أكد ديميتري غورين، نائب رئيس المركز الفيدرالي الروسي لتنمية الصادرات الزراعية، أن موسكو تناقش في إطار الاتحاد الاقتصادي الأوراسي توقيع اتفاقيات للتجارة الحرة مع 27 دولة؛ منها 10 بلدان آسيوية و15 دولة في القارة الإفريقية، من بينها المملكة المغربية، حسب ما أفادت به صحيفة “موسكو تايمز”، التي أكدت أن التوافق المبدئي على معايير الاتفاقية هو الآن في مرحلة المشاورات بين وزارة الاقتصاد والتنمية الروسية وبين وزارة الصناعة والتجارة المغربية.
وأوضح المسؤول الروسي ذاته، على هامش مشاركته في الدورة السابعة والعشرين لمعرض الصناعات الزراعية “الخريف الذهبي”، الذي تحتضنه العاصمة موسكو في الفترة ما بين 8 و11 أكتوبر الجاري، أن هناك اهتماما متزايدا من الروس في الوقت الحالي لإبرام اتفاقيات من هذا النوع مع مجموعة من الدول؛ منها المغرب ومصر والهند وإندونيسيا.
تعليقا على ذلك، قال عبد الخالق التهامي، محلل اقتصادي، إن “هناك مجموعة من الدول التي عبرت في السنوات الأخيرة عن رغبتها في توقيع اتفاق للتبادل الحر مع المغرب؛ كروسيا والصين وكوريا الجنوبية وكندا، وغيرها من الدول التي باتت تبحث عن أسواق جديدة ومستقرة لتسويق منتجات مختلف صناعاتها”.
وأكد التهامي، في تصريح لهسبريس، أن “توقيع اتفاقية للتبادل الحر بين الرباط وموسكو سيمكن من تعزيز تدفق السلع والخدمات الروسية إلى السوق المغربية وعبره إلى الأسواق الإفريقية بأسعار تنافسية. وبالمثل سيمكن الصادرات المغربية من التموقع في هذا السوق الأوراسي الواعد”.
وأبرز المحلل الاقتصادي ذاته أن “وجود هذا النوع من الاتفاقية سيمكن الروس من بيع الحبوب إلى المغرب بأسعار تنافس كبار مصدري القمح على الصعيد الأوروبي، كفرنسا مثلا”.
وسجل أن “اتفاقيات التبادل الحر تضم محاور تتعلق أيضا بالاستثمار؛ ما يعني أن وجود اتفاقية من هذا النوع مع روسيا سيشجع المستثمرين الروس على ضخ رؤوس أموالهم في السوق المغربية”، مشددا على أن “المغرب يشتري الحبوب والنفط من روسيا ويصدر الخضر والفواكه ومنتجات أخرى.. وبالتالي، فهناك فرصة كبيرة لتوقيع اتفاقية شاملة رابحة لكلا الطرفين”.
وأوضح رشيد ساري، باحث في الشؤون الاقتصادية الدولية، أن “المبادلات التجارية بين المغرب وروسيا ترقى إلى العلاقات القوية التي تجمع بين البلدين، وبالتالي هناك توجه استراتيجي من موسكو لبناء قاعدة قانونية متينة لتوسيع هذه المبادلات والانفتاح على مختلف الأسواق القارية”.
وشدد ساري، في حديث مع هسبريس، على أن “هناك آفاقا كبيرة لتوسيع التعاون التجاري بين البلدين، خاصة في قطاعات الصيد والنقل البحري، تماشيا مع سعي المغرب إلى تطوير أسطوله البحري وبنيته التحتية المينائية”.
وأشار الباحث في الشؤون الاقتصادية الدولية إلى أن “الرغبة في توقيع اتفاقية للتبادل الحر مع المغرب تعكس رغبة روسية لتوسيع المبادلات التجارية البينية خارج القطاعات التقليدية كالفلاحة لتشمل مجالات أخرى؛ منها صناعة المركبات وصناعات أخرى”.
وأبرز المتحدث عينه أن “الأساس هو ضرورة أن تنبني الاتفاقية على مبدأ رابح-رابح؛ ذلك أن المغرب اليوم لديه أكثر من 56 اتفاقية للتبادل الحر، ويحقق في أغلبها عجزا تجاريا كبيرا”.
وخلص ساري إلى أن “هناك مجموعة من الأمور التي سيتم مناقشتها بين المفاوضين الروس ونظرائهم المغاربة للتوصل إلى صيغة لأية اتفاقية، لعل أبرزها مسألة الدفع، أي هل سيكون هناك تبادل بالعملات المحلية كما هو الحال في النموذج التجاري الروسي-الصيني؟”، مبرزا أن “اتفاق التجارة الحرة مع روسيا سيزيد من قدرة المغرب على مواجهة تقلبات الأسعار العالمية. كما أنه سيشكل إطارا لتعميق العلاقات الثنائية بين البلدين على المستوى السياسي بما يعكس رغبة المغرب في الانفتاح على تنويع شراكاته الدولية خدمة لمصالحه الوطنية”.