ضمن فعاليات ثاني أيامه، جمع معرض الفرس بالجديدة عشرات التلاميذ من أقاليم مغربية مختلفة، للتباري على تحويل صفحات بيضاء، عبر الرسم بقلم الرصاص أو بالصباغة، إلى لوحات فنية مبدعة تكثّف علاقة المغاربة بالخيول وفنونهم المرتبطة بها، في إطار مسابقة جائزة الفن للشباب المنظمة بشراكة مع هيئة أبوظبي للتراث.
اختار القائمون على الجائزة “العناية بالخيل” موضوعا لنسختها، خلال الدورة السادسة عشرة لمعرض الفرس بالجديدة، المستمرّة بمركز المعارض محمد السادس، حتى الخامس من أكتوبر الجاري. وعلى غرار النسخ السابقة، يشارك فيها 36 تلميذا من ستة أقاليم مختلفة. وبالإضافة إلى الجديدة، التي تشارك بصفة دائمة، تحضر، هذه السنة، أقاليم بركان وفاس والصخيرات- تمارة والعيون.
وحسب ما التقطته هسبريس، فإن التركيز لدى المتبارين ظلّ في أعلى مستوياته، لا سيّما أن الحيز الزمني للمسابقة لا يتعدى الـ3 ساعات؛ ما يضع المتنافسين تحت ضغط إخراج أفضل نسخة تحاكي الصورة الواقعية أو الأصلية/ المرجع، التي ينظرون إليها بين الفينة والأخرى في إطار الاستئناس وتفادي أي أخطاء قد يخفّض الأسهم لدى أعضاء لجنة التحكيم.
تتدخل سكينة بوصغيرة، إطار بدار الشباب بعمالة الصخيرات-تمارة، من حين إلى آخر، لتنبيه الممثلين إلى زلة حاصلة محتملة لقلم رصاص أو ريشة، أو توجيه ملاحظة لتجويد الاشتغال.
وقالت لهسبريس: “عند معاينة خطأ ما لا أصحح، إذ أكتفي بالتوجيه؛ فيقوم التلميذ/ التلميذة المعني (ة) بما يلزم، حسب تصوره للموضوع الذي يشتغل عليه”.
وشددت بوصغيرة، في حديثها إلينا من داخل فضاء المسابقة، على أنه “لا يمكن أن نفرض على التلميذ المتباري شيئا؛ ففي هذا الصدد، لكل منّا نحن الاثنين، هو وأنا، نظرة وتصور مختلف عن اللوحة التي ينكب عليها”.
وعلى غرار باقي المتنافسين على الجائزة، فإن تلاميذ عمالة الصخيرات- تمارة انتقوا قبلا من ضمن عيّنة سابقة “ضمن نادي الفنون التشكيلية التابعة لدار الشباب، جرى اختيار ستة منهم أبدوا الرغبة في المشاركة ورسم لوحات زميلة. ولما لا معانقة الفوز هم كذلك”.
يمثل كل إقليم ثلاثة تلاميذ في كل فئة من فئتي المسابقة: الرسم بالقلم واستعمال أدوات التخطيط، والطلاء أي التعبير التشكيلي بمادة صباغة الألوان، كما أّكد محمد أصيل، مؤطر وأستاذ بمركز التفتح الفني للتربية والتكوين، التابع للمديرية الإقليمية للتربية الوطنية بفاس.
وأوضح أصيل، متحدّثا لهسبريس، أن “التلاميذ المتبارين الآن ينطلقون من تصور وفكرة حول موضوع الاهتمام والعناية بالخيل، سواء عربيا أو بربريا، مع الحرص على إضافة عناصر الهوية الوطنية اللصيقة بهذا الفن في اللوحة التشكيلية”، أساسا “ما يتعّلق بالأزياء المغربية والسرّج وكل أمور الزينة”.
وبالفعل، تختلف الأفكار التي كانت تبدعها أيادي التلاميذ المشاركين، باللونين الأسود والأبيض كما بباقي للألوان؛ فثمّة من كانت تجسد جمال وتنوع الخيول في المغرب، وأخرى تبرز ارتباط المرأة المغربية بها، وثالثة تجعل في بؤرة الضوء خصوصية الأزياء المستعملة من قبل فرسان التبوريدة، حسب كل منطقة.
وأكد محمد أصيل أن “من ضمن شروط الانتقاء عرض فكرة أولية غير منقولة من وثيقة أو مجلة ومقدّمة كما هي نسخة طبق الأصل”، مضيفا: “شخصيّا، ركزت مع عناصر فريقي على إبداعات وتراكيب جديدة”.
عبد القادر بادو، مؤطر وأستاذ للفنون التشكيلية، قال إن “تدخلاتنا كمؤطرين تبدأ منذ ما بعد عمليات الانتقاء على المستوى الإقليمي، حيث نحرص على توجيه نصائح وتوجيهات إلى التلاميذ المشاركين بضرورة التركيز وعدم الاستسلام لضغط الوقت”، مع توجيه “رسالة متجددة بأن الكل فائز في نهاية المطاف؛ فما دام التلميذ وصل معرض الفرس بعاصمة دكالة فهو رابح”.
أبرز المؤطر بمركز التفتح الفني بالجديدة، الذي يشارك في الفعالية منذ سنة 2008، أن هذه التظاهرة الفنية لا تعد “مسابقة بقدر ما هي فضاء عائلي تتفجّر فيه المواهب المغربية في الرسم. ولذلك، فإن الاستمرارية هي ما يهمنا في نهاية الأمر”، مؤكدا أنها “تشهد التطور سنة عن سنة. وبخصوص هذه النسخة، فإنها تشهد منافسة قوية”.
وشدد على أن “التنوع في الأفكار وطريقة الاشتغال موجود بين التلاميذ المشتركين، وكل تلميذ يترك في لوحته بصمته، التي تؤخذ بعين الاعتبار لدى أعضاء لجنة التحكيم”.
عبد الرحمان بنانا، عضو هيئة التحكيم، أوضح أن “المعايير التي يتم الاحتكام إليها في التقييم من قبل اللجنة، بعد انتهاء الحيز الزمني للمسابقة، تشمل الجمالية ومقومات الموضوع المتطرّق إليه؛ وهل ثمّة توازن أم لا”.
وأضاف بنانا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “العين هي من تحكم في نهاية المطاف”؛ فمعلوم أن المتابع أو الزائر العادي “سيحكم حسب ذوقه، ولكن إذا كنتي ‘متبع ومعلم’ راك عارف آش غادي تأخذ”.
وأوضح الأستاذ بمعهد الفنون الجميلة بالدار البيضاء أن “من هو عالم بالمجال يعرف من سيتوج فائزا؛ لكن من ينظر نظرة عادية، فإنه قد يتعامى عن الأخطاء الموجودة”.
إلى ذلك، يطمح عبد القادر بادو إلى أن يتم رفع عدد التلاميذ المشاركين في المسابقة، ليصبح 12 عن كل إقليم، “بواقع ستة من فئة الرسم بالقلم، وذات العدد من فئة الطلاء”؛
فبحسبه، “في كثير من الأحيان، يتم بموجب العدد المطلوب حاليا إقصاء كثير من المواهب”.