يرتقب أن يعطي الملك محمد السادس، مساء اليوم الإثنين، انطلاقة تشغيل مصنع جديد تابع لمجموعة “Safran” العالمية المتخصصة في الصناعات الجوية، بالمنطقة الصناعية بالنواصر قرب الدار البيضاء، في إطار زيارة ملكية مخصصة لتدشين مشاريع اقتصادية وتنموية تعكس الدينامية الصناعية التي تعرفها المملكة.
ويشكل هذا الافتتاح المرتقب تجسيدا ملموسا لرصانة الاستقرار السياسي والاقتصادي للمغرب، ويؤكد في الآن ذاته على قوة النموذج الصناعي الوطني ومتانة بنيته التكنولوجية المتقدمة، إذ لا يعد هذا المشروع إنجازا تقنيا فحسب، بل يمثل تحولا نوعيا في المشهد الصناعي الوطني، ويعكس الرؤية المتبصرة ااملك محمد السادس، الذي جعل من التصنيع وتنمية الكفاءات والانفتاح على الاقتصاد العالمي ركائز أساسية في مسار التنمية الوطنية.
ويعد تصنيع محركات الطائرات ذروة التعقيد الصناعي، إذ يعتمد على أربع ركائز أساسية: الدقة المتناهية، والموثوقية العالية المطابقة لأرقى معايير السلامة، واستعمال مواد متطورة تمزج بين البحث العلمي والهندسة المتقدمة، إلى جانب اعتماد عمليات تصنيع معقدة ومتطورة للغاية.
وتعكس هذه الركائز نقلة نوعية في المستوى التكنولوجي الذي بلغه المغرب، كما تؤكد نضجه الصناعي وقدرته على الانخراط الفعلي في سلاسل القيمة العالمية لصناعة الطيران.
ويكتسي هذا المشروع بعدا استراتيجيا مزدوجا، تقنيا واقتصاديا، فهو من جهة يعزز مصداقية العرض التكنولوجي المغربي، ومن جهة أخرى يجسد رؤية الدولة في جعل الصناعة رافعة للنمو وفرص الشغل، لا سيما لفائدة الشباب المنخرط في المهن التكنولوجية الدقيقة.
ويتيح هذا الإنجاز توحيد الفخر الوطني بمناسبة إطلاق مشروع ذي قيمة مضافة عالية، كما يبرز الدور المتنامي للكفاءات المغربية في القطاعات المتقدمة، ويسلط الضوء على نجاعة السياسات العمومية التي مهدت لظهور منظومة صناعية جوية متكاملة، تعتمد على الابتكار وتطوير الرأسمال البشري.
ويستند هذا الاستثمار إلى عناصر مادية تشمل البنية التحتية الحديثة، وتكاليف الإنتاج التنافسية، واليد العاملة المؤهلة، إلى جانب عناصر غير مادية ترتبط بمناخ الثقة، والرؤية الاستراتيجية، والاستقرار المؤسسي والسياسي. وهي كلها مقومات رسخها الملك محمد السادس، في إطار مشروع وطني يجعل من التصنيع والابتكار رافعتين للتنمية المستدامة.
ومن الناحية الاستراتيجية، يشكل هذا المصنع الجديد خطوة إضافية في ترسيخ مكانة المغرب داخل المنظومة العالمية لصناعة الطيران، حيث ينضم بفضله إلى نخبة محدودة من الدول القادرة على تصنيع وتجميع محركات الطائرات، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وألمانيا، وبولندا، وفرنسا.
ويؤكد اختيار مجموعة “Safran” للمغرب كموقع لإقامة هذا المشروع المتطور على ثقة الشركاء الدوليين في المقومات البنيوية للمملكة، والتي تشمل استقرارها السياسي، وإطارها القانوني المتين، وبنيتها التحتية الصناعية المتطورة، فضلاً عن كفاءة مواردها البشرية وقدرتها على التعامل مع التقنيات الدقيقة والمعقدة.
ومن خلال هذه الخطوة، تجدد المجموعة الفرنسية اعترافها بقدرة الكفاءات المغربية على الإبداع والإتقان في المجالات التقنية الرفيعة، وتؤكد أن المغرب لم يعد يقدّم فقط يدا عاملة ماهرة، بل يسهم بخبرة رصينة وذكاء صناعي معترف به عالميا.
كما يجسد مشروع “Safran” بشكل كامل الرؤية الملكية الداعمة لتشغيل الشباب وتثمين الرأسمال البشري، من خلال تحويل التكوين التقني والعلمي إلى فرص صناعية ملموسة على أرض الواقع؛ وهو ما يجعل من هذا المصنع الجديد أكثر من مجرد مشروع استثماري، بل رمزا لمرحلة جديدة من نضج التجربة الصناعية المغربية، التي تضع الابتكار والكفاءة والإتقان في صميم مسارها نحو الريادة الإقليمية والدولية.