في سياق المشاورات الجارية بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية في أفق الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026 والإعداد التشريعي المواكب لها، طالبت فدرالية رابطة حقوق النساء بتفعيل المناصفة الدستورية والديمقراطية التشاركية بـ”اعتبارها دعامة للتنمية ولإنجاح الأوراش الوطنية الكبرى”، وبـ”خلق هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات تضم في عضويتها المجتمع المدني والجمعيات النسائية وتعتمد مقاربة النوع والمناصفة”.
وقالت الفيدرالية ذاتها، ضمن تصريح توصلت به هسبريس، إنها تسجل “استنادا إلى تقاريرها ومذكرتها المبنية على تجربتها الميدانية والدراسية وعلى عملية الملاحظة الانتخابية من زاوية حقوق النساء ومقاربة النوع خلال الاستحقاقات السابقة وآخرها الانتخابات الأخيرة، أن تعزيز التمثيلية السياسية للنساء وتفعيل المناصفة يعدان ركيزة أساسية لضمان المساواة الفعلية، وللقضاء على كل أشكال التمييز والعنف الممارس ضد النساء، بما ينسجم مع روح الدستور ومع رهانات التنمية والديمقراطية”.
وطالبت الفيدرالية بـ”مراجعة المنظومة الانتخابية التشريعية والإجرائية بشكل يراعي مقاربة النوع الاجتماعي والمناصفة في كافة مراحل العملية الانتخابية، بشكل يضمن تواجد ومشاركة بارزة للنساء، وذلك في علاقة بالمؤسسات والسلطات والأحزاب السياسية”.
وبالنسبة للاقتراع باللائحة، طالبت الفيدرالية بـ”التنصيص على عدم جواز تضمين لوائح الترشيح برسم الدوائر الانتخابية المحلية اسمين متتابعين من نفس الجنس مع إدراج المناصفة كآلية”، كما نادت بـ”وضع استراتيجية لتمكين النساء من سلطة التمثيل والقرار عموديا وأفقيا لتفعيل مبدأ المناصفة، واعتماد مبدأ التناوب بالنسبة للوائح والنظام الثنائي بالنسبة للاقتراع الفردي”.
وفي هذا الإطار، قالت سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، إن تحقيق المناصفة الفعلية، سواء على المستوى العمودي أو الأفقي، يشكل مدخلا جوهريا لترسيخ أسس الديمقراطية الحقيقية وضمان نجاح الأوراش الوطنية الكبرى التي انخرط فيها المغرب.
ونبهت موحيا، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن “المناصفة ليست مجرد مطلب حقوقي أو استحقاق ديمقراطي فحسب، بل هي رهان استراتيجي وشرط ضروري لإنجاح النموذج التنموي الجديد، باعتبار أن أي مشروع تنموي شامل ومستدام يظل رهينا بمشاركة النساء على قدم المساواة مع الرجال في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية”.
وأوضحت أن تكريس مبدأ المناصفة يقتضي، بالضرورة، ملاءمة القوانين التنظيمية مع المقتضيات الدستورية، من خلال التنصيص الصريح والواضح على هذا المبدأ، وإيجاد آليات تشريعية وإجرائية قادرة على ضمان الوصول إليه، قائلة إن “الدستور المغربي فتح الباب أمام المساواة والمناصفة، لكن تنزيل هذه المقتضيات على أرض الواقع يحتاج إلى إرادة سياسية قوية وإلى إطار قانوني متكامل يترجم تلك المبادئ إلى سياسات عمومية ملموسة”.
وفي السياق ذاته، شددت موحيا على “خطورة استمرار مظاهر العنف السياسي والانتخابي، وكذا العنف الإلكتروني الموجَّه ضد النساء، معتبرة إياه شكلا من أشكال التمييز وانتهاكا للحقوق الإنسانية الأساسية للمرأة، وتعطيلا مباشرا لمبادئ المساواة والمناصفة”.
ودعت في هذا الصدد إلى “تجريم هذه الممارسات بقوة القانون، مع إرساء آلية وطنية خاصة لرصدها وتتبعها خلال مختلف الاستحقاقات الانتخابية، بما يضمن بيئة سياسية سليمة وآمنة تتيح للنساء المشاركة الفاعلة دون خوف أو إقصاء”.
وأكدت أن “المناصفة ليست فقط قضية عدالة وإنصاف، بل هي رافعة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية، وترسيخ قيم الكرامة والمواطنة الكاملة لجميع المغاربة، رجالا ونساء على حد سواء”.
يذكر أنه ضمن تصريحها، طالبت الفيدرالية بـ”توسيع الاستشارات مع مكونات المجتمع المدني، وفي مقدمتها الجمعيات النسائية، على المستويات الوطنية والجهوية والمحلية، مع الأخذ بعين الاعتبار مواقف وتوصيات ومقترحات مكونات الحركة النسائية الحقوقية، استنادا إلى نضالها التاريخي والراهن من أجل دسترة، ومأسسة، وتفعيل المساواة والمناصفة بين النساء والرجال، بما يضمن إشراكا فعليا في صياغة التوجهات والاختيارات المرتبطة بمستقبل المغرب التنموي والديمقراطي”. وفي السياق نفسه، دعت الفدرالية إلى “إشراك القيادات النسائية داخل الأحزاب السياسية ضمن وفود المشاورات الجارية الآن بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية استعدادا للانتخابات المقبلة”.