آخر الأخبار

تقرير يعدد إكراهات في قطاع الصحة

شارك

وجّه المكتب الوطني للنقابة المستقلة للممرضين تقريرا إلى أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، بخصوص الإشكالات المتكررة التي يواجهها مهنيو الصحة أثناء تأمين عملية نقل المرضى بين المؤسسات الصحية والاستشفائية عبر مختلف مناطق المملكة.

وأوضح التقرير، الذي توصلت به هسبريس، أن النقابة خصّت بالذكر نقل المرضى والحوامل في الحالات الحرجة؛ نظرا لما تتطلبه هذه العمليات من عناية طبية دقيقة، وتجهيزات تقنية متطورة، وتنسيق محكم بين مؤسسات الانطلاق والاستقبال.

وأشارت الوثيقة ذاتها إلى أن هذا الوضع يثقل كاهل الأطر الصحية، التي تؤمّن هذه الخدمة الحيوية في ظل غياب تقدير مادي ومعنوي مستحق، إذ تلجأ الإدارات المحلية والإقليمية والجهوية إلى حلول ترقيعية على حساب حقوق العاملين، تحت ضغط سياسة الأمر الواقع وتهديد المتابعة القانونية في حال الامتناع أو طلب المساندة.

كما انتقدت النقابة المستقلة للممرضين ما اعتبرته تهاونا من قبل المسؤولين المحليين في وضع خطط فعالة لتدبير الحالات الاستعجالية والكوارث، رغم ما تنص عليه الفصول 47 و65 و90 من النظام الداخلي للمستشفيات.

وسجلت النقابة سالفة الذكر عدم احترام عدد من المسؤولين للمذكرات الوزارية المنظمة لعملية النقل بين المستشفيات، وعلى رأسها المذكرة رقم 100/72 بتاريخ 26 فبراير 2001، والمذكرة رقم 16 الصادرة في 25 فبراير 2010 والمتممة بالمذكرة رقم 141 بتاريخ 16 شتنبر 2010، الخاصة بمساطر نقل النساء الحوامل لتلقي العلاجات التوليدية الاستعجالية، فضلا عن المذكرة رقم 2020/20 المرتبطة بإسعاف حالات كوفيد-19.

وأكدت المراسلة أن هذا التراخي في تنزيل التوجيهات الوزارية، إلى جانب ضعف الموارد البشرية، وهشاشة تجهيز سيارات الإسعاف، وارتفاع خطر الحوادث خلال التنقل، يُحوّل ملف النقل الصحي إلى “قنبلة موقوتة”، تتفاقم تبعاتها القانونية والمهنية، حيث يجد الممرضون وتقنيو الصحة أنفسهم في مواجهة المتابعات القضائية بصفتهم الشخصية، نتيجة إخفاقات بنيوية تعود إلى قصور تدبير القطاع الصحي ككل.

وأورد المصدر ذاته أن الفئات الأكثر تضررا من اختلالات النقل الصحي تشمل القابلات والممرضين المتخصصين في التخدير والإنعاش، والمستعجلات والعناية المركزة، والممرضين متعددي التخصصات، إلى جانب العاملين في الصحة النفسية والعقلية، حيث يعاني هؤلاء المهنيون من مشاكل إدارية عديدة؛ أبرزها صعوبة إمضاء أوراق “الأمر بمهمة” خارج أوقات العمل الرسمية، وغياب البروتوكولات العلاجية الممضاة، إضافة إلى عدم إدراجهم في لوائح الحراسة والمداومة، مما يضطرهم لمغادرة مقرات عملهم دون مذكرات رسمية وتحت تهديد المتابعة القانونية، مسجلا تجاوز لساعات العمل القانونية، نتيجة طول المسافات وتأخر المستشفيات المستقبلة في استلام المرضى.

