“نداء نسوي دولي” يجمع ناشطات مدافعات عن حقوق الإنسان من المغرب ودول من القارات الإفريقية والأوروبية والأمريكية، ضد “استخدام خطاب السلام لخدمة الوضع الاستعماري القائم في فلسطين”.
وتدعو الفاعلات المدافعات عن حقوق الإنسان إلى مقاطعة منتدى دولي لـ”النساء من أجل السلام” من المرتقب تنظيمه شهر شتنبر الجاري بالصويرة، متهمات الحركة التي تنظمه “محاربات من أجل السلام” بأنها “منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على غزة وهي تنشر دعاية مكثفة باستخدام خطاب إنساني للدفاع عن الوضع الاستعماري القائم؛ ويساعد بروزها في وسائل الإعلام الرئيسية، ولاسيما في فرنسا، على تهميش الأصوات المنددة بالإبادة الجماعية”.
هذا النداء الدولي من بين الموقعات عليه منظمة “نساء يهوديات نسويات مناهضات للاستعمار” من فرنسا، و”تحالف النسويات الأمميات” من ألمانيا، و”تنسيق المسيرة العالمية للنساء” في كوت ديفوار، ومن المغرب وقعته عليه ثمان وعشرون جمعية مغربية من بينها “اتحاد العمل النسائي” و”الجمعية المغربية لحقوق النساء”، و”مجموعة شابات من أجل الديمقراطية”.
تنتقد الفاعلات المدافعات عن حقوق الإنسان مساواة المنتدى الذي من المرتقب تنظيمه بالمغرب “بين الدولة الصهيونية والمقاومة الفلسطينية”، واختزاله “الواقع الاستعماري في ‘صراع متعادل’ بين طرفين”، مردفات: “وفقًا لمؤسستها حنا أسولين: ‘علينا أن نداوي الكثير من الجراح وأن نكون قادرين على التسامح. إن حرية الشعبين وأمنهما مترابطان'”.
وتشدّد الموقعات على أن “هذا التصور ينكر عدم التكافؤ بين قوة استيطانية محتلة وشعب مضطهد يكافح من أجل بقائه وكرامته”، متابعات: “بينما تكثف إسرائيل هجومها لفرض الاحتلال الكامل على غزة ومواصلة الاستيطان في الضفة الغربية تختزل حركة ‘محاربات من أجل السلام’ هذا العنف البنيوي في مجرد سياسة حكومة نتنياهو