آخر الأخبار

من التعرف إلى التتبع.. دليل يضمن توحيد جهود التكفل بالطفولة المهاجرة

شارك

أثمرت شراكة رئاسة النيابة العامة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عن دليل مفصل حول “المعايير الإجرائية النموذجية للتكفل بالأطفال في وضعية هجرة بالمغرب”، بهدف “توحيد” تدخلات الفاعلين في مجال حماية هذه الفئة من الأطفال المتنقلين من خلال إجراءات ومعايير واضحة و”مؤشرات قابلة للقياس”.

يستهدف الدليل، الذي طالعت هسبريس نسخة منه قدمت يوم الخميس الماضي بالرباط، “تكريس المصلحة الفضلى للأطفال المهاجرين، وضمان ولوجهم إلى التربية والصحة والحماية الاجتماعية والعدالة، وتوفير شروط وظروف إيواء لائقة ومتكافئة”، وذلك في جميع القرارات المتخذة بشأنهم، طبقا لمبادئ “الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل” التي صادقت عليها المملكة منذ 1993.

من بين المرتكزات والأهداف الأساسية للدليل أيضا، “ضمان إدماج الأطفال في وضعية هجرة عبر تيسير ولوجهم إلى التربية، الرعاية الصحية والاجتماعية، وتعزيز ولوجهم للعدالة”، و”ضمان حصول الأطفال على المعلومات التي تمكنهم من فهم ظروفهم والمشاركة في القرارات التي تخصهم، فضلا عن تحقيق الدعم والتتبع اللازمين لأوضاعهم”.

كما يرتكز المستند ذاته، الذي ساهمت في إعداده كفاءات قانونية وقضائية مغربية ويهدف إلى “الانتقال من مرحلة التوقيع على الاتفاقيات الدولية إلى مرحلة التنفيذ العملي لمبادئها”، على “توفير الحماية للأطفال في جميع مراحل رحلتهم (بلد المنشأ، العبور، المقصد) مع التركيز على حالات الضُّعف، خاصة الأطفال غير المصحوبين بذويهم، أو ضحايا الاتجار بالبشر، أو المنفصلين عن أسرهم”.

ويعد الدليل “وثيقة مرجعية لتوجيه عمل قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم وباقي المتدخلين المعنيين بالمعايير الإجرائية النموذجية (المساعدين الاجتماعيين بالمحاكم، ضباط الشرطة القضائية المكلفين بالأحداث، مهنيي العمل الاجتماعي والصحي والتعليم والتكوين المهني وقطاع الشباب، وكذا أطر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج) عند التعامل مع الأطفال المهاجرين”.

ومن أبرز الفئات المعنية بالمعايير الإجرائية النموذجية، أعضاء جمعيات حماية الطفولة والهجرة والمنظمات غير الحكومية، إلى جانب أعضاء منظمات الأمم المتحدة (اليونيسيف، مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، المنظمة الدولية للهجرة).

“من لحظة التعرف إلى التتبع”

تتيح الإجراءات “تكفلا شاملا ومستداما بدءا من تحديد هوية الطفل وصولا إلى تنفيذ الحل المستدام وتتبع أوضاعه”.

وفي التفاصيل، يشمل مسار التكفل بالطفل في وضعية هجرة سلسلة من المراحل المترابطة التي تهدف إلى ضمان حمايته واحترام حقوقه منذ لحظة التعرف عليه إلى ما بعد إدماجه.

تبدأ هذه المراحل بوصول الطفل إلى المغرب، حيث يتم “التعرف عليه وتحديد هويته بدقة”، يلي ذلك تقديم الدعم والتكفل الفوري لتأمين احتياجاته الأساسية من إيواء ورعاية صحية ونفسية واجتماعية. بعد ذلك، يُجرى تقييم شامل لوضع الطفل لتحديد احتياجاته الخاصة، ثم يُعمل على إدماجه مؤقتا داخل بيئة آمنة تُمكّنه من الاستقرار والمشاركة في أنشطة تربوية واجتماعية ملائمة”.

وفي مرحلة لاحقة، يتم تقييم وضع الطفل وأسرته في بلد الأصل، بهدف تحديد قدرتها على ضمان رعايته وحمايته.

ويُعتمد، استنادا إلى نتائج هذا التقييم، الخيار الأنسب الذي يراعي المصلحة الفضلى للطفل، سواء من خلال اندماجه الدائم في المغرب، أو إعادة إدماجه في بلده الأصلي، أو توجيهه نحو بلد ثالث.

وتُستكمل العملية بتنفيذ الحل المستدام المتوافق عليه، مع ضمان مواكبة الطفل خلال مرحلة الانتقال، تليها مرحلة التتبع والدعم المستمر التي تُعنى بتثبيت استقراره النفسي والاجتماعي وتعزيز إدماجه الفعلي في محيطه الجديد.

التزامٌ مغربي بإطار دولي

تشكل حماية الأطفال في وضعية هجرة بالمغرب منظومة متكاملة تستند إلى إطار مرجعي دولي وآخر وطني، “يضمنان إيلاء المصلحة الفضلى للطفل الاعتبار الأول في جميع الإجراءات والقرارات المتخذة”، وفق الدليل.

على الصعيد الدولي، يستند هذا الإطار إلى محطات أساسية أبرزها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل (1989)، والاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية (2018) المعتمد في مراكش، إضافة إلى وثائق تفسيرية مهمة مثل التعليق العام رقم 14 للجنة حقوق الطفل بشأن إيلاء مصالح الطفل الفضلى الاعتبار الأول (2013). هذه المرجعية الدولية تؤكد ضرورة تمتع الأطفال المهاجرين بالحقوق نفسها التي يتمتع بها الأطفال الآخرون، وحمايتهم من الاحتجاز والتمييز والاستغلال.

وفي المقابل، يستمر المغرب في ترجمة التزاماته الدولية عبر “ترسانة قانونية وسياسية وطنية متينة، تضع حماية هذه الفئة في صلب الأولويات”.

وأورد المستند عينه أن هذه الترسانة يتصدرها الدستور المغربي، الذي يضع أسس الحماية العامة لحقوق الإنسان، مدعوما بقوانين جنائية وإجرائية تهدف إلى تجريم الانتهاكات ومعالجتها، ومنها قانون مكافحة الاتجار بالبشر (27.14). كما يتم تفعيل الحماية عبر إطار سياسي وإداري موجه، يشمل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة (PPIPEM) والاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء (SNIA)، بالإضافة إلى جهود رئاسة النيابة العامة التي انخرطت في مشروع “هجرة وحماية” لترجمة هذه المبادئ إلى إجراءات عملية ملموسة تضبط كيفية معالجة قضايا الأطفال المهاجرين.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا