آخر الأخبار

تقارير دولية تكشف مآسي تندوف.. وخبراء يحذرون من تهديد أمني إقليمي

شارك

تتوالى التحذيرات الدولية من الوضع المأساوي الذي يعيشه آلاف الصحراويين في مخيمات تندوف جنوبي الجزائر، في ظل تقارير متكررة تدين الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان داخل هذه المخيمات، وكان آخرها التقرير الصادر عن مؤسسة “ألتاميرانو” الإسبانية، خلال الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، الذي رسم صورة قاتمة عن واقع يومي يغلب عليه سوء التغذية، انعدام الرعاية الطبية، الاستغلال الممنهج، والتجنيد القسري للأطفال، فضلاً عن العنف الجنسي الذي يطال النساء في غياب أي آليات للحماية.

هذا التراكم في التقارير الحقوقية، سواء الصادرة عن منظمات غير حكومية أو مؤسسات دولية، أعاد إلى الواجهة مسؤولية المجتمع الدولي في التدخل العاجل لوقف هذه الانتهاكات، خاصة في ظل استمرار الجزائر في عرقلة تنفيذ توصيات الأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن إحصاء ساكنة المخيمات وتمكين المبعوثين الأمميين من الوصول إليها. وفي هذا السياق جاءت تصريحات خبراء العلاقات الدولية، الذين أكدوا أنّ الوضعية الراهنة لم تعد مجرد ملف إنساني معزول، بل تحولت إلى تهديد مباشر للأمن الإقليمي والدولي بفعل تقاطعها مع أنشطة الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء.

وفي هذا الإطار قال عبد الفتاح الفاتيحي، الباحث في العلاقات الدولية، إنه “لم يعد خافيا على المجتمع الدولي حجم وبشاعة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف وفقا لتقارير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وهو ما يستدعي تدخلا دوليا لوقف هذه الانتهاكات عبر تفعيل مضامين اتفاقية جنيف لـ 1951 المتعلقة باللاجئين”.

وشرح الفاتيحي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “التدخل الدولي يصطدم بالموقف الجزائري الذي يساهم في إقامة سياج لحصار الصحراويين، مانعا بذلك تنفيذ توصيات المنظمات الحقوقية الدولية، ولاسيما تلك المتعلقة بحقوق باللاجئين”.

وأكد المتحدث ذاته أن “الجزائر مازالت تعارض تنفيذ توصية مجلس الأمن الدولي القاضية بإحصاء المحتجزين في مخيمات تندوف”، قائلا إنه “رغم صدور العديد من التقارير الحقوقية والإعلامية التي تنبه إلى بشاعة الوضع الإنساني في المخيمات إلا أن الجزائر ماضية في حماية المذنبين، وتمنع وصول المبعوثين الأمميين إلى المخيمات”.

وتابع الباحث نفسه: “بذلك تبقي الجزائر الوضعية الكارثية لحقوق الإنسان محاصرة، إلا أن بشاعة الوضع تفضح النظام الجزائري المتواطئ مع ميليشيات جبهة البوليساريو في المنتديات الدولية الحقوقية؛ فمن حرمان الصحراويين من أبسط الحقوق إلى تجنيد الأطفال ودفعهم نحو الانتماء إلى الجماعات الإرهابية بمنطقة الساحل والصحراء تواصل الجزائر سلوكاتها المارقة الخارجة عن أحكام الشرعية الدولية”.

من جانبه قال لحسن أقرطيط، الباحث في العلاقات الدولية، إنّ “استمرار الأوضاع اللاإنسانية في مخيمات تندوف، وما يمثله هذا الوضع من تناقض صارخ مع مبادئ القانون الدولي ومع مجمل الثقافة الإنسانية، يطرح أسئلة عميقة على المنتظم الدولي وعلى المنظمات الدولية”.

وتابع أقرطيط، ضمن تصريح لهسبريس، بأن “استمرار هذا الوضع في مخيمات تندوف أصبح يشكّل عبئاً ثقيلاً على المنتظم الدولي، خاصة أنّ هناك اليوم معطيات جيو-سياسية وجيو-أمنية مرتبطة بهذه المنطقة تنطوي على مخاطر وتحديات كبرى بالنسبة إلى دول الجوار ودول الاتحاد الأوروبي”، وزاد: “يعود ذلك إلى التقاطع القائم بين الطرح الانفصالي والحركات الإرهابية الناشطة في المنطقة؛ فضلاً عن الأوضاع الاجتماعية والإنسانية داخل هذه المخيمات التي تدفع الشباب والأطفال إلى مستنقع التجنيد في المنظمات الإرهابية، ما يهدّد الأمن والسلم في المنطقة برمّتها”.

وأضاف الباحث ذاته: “من ثَمّ فإنّ هذا النزاع الإقليمي حول مغربية الصحراء وما يرتبط بالمشروع الانفصالي، ووجود هذه الكانتونات داخل مخيمات تندوف، يضع النظام الجزائري أمام مسؤولية مباشرة، بحكم أنّ هذه المخيمات توجد على أراضيه، وفق ما يقرّ به القانون الدولي والأمم المتحدة”.

وأردف المتحدث ذاته: “القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي لعام 1977 تحمّل الدولة المستضيفة للمخيمات مسؤولية رعاية أوضاع اللاجئين، بما يشمل تعليم الأطفال وتطبيبهم وتوفير شروط حياة كريمة لهم. لكنّ النظام الجزائري منذ إقامة هذه المخيمات أبقاها في الظروف المأساوية نفسها، بحيث أصبحنا نتحدث عن محتجزين أكثر من لاجئين، إذ جرى استقدام أعداد منهم من دول الجوار لخلق وضع خاص في المنطقة استثمرته الجزائر على مدى خمسة عقود”.

وشدد أقرطيط على أن “استمرار هذه الأوضاع يحمل مخاطر جسيمة على السلم والأمن الإقليميين، ويضع المنطقة ـ التي تعيش أصلاً حالة فوضى بسبب انتشار السلاح في الساحل والصحراء وتمدد الحركات الإرهابية وإعادة تموضعها ـ أمام تهديدات مضاعفة بفعل بقاء هذه (الغدة الانفصالية)”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا