سجل الاقتصاد الوطني نموا بنسبة %5,5 خلال الفصل الثاني من عام 2025، محققا بذلك أعلى وتيرة له منذ مرحلة التعافي ما بعد جائحة كوفيد-19، وفق ما أوردته مذكرة الظرفية الاقتصادية للفصل الثاني والتوقعات للفصلين الثالث والرابع الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط -تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منها”.
وأوضحت المذكرة أن هذا الأداء جاء بفضل انتعاش شامل شمل معظم فروع النشاط الاقتصادي، خاصة الصناعات التحويلية والاستخراجية وقطاع البناء والإيواء، التي وفرت ما يقرب من 40% من النمو الإجمالي.
كما ساهم تحسن توجه الطلب الداخلي بنسبة %9,2 في دعم النشاط الاقتصادي، بدفع من ارتفاع ثقة الأسر وزيادة نفقاتها الاستهلاكية بنسبة %5,1 مقارنة بـ%4,4 في الفصل السابق.
وأشارت المندوبية إلى أن الاستثمار واصل تقدمه بنسبة %12,6، مدفوعا بتحسن نفقات التجهيز لدى الشركات غير المالية وتنامي الاستثمارات العمومية، إضافة إلى تراجع تكلفة الاقتراض واستمرار انخفاض أسعار استيراد سلع التجهيز الصناعي.
كما لفتت المذكرة إلى أن الصادرات شهدت ارتفاعا فاق التوقعات بنسبة %8,5 مقابل %2,2 في الفصل الأول، بينما ارتفعت واردات السلع والخدمات بنسبة %15,7. ومع ذلك، ساعد تحسن شروط التبادل التجاري وارتفاع سعر الصرف في تخفيف أثر هذه الواردات على التوسع الاقتصادي.
وعلى مستوى سوق الشغل، رافق هذا النمو تحسن معتدل، إذ ارتفع التوظيف المؤدى عنه بنسبة %1,4 على أساس سنوي، مقارنة بـ%3,4 في الفصل الأول، في ظل توجه الشركات في قطاعي الخدمات والصناعة إلى رفع إنتاجية العمل بدل التوظيف الجديد بسبب ارتفاع التكاليف الأجرية، خاصة للمستخدمين بالحد الأدنى للأجور.
أما بالنسبة للنصف الثاني من عام 2025، فتتوقع المذكرة استمرار مرحلة التنامي للاقتصاد الوطني، مع نمو مقدر بـ %4,3 في الفصل الثالث و%4,7 في الفصل الرابع على أساس سنوي، دون أن يؤدي هذا الأداء إلى ضغوط كبيرة على الأسعار، إذ يُتوقع أن يظل التضخم الكامن أقل من %2.
وأوضحت المذكرة أن الطلب الخارجي سيشهد تطورا إيجابيا خلال الفصل الرابع، مدفوعا بالتخفيف التدريجي لأسعار الفائدة في أوروبا والولايات المتحدة.
وأضافت أن الطلب الداخلي سيستفيد من تحسن القدرة الشرائية للأسر نتيجة رفع الأجور والمكاسب الضريبية، مما يدعم نمو الاستهلاك إلى %4,4 خلال الفصل الرابع.
كما ستواصل الخدمات دعمها للنمو بنسبة %4,7، بينما ستشهد الصناعة بعض التسارع، وسيرتفع مساهمة قطاع البناء في النمو الإجمالي إلى 0,4 نقطة، وفق المصدر ذاته.
إلى ذلك، أوضحت المندوبية أن السيناريو المعتمد للنصف الثاني من سنة 2025 يرتكز على المعطيات المتوفرة إلى حدود 2 أكتوبر، أنه يظل معرضا لمخاطر تميل إجمالا نحو الانخفاض.
وأفادت بأن التوقعات لا تأخذ في الاعتبار تداعيات تغير محتمل في استراتيجية المقاولات المصدرة، التي قد تفضل اللجوء إلى تصريف مخزوناتها بوتيرة مكثفة عوضا عن تعزيز وتيرة الإنتاج، في ظل تأخر ارتداد السياسة النقدية على الطلب الداخلي على مستوى الأسواق الشريكة، وتحديدا في أوروبا والولايات المتحدة.
في المقابل، تبرز عوامل إيجابية قد تفضي إلى تحسن ملموس في آفاق القطاع الثانوي. حيث من غير المستبعد ان تكون الصادرات الصناعية أكثر دينامية من المتوقع، بتحفيز من التأثيرات المنتظرة لدخول آلية تعديل الكربون على الحدود (MACF) حيز التنفيذ، اعتبارا من فبراير 2026.
وقد يسهم هذا التطور في تسريع وتيرة نمو الصادرات الإجمالية من السلع خلال الفصل الأخير من عام 2025، دون أن يحدث تأثير إزاحة مهم على الواردات، حيث تعد القطاعات الكيماوية والكهربائية وصناعات التجهيز الأكثر ترجيحا للاستفادة من هذه الدينامية، وفق المصدر ذاته.