آخر الأخبار

استخدام الذكاء الاصطناعي في العلاجات النفسية يطرح أسئلة الأمان والثقة

شارك

أوضحت منصة “The African Exponent”، في بيانات لها، أن نحو 6.54% من سكان المغرب يعانون من اضطرابات اكتئابية، ما يجعل المملكة تحتل المرتبة الثالثة في القارة الإفريقية بعد تونس وليسوتو من حيث انتشار هذه الاضطرابات سنة 2025، فيما أفادت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، في إحصائيات سابقة، بأن حوالي 17% من المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية.

الذكاء والصحة النفسية

بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، الذي يُخلّده العالم سنويا في 10 أكتوبر، تتجه الأنظار نحو أهمية تعزيز الصحة النفسية وسبل تطوير الدعم المقدم للأفراد، ويأتي النقاش هذا العام بالتركيز على دور الابتكار التكنولوجي والذكاء الاصطناعي في هذا المجال.

ويرى متتبعو الشأن الصحي أن الذكاء الاصطناعي يمثّل أداة واعدة لتشخيص الاضطرابات النفسية وتسهيل متابعة العلاج، بالإضافة إلى الاستعانة به في تقديم الدعم النفسي الفعال، بما يسهم في تحسين رفاهية الأفراد وتقليص نسب الاضطرابات النفسية في المغرب.

ومع ذلك، يثير الاعتماد على التقنيات الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، مجموعة من التساؤلات والتخوّفات حول مدى قدرته على تقديم التشخيص والدعم النفسي بشكل موثوق، فضلا عن المخاطر المحتملة المتعلقة بحماية خصوصية المرضى الذين يستعينون به في علاجهم.

الإنسان قبل التقنية

إبراهيم الحسناوي، اختصاصي نفسي ومعالج إكلينيكي، قال إن “تشخيص الاضطرابات النفسية يتطلب ما هو أكثر بكثير من مجرد الإجابة على استبيان أو تحليل بعض الكلمات، فهو لقاء إنساني مليء بالاستماع والتفهم والصبر”.

وأضاف الحسناوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هناك تفاصيل دقيقة في لغة الجسد، والصمت، وحتى الدموع أو الضحك، لا يفهمها إلا الإنسان الذي يقابل الإنسان أمامه ويشعر به بكل جوارحه”.

وأكّد المتحدث أن “الدعم النفسي الحقيقي يبدأ من علاقة مبنية على الثقة والقبول والأمان”، مشيرا إلى أن “التطبيقات والأدوات الحديثة يمكن أن تساعد أحيانًا بإعطاء نصيحة أو تمرين، لكنها لا تستطيع أن تمنح الدفء أو الأمل، أو حتى الإصغاء العميق حين يحتاج الإنسان لأن يشعر بأنه ليس وحده في ألمه أو قلقه”.

أما عن خصوصية الشخص في لحظات ضعفه وألمه، فقال الاختصاصي النفسي إنها “أمانة كبرى في قلب كل مهني ومتخصص، ولا شيء يضاهي شعور الأمان الذي يمنحه التواجد الإنساني المشترك، بالحفاظ على أسرار الآخرين بعين تحميهم، لا بشيفرة برمجية أو سياسة خصوصية”.

وختم إبراهيم الحسناوي توضيحاته بالتأكيد على أن “تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون أداة مفيدة لبعض الأمور البسيطة أو الخدمات التكميلية، لكنها لا تعوض أبداً القلب الدافئ والعقل المتفهم والضمير الحي في العمل النفسي والإنساني، لأن الإنسان يظل دائمًا بحاجة إلى إنسان”.

توظيف التكنولوجيا

قال المتخصص النفساني هشام العفو، رئيس رابطة متخصصي الصحة النفسية والعقلية بالمغرب، إن “مجال الصحة النفسية بالمغرب والعالم يشهد تحولات متسارعة بفعل دخول الذكاء الاصطناعي على خط التشخيص والعلاج والدعم النفسي”، موضحا أن “هذه الثورة التكنولوجية يمكن أن تسهم في تطوير الممارسة النفسية وتحسين جودة الخدمات المقدمة إذا ما تم توظيفها في إطار علمي وأخلاقي متوازن”.

وأوضح العفو، في تصريح لهسبريس، أن “الذكاء الاصطناعي مكّن من تطوير أساليب التشخيص المبكر للحالات النفسية، من خلال تحليل المعطيات السلوكية والانفعالية بدقة عالية، كما أتاح للمتخصصين تتبع تطور الحالات المرضية وتوقع الانتكاسات قبل حدوثها”، مشيرا إلى أن “التطبيقات الذكية باتت توفر خدمات نفسية رقمية تسهل الولوج إلى الدعم، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يجدون صعوبة في زيارة العيادات التقليدية”.

وأضاف رئيس رابطة متخصصي الصحة النفسية والعقلية بالمغرب أن “الذكاء الاصطناعي ساهم أيضا في تحسين التكوين والتعليم في المجال النفسي، من خلال التعليم الافتراضي وتبادل الخبرات بين المهنيين عبر المنصات الرقمية”، مبرزا أن “تحليل كميات ضخمة من البيانات يمكن أن يساعد في تقديم مقترحات علاجية دقيقة وسريعة، تدعم عمل المتخصصين وتزيد من فعالية التدخلات النفسية”.

ورغم هذه الإيجابيات، حذر العفو من “مخاطر مهنية وأخلاقية ترافق استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال النفسي، خاصة ما يتعلق بسرية المعطيات وخصوصية المرضى”، مذكّرا بأن “العلاقة الإنسانية بين المعالج والمريض، القائمة على التعاطف والتفاعل الوجداني، تبقى جوهر العملية العلاجية ولا يمكن تعويضها بأنظمة رقمية”، قبل أن يؤكد أن “التحدي الحقيقي اليوم هو تحقيق التوازن بين التطور التكنولوجي والحفاظ على البعد الإنساني في الممارسة النفسية”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا