أماط باحثون من جامعة عبد المالك السعدي بتطوان اللثام عن دراسة هي الأولى من نوعها، قدمت صورة دقيقة وشاملة لسوق السيارات المستعملة بالمغرب خلال عام 2024، وذلك عبر بناء قاعدة بيانات ضخمة استندت إلى تحليل أزيد من 101 ألف إعلان بيع على المنصات الرقمية.
الدراسة، التي أنجزها الفريق البحثي المكوّن من السعدية تبارنوست، محمد مغاري، ويوسف زاز، لا تقتصر على كونها مرجعاً إحصائياً، بل تقدم رؤية عميقة لقطاع حيوي يشكل بديلاً اقتصادياً أساسياً للمستهلكين في مواجهة ارتفاع أسعار السيارات الجديدة، كما يمثل محركاً مهماً لتشغيل الآلاف في مجالات البيع والصيانة.
وتكشف بيانات الدراسة أن ديناميكية السوق تتجه بوضوح نحو السيارات الحديثة نسبياً. وتتصدر موديلات عام 2019 قائمة المركبات الأكثر عرضاً للبيع، تليها بفارق بسيط موديلات 2018 و2021. ويشير هذا التوزيع إلى أن جزءاً كبيراً من المعروض في السوق يتكون من سيارات لا يتجاوز عمرها ست سنوات، ما يعكس دورة تجديد سريعة للمركبات لدى المالكين.
وعلى صعيد العلامات التجارية تتربع “فولكسفاغن” الألمانية على عرش السوق كأكثر علامة تجارية تداولاً، مؤكدةً ثقة المستهلك المغربي في الهندسة الألمانية، وتلاحقها في الترتيب العلامتان الفرنسيتان “رونو” و”بيجو”، اللتان تحافظان على شعبيتهما التاريخية. وتكتمل قائمة الخمسة الكبار بحضور لافت لـ”مرسيدس-بنز” في فئة السيارات الفاخرة، و”داسيا” في فئة السيارات الاقتصادية، وهو ما يبرز تنوع الطلب وقدرة السوق على تلبية مختلف احتياجات وميزانيات المشترين.
وتؤكد الدراسة على الدور المحوري الذي يلعبه سوق السيارات المستعملة في الاقتصاد المغربي، حيث يوفر بديلاً ميسور التكلفة للمواطنين أمام ارتفاع أسعار السيارات الجديدة بفعل السياسات الضريبية. كما يساهم القطاع في خلق فرص عمل في مجالات البيع والصيانة والتمويل.
ويمكن للمهنيين في قطاع السيارات، كالتجار والمحللين، الاستفادة من هذه البيانات لوضع إستراتيجيات تسعير وإدارة مخزون أكثر فعالية. ورغم أن الدراسة تقتصر على عام 2024، وقد تكون منحازة للمناطق الحضرية بحكم اعتمادها على المنصات الرقمية، إلا أنها تفتح الباب أمام أبحاث مستقبلية، مثل إجراء تحليلات طويلة الأمد ودمج مؤشرات اقتصادية أخرى لبناء نماذج توقع أكثر تطوراً.