القرار على أهمية احترام وقف إطلاق النار، معبرا عن قلقه من عدم كفاية تمويل “اللاجئين الصحراويين”، مجددا طلبه “بتسجيل اللاجئين”، وهي إشارة متكررة موجهة إلى الجزائر.
المصدر:
العمق