كما استحضرت النقابة ذاتها فرض سياسة الأمر الواقع والضغط على الممرضين المكلفين بالنقل من طرف إدارة المشافي، رغم أن هذه المهام تتطلب كفاءات طبية متخصصة للتعامل مع الحالات الحرجة أثناء التنقل، إلى جانب ضعف التنسيق بين المؤسسات وغياب معايير السلامة والتجهيزات الأساسية عن سيارات الإسعاف، واعتماد سياسة الإصلاح الترقيعي دون دفاتر تحملات أو أحزمة أمان، علاوة استخلاص فواتير نقل غير مشروعة في حالات يُفترض أن تكون مجانية، مما يؤدي إلى احتكاكات مع أسر المرضى وتعريض الأطر الصحية للإهانة والعنف.

وشدد المراسلة على أن الأطر التمريضية المكلفة بالنقل الصحي تواجه مجموعة من الإشكالات القانونية المعقدة التي تزيد من هشاشة وضعهم المهني، من قبيل غياب الوصفات الطبية والإشراف الطبي المباشر أثناء أداء هذه المهام؛ وهو ما يجعل تدخل الممرض محدودا في الحالات الحرجة، نظرا لكونه غير مخول قانونا لوصف الأدوية أو اتخاذ قرارات علاجية آنية حسب تطور الحالة الصحية للمريض.

وأشارت إلى اضطرار الممرضين إلى مرافقة المرضى في سيارات تابعة للجماعات الترابية أو للقطاع الخاص، دون أي سند قانوني، وتحت تهديد المتابعة بتهمة “الامتناع عن تقديم المساعدة لشخص في خطر”، وطائلة القانون الجنائي؛ وهو ما يُعد شكلا من أشكال الترهيب المهني.

كما استحضرت المنشور الوزاري رقم 10.2/DHSA/17 الصادر بتاريخ 1 أكتوبر 2025 الذي يؤكد على ضرورة التقيد بمسطرة régulation médicale (التنظيم الطبي) قبل نقل أي مريض، وشدد على مسؤولية الفرق الطبية في تهيئة المريض وضمان مرافقة شخص مؤهل عند الحاجة، دون تحديد ما إذا كان هذا الشخص طبيبا أو ممرضا.

وفي هذا الصدد، أبرزت النقابة المستقلة للممرضين أن هذا المنشور لم يقدّم أية مستجدات تُذكر، إذ اقتصر على إعادة التذكير بمقتضيات منشورين سابقين لسنتي 2011 و2018، دون معالجة الإشكالات القانونية والمهنية التي يواجهها الممرضون، أو التنصيص على حمايتهم القانونية أثناء أداء مهام النقل. فهذه النقطة الجوهرية ظلت غامضة وغير مذكورة إطلاقا رغم المطالب المتكررة بتوضيحها وتقنينها.

وشددت على أن هذا المنشور لم يعترف بعد بأن النقل الصحي هو في جوهره نقل تمريضي بامتياز، يتطلب كفاءات تمريضية مؤهلة ومسؤولة عن سلامة المريض خلال الرحلة العلاجية؛ وبالتالي، فقد ركّز المنشور على تنظيم عملية النقل وحماية المرضى، لكنه تجاهل كليا حماية الممرضين وتحسين وضعهم القانوني والمهني.

وأكدت النقابة المستقلة للممرضين على ضرورة التجاوب الفعلي مع هذا الإشكال وإصدار نص تنظيمي واضح يحدد مهام ومسؤوليات كل طرف في عملية النقل الصحي والتنصيص على الحماية القانونية للممرضين أثناء مزاولة مهامهم وتحسين تجهيزات سيارات الإسعاف وتوفير الأطر المؤهلة لمواكبة الحالات الحرجة.

كما طالبت بإحداث وحدات متكاملة للنقل الصحي مع اعتماد نظام تعويض خاص يأخذ بعين الاعتبار مخاطر الطرقات وظروف العمل وإشراك النقابة المستقلة للممرضين في المشاورات المتعلقة بالسياسات التنظيمية للنقل الصحي وتنظيم دورات تكوينية متخصصة في النقل الآمن والمسؤولية القانونية للممرضين.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

الأكثر تداولا اسرائيل دونالد ترامب حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا