يعيش قطاع إنتاج دجاج اللحم في المغرب على وقع أزمة عميقة وصفتها الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم بأنها “الأسوأ منذ سنوات”، بسبب ما تعتبره عشوائية في التدبير واحتكارا منظما وغيابا تاما لأجهزة الرقابة.
وأكدت الجمعية في بيان توصلت به جريدة “العمق” أن “اللوبيات المتحكمة في القطاع، الممثلة في الشركات الكبرى، باتت تسيطر على مفاصله بدعم من الفدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن (FISA)، التي تحولت إلى مظلة لحماية مصالحها دون رقيب ولا محاسبة”.
وترى الجمعية أن هذه الوضعية “أفرزت اختلالات هيكلية خطيرة تهدد توازن السوق الوطني”، محملة وزارة الفلاحة والحكومة المغربية كامل المسؤولية عن استمرار هذه الممارسات، بسبب “تجاهلهما المتكرر لتحذيرات المهنيين والمربين منذ فشل العقدة الأولى لمخطط المغرب الأخضر سنة 2011، فيما يخص قطاع الدواجن”.
وأوضح البلاغ أن تكلفة الكتكوت في الظروف العادية “يجب ألا تتجاوز 0.17% من تكلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من الدجاج الحي، كما هو معمول به في الدول الأوروبية التي تراعي القدرة الشرائية لمواطنيها”، إلا أن هذه النسبة “تظل بعيدة المنال في المغرب نتيجة الاحتكار الممنهج والتلاعب غير الشفاف في السوق”.
وأضافت الجمعية أن “الفدرالية وشركاتها التابعة والوسطاء والسماسرة يتلاعبون بالعرض والجودة في ظل غياب تطبيق قانون التتبع رقم 28-07″، مشيرة إلى أن ذلك يكرس حالة الفوضى وضعف الشفافية داخل القطاع.
وذكّرت الجمعية بأنها كانت قد قدمت سنة 2019، خلال المناظرة الوطنية للتاجر بمراكش، مقترحا يقضي بمراجعة الرسوم الجمركية على كتاكيت دجاج اللحم (رمز التعريفة الجمركية 0105119000) بهدف تشجيع المنافسة وخفض كلفة الإنتاج، غير أن الفدرالية البيمهنية اعترضت بشدة على المقترح.
وتابعت الجمعية أنه منذ ذلك الحين عرف السوق “تلاعبا واضحا في الأسعار، حيث يتغير ثمن الكتكوت بين 7 و12 درهما في الأسبوع الواحد، ليتجاوز 14 درهما سنة 2024، رغم أن تكلفته الحقيقية لا تتعدى 3 دراهم”.
وشددت الجمعية على أن هذه الممارسات “تسمح بتحقيق أرباح خيالية وغير أخلاقية لفائدة عدد محدود من الشركات الكبرى، على حساب آلاف المربين الصغار والمستهلك المغربي الذي يتحمل في النهاية كلفة هذا الاحتكار”.
ويأتي هذا التصعيد في سياق احتقان متزايد بين المربين ومؤسسات التسيير القطاعي، حيث يطالب المهنيون بفتح تحقيق رسمي حول آليات تحديد الأسعار، ومراقبة سلاسل الإنتاج والتوزيع، وتفعيل القوانين المنظمة للقطاع، في وقت يستمر فيه ارتفاع الأسعار وضغط التكاليف على الفاعلين الصغار والمتوسطين، مما يجعل دجاج المائدة المغربية رهينة مصالح لوبيات تتحكم في السوق بلا محاسبة.