على خلفية حادث اختطاف منقبين موريتانيين والاعتداء عليهم مع مصادرة سيارتهم، من طرف عناصر ميليشيا البوليساريو الانفصالية على مستوى منطقة “المالحات” داخل التراب الموريتاني، أفاد مصدر مطلع جريدة هسبريس الإلكترونية بأن “الجيش الموريتاني حل بالمنطقة بعد اعتصام المنقبين المتضررين من هذه الممارسات للوقوف على طبيعة هذا الحادث الذي واجهته نقابات التعدين الأهلي بالرفض والتنديد”.
وأوضح المصدر ذاته أن “عناصر البوليساريو قامت برمي المنقبين الذين جرى اختطافهم بعد اقتحام خيامهم داخل الحدود الموريتانية في منطقة آحفير، التي تضم سوقا يستغله الصحراويون لبيع المواد المهربة على الحدود مع موريتانيا، قبل أن يتصل المنقبون بزملائهم لنجدتهم، ليعودوا بعدها إلى الاعتصام في مكان الحادث داخل التراب الموريتاني ويتم إخطار الجيش الذي أرسل دورية إلى المنطقة”.
وتابع مصدر هسبريس أن “تدخل الجيش الموريتاني أسفر عن استعادة السيارة المصادرة وتقديم عناصر البوليساريو اعتذارا والتزاما بعدم تكرار مثل هذه الممارسات المستفزة”، مسجلا أن “عناصر البوليساريو بررت فعلتها بكون المنقبين الموريتانيين كانوا ينقبون داخل التراب المتنازع عليه وليس داخل أراضي بلادهم، وهو ما نفاه المنقبون المعنيون”.
وفي تعليق على الموضوع قال مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، القيادي العسكري السابق في جبهة البوليساريو، إن “التمعن في اسم الولاية الشمالية في موريتانيا، أي ولاية تيرس زمور، يحيل إلى تقسيم الصحراء نفسها، المقسمة جغرافيا إلى منطقتين: زمور شمال بوجدور وتيرس جنوبه، أي أنهما منطقة قسمها الاستعمار، وبالتالي فمن الصعب تحديد الجانب الخاضع لموريتانيا والجانب المحسوب على الصحراء في المنطقة، خاصة بسبب غياب أي معالم في هذه المنطقة الشاسعة وغير المأهولة والتي يصعب تأمينها بالكامل”.
وأوضح ولد سيدي مولود، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هناك علاقات إنسانية وطيدة بين سكان تلك المناطق، سواء من خلال سكان المخيمات الذين ينشطون التجارة في الشمال الموريتاني أو من خلال التنسيق الأمني بين عسكر الجانبين، وبالتالي قد تقع أخطاء أو تجاوزات بين الفينة والأخرى، لكن غالبا ما يتم التغلب عليها بسرعة لأن الجانبين يهمهما الهدوء والاستقرار في المناطق الحدودية”.
كما تابع بالقول إن “الحدود خالية، ليس فيها سكان، وهي مناطق منبسطة ليست فيها مخاطر أمنية، والوحيدون الذين ينشطون بها هم المنقبون. وعليه، فإن وضع حراسات على الحدود سيُدخل عمليا موريتانيا في تصادم مع البوليساريو، وهو السيناريو الذي ما زالت غير جاهزة له بسبب تداعياته الأمنية والمجتمعية والاقتصادية، خاصة في إطار علاقاتها مع الجزائر”.
وذكر المتحدث ذاته أن “السلطات الموريتانية غير تصادمية، وما دام الموضوع مقتصرا على التنقيب فهي تغض الطرف عن هذا الأمر، خاصة أن نواكشوط لديها علاقات اقتصادية ومصالح مع الجزائر، وأي تصادم مع البوليساريو سيؤثر على هذه العلاقات، ثم إن موريتانيا غير مستعدة في الوقت الحالي لخسارة الجزائر في موضوع قديم لا تتأثر به أصلا، حيث إن هذه المناطق اعتادت دخول وخروج عناصر البوليساريو بكل حرية منذ سنة 1975”.
وشدد ولد سيدي مولود، أيضا، على أن “موريتانيا لديها مشاكل شرائحية وإثنية عميقة، وبالتالي فهي مرنة وتحاول ما أمكن ألا تتصادم مع أي من جيرانها بأي شكل من الأشكال”، معتبرا أن “الجمهور الموريتاني منقسم إلى قسمين: فالقبائل التي تسكن المناطق الشمالية لديها تعاطف واضح مع البوليساريو، أما المناطق الشرقية فهي أقرب إلى المغرب وطرحه لحل قضية الصحراء”.