قال أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، إنه “من المهم الاعتراف بالصعوبات الحقيقية التي يعرفها العالم القروي في الولوج إلى الخدمات الصحية، والمتمثلة في صعوبة التنقل وضعف البنيات التحتية الصحية الحديثة في عدد من الأقاليم، إضافة إلى الخصاص في الموارد البشرية، خصوصا الأطر الطبية المتخصصة”.
وأكّد الوزير خلال مشاركة في جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، اليوم الثلاثاء، أن “هذه التحديات مزمنة وواقعية، لكن التعامل معها يتم اليوم في إطار ورش إصلاح شامل للمنظومة الصحية انطلق منذ 2022، ويهدف إلى تقليص الفوارق المجالية وتحقيق عدالة أكبر في الولوج إلى العلاج”.
وأشار أمين التهراوي، في ردّه على أسئلة تتعلق بتجهيز وعصرنة البنيات التحتية للمراكز الصحية في المناطق القروية، إلى أن “الوزارة نفذت مجموعة من المشاريع على مستوى البنيات التحتية، من أبرزها افتتاح مستشفى القرب بميدار بإقليم دريوش في 2023 الذي يخدم نحو 80 ألف نسمة في منطقة جبلية كانت محرومة من أي عرض صحي، ومستشفى القرب في تالسينت 2024 الذي يوفر خدمات لحوالي 40 ألف نسمة في منطقة قروية معزولة، إضافة إلى مستشفى القرب بأحفير، والمستشفى الإقليمي بتنغير الذي يغطي أكثر من 300 ألف نسمة منذ أوائل 2025”.
وأوضح وزير الصحة والحماية الاجتماعية أن “عدد المشاريع المنجزة من 2022 إلى 2025 بلغ نحو 22 مشروعا، إضافة إلى 24 مشروعا جديدا مبرمجا افتتاحه ابتداء من 2025، معظمه في العالم القروي”، زيادة على “برنامج إعادة تأهيل 1400 مركز صحي، حيث تم تأهيل 1100 مركز حتى هذا الشهر، مع الانطلاق في مرحلة ثانية تشمل 1600 مركز صحي أولي ابتداء من 2026، علما أن 70% من هذه المراكز تقع في العالم القروي”.
وأفاد الوزير بأن “هذه المراكز تستهدف توفير فضاءات استقبال حديثة، تجهيزات بيو-طبية، صيدلية مجهزة، مساحات انتظار لائقة، وربط بالمنظومة الرقمية الوطنية”، مضيفا أن “المجموعات الصحية الترابية تمثل العمود الفقري للحكامة الصحية؛ إذ تجمع تحت هيكلة واحدة المراكز الصحية والمستشفيات الإقليمية والمستشفيات الجامعية، بهدف وضع برامج طبية جهوية وتنظيم العرض الصحي حسب التخصصات والحاجات الترابية، وإعادة توزيع الأطباء والممرضين بشكل أكثر عدلا وفق تدبير جهوي”، مضيفا أن “تجربة نموذجية أطلقت في جهة طنجة تطوان الحسيمة، حيث تضم هذه المجموعة 295 مركزا صحيا و22 مستشفى ومستشفى جامعيا”.
وشدد أمين التهراوي على أن “الوزارة قامت بتنزيل مراسيم جديدة للوظيفة الصحية تهدف إلى تحفيز الأطر الطبية، وتوفير حوافز إضافية للعمل في المناطق النائية، وضمان استقرارهم الوظيفي، وكل هذه التدابير تصب في الهدف النهائي المتمثل في تقليص تنقل المرضى نحو المدن الكبرى، وتخفيف الضغط على المستشفيات الجامعية والإقليمية، وتعزيز التغطية الصحية العادلة، خصوصا في المناطق القروية والنائية”.
وتناولت الأسئلة الشفهية مجموعة من المواضيع حول الوضع الصحي، كأوضاع أقسام المستعجلات، وإعادة تجهيز وعصرنة البنيات التحتية للمراكز الصحية في المناطق القروية، وتعزيز حكامة المنظومة الصحية الوطنية، وارتفاع تكاليف العلاج بالمغرب، وتدهور الخدمات الصحية، والنهوض بأوضاع مهنيي الصحة.
وفي هذا الإطار، قال أمين التهراوي إن “قانون المالية الجديد أكد أن ميزانية القطاع الصحي تحظى بالعناية الملكية والأولية الحكومية”، موضحا أن “الميزانية سترتفع بـ 30 في المئة تقريبا، وهو تحفيز مهم لتسريع وتيرة الإصلاح وتتمة المشاريع المذكورة”.
وفيما يخص “مشكل الحكامة”، أكد التهراوي أن “الطريقة التي اشتغلت بها الوزارة منذ عقود أظهرت محدودية التدبير المركزي للعرض الصحي”، مشددا على أن “الوزارة تراهن على الإصلاح المهم عبر المجموعات الصحية الترابية، باعتبارها جوابا على الاختلالات التي سجلها القطاع الصحي على مستوى التدبير”.
وبخصوص ارتفاع تكاليف العلاج في المغرب، قال الوزير: “من الصعب الحديث عن ارتفاع التكاليف، في ظل غياب الارتفاع في أسعار الأدوية باستثناء بعض الزيادات القليلة والبسيطة، وفي ظل الاشتغال على خفض أسعارها أكثر، بل يمكن التأكيد على ارتفاع كلفة العلاج لدى الدولة عبر تعميم التغطية الصحية الإجبارية التي أدت إلى ولوج أكبر إلى الخدمات الصحية”.
وفي جواب عن سؤال حول النهوض بأوضاع مهنيي الصحة، ذكّر التهراوي بـ”زيادة إجمالية في الأجور تتراوح ما بين 2000 درهم و7000 درهم حسب الفئات، أي بنسبة ما بين زائد 12% و58%، حيث حصل الأطباء والصيادلة وجراحو الأسنان على زيادة وصلت إلى 4405 دراهم صافية، والممرضون وتقنيو الصحة على 1950 درهما، والإداريون على 1750 درهما، والمساعدون التقنيون على 1700 درهم”.
وفيما يخص النقاط الأخرى ذات الطابع المالي، ذكر الوزير أنه “تم رفع قيمة التعويض عن أخطار المهنة بزيادة شهرية صافية قدرها 500 درهم للأطر التمريضية و200 درهم للأطر الإدارية والتقنية، فضلا عن توسيع الاستفادة من هذا التعويض ليشمل الأساتذة الباحثين بالمعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيي الصحة والمدرسة الوطنية للصحة العمومية”.
ولفت التهراوي إلى أنه “تم التوافق حول تحسين شروط الترقي وإقرار مباريات مهنية سنوية، وتخويل سنوات اعتبارية لفائدة بعض أطر الممرضين وتقنيي الصحة، حيث تم إعداد مشروع مرسوم بشأن هذه النقطة وفق مقاربة تشاركية مع مختلف الشركاء الاجتماعيين والقطاعات الوزارية المعنية، وتمت إحالته على مسطرة المصادقة”.
وأكد وزير الصحة أنه “تم احتساب تعويضات الحراسة والإلزامية والمداومة لفائدة مهنيي الصحة وفق الصيغة الأكثر فائدة، من خلال إعداد مشروع مرسوم في هذا الصدد وإحالته على مسطرة المصادقة، وصرف تعويض خاص بالعمل في البرامج الصحية وفق مرسوم بهذا الشأن، وإحالته أيضا على مسطرة المصادقة”.