أعلنت منظمات نسائية مغربية أنها “تساند مقترح القانون تقدم به الفريق الحركي بمجلس النواب يقضي بإضافة جرائم العنف ضد النساء إلى قائمة الجنح المستثناة من أحكام العقوبات البديلة، عبر تغيير وتتميم الفصل 353 من القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة”، مبرزة أن “هذا المقترح يشكل خطوة إيجابية نحو ضمان عدم الإفلات من العقاب في قضايا العنف المبني على النوع”.
وتستثنى من أحكام العقوبات البديلة، بموجب الفصل المذكور في صيغته الحالية، الجنح المتعلقة بجرائم أمن الدولة والإرهاب، والاختلاس أو الغدر أو الرشوة أو استغلال النفوذ أو تبديد الأموال العمومية، وكذا جرائم غسل الأموال، والجرائم العسكرية، والاتجار بالمؤثرات العقلية، والاتجار بالأعضاء البشرية، والاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة.
وأوردت التنظيمات النسائية لهسبريس أن “إرساء التعديل سوف يعكس وعيا متزايدا بخطورة هذه الجرائم وآثارها النفسية والاجتماعية على الضحايا”، مضيفة أن “استثناء جرائم العنف ضد النساء من العقوبات البديلة يسهم في تعزيز الردع، ويبعث برسالة واضحة بأن المجتمع والمؤسسات التشريعية لا يتساهلان مع هذا النوع من الجرائم”.
وشددت الجهات ذاتها على “ضرورة مواكبة هذا التعديل التشريعي بسياسات وقائية وإجراءات حمائية فعالة، تضمن حماية النساء ضحايا العنف، وتمكينهن من سبل الانتصاف والعدالة”، داعية الحكومة إلى تبني المقترح وقبوله وتسريع المصادقة عليه وتوسيعه ليشمل جميع أشكال العنف القائم على النوع، لتأكيد “الإرادة السياسية بتوفير حماية قانونية حقيقية للنساء”.
سميرة موحيا، رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء، قالت إن “إضافة جرائم العنف ضد النساء إلى قائمة الجنح المستثناة من أحكام العقوبات البديلة ما تزال مطلبا ملحّا تجمع عليه الحركة النسائية والحقوقية في المغرب”، معتبرة أن تحقيق هذا المطلب من شأنه أن يشكّل “خطوة حقيقية نحو تكريس الحماية القانونية للنساء، وتعزيز المجهودات المبذولة في مواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعي”.
وأضافت موحيا، ضمن تصريح لهسبريس، أن “العقوبات البديلة يجب ألا تُطبّق على الجرائم التي تمس السلامة الجسدية والنفسية للنساء، لما في ذلك من خطر مباشر على الضحايا، ولما يشكّله من رسالة سلبية للمجتمع توحي بأن العنف ضد النساء يمكن أن يكون جريمة قابلة للتسوية بالغرامة أو أي عقوبة بديلة تفرغ العقوبة من بعدها الزجري والردعي”.
وأشارت الفاعلة الحقوقية عينها إلى أن “الواقع أظهر حالات يستغل فيها المعتدون وجود العقوبات البديلة للضغط على الضحايا، بل يصل الأمر أحيانا إلى تهديد النساء بأنهم قادرون على شراء العقوبة الحبسية بمبالغ مالية كغرامة بديلة، وهو ما يخلق حالة من الترهيب وفقدان الثقة في العدالة، ويكرّس استمرار دائرة العنف والإفلات من العقاب”.
وأجملت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء قائلة إن “هذا المطلب لا ينفصل عن مشروع أوسع لإصلاح العدالة الجنائية من منظور النوع، يدمج المقتضيات الزجرية مع التدابير الوقائية والتحسيسية، ويكرّس حق النساء في الإنصاف والحماية، ضمن منظومة قانونية لا تسمح بالتساهل مع العنف أو التفاوض عليه بأي شكل من الأشكال”.
بشرى عبدو، فاعلة حقوقية رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، قالت من جانبها إن مقترح القانون المذكور يعيد الموضوع إلى واجهة النقاش، كي تتغير مقتضيات القانون بعدما دخل حيز التنفيذ وبدأت مجموعة من الأحكام تصدر باسم العقوبات البديلة، معتبرة أن “قضايا العنف ضد النساء يتعين أن تكون مستثناة بوضوح، لكونها في بعض الأحيان دفعت الضحايا إلى الانتحار”.
وأوضحت عبدو، في تصريح لهسبريس، أن “الإبقاء على هذه المقتضيات من شأنه أن يؤدي إلى تكرار الممارسات نفسها التي تم رصدها سابقا، مثل تنازل الضحايا، رغم أن المتهم قد يعاود الاعتداء، وربما بشكل أعنف قد يصل إلى القتل”، مشددة على “أهمية تطبيق العقوبات الزجرية المشددة في هذه القضايا، حتى تكون رادعا حقيقيا وتشكل عبرة للآخرين، ولضمان ألا تُفتح الأبواب مجددا أمام المعتدين”.
وسجلت المتحدثة “تباعدا كبيرا بين الخطاب السياسي الرسمي، الذي يرفع شعار محاربة العنف ضد النساء، والواقع التشريعي الذي لا يرقى إلى مستوى الحماية المطلوبة”، موردة أن “القانون 103.13، رغم ما مثّله من تقدم نسبي، لا يزال يعاني من ثغرات قانونية وإجرائية تحدّ من فعاليته، لا سيما في ما يتعلق بتدابير الوقاية والحماية الفورية للضحايا”.
وتابعت الفاعلة الحقوقية: “أما مشروع العقوبات البديلة، فبدل أن يكون أداة لتخفيف العبء على المؤسسات السجنية وتحقيق العدالة الإصلاحية، فإنه قد يُوظف بشكل خطير في قضايا العنف ضد النساء، ما يفتح الباب أمام إفلات الجناة من العقاب ويقوّض مبدأ الردع”، خالصة إلى أن “النضال من أجل تحقيق مساواة حقيقية وشاملة في النصوص التشريعية لا يزال ضروريا وملحّا، ليس فقط لتعديل مقتضيات قوانين جزئية، بل لإحداث تحول عميق في المنظومة القانونية ككل”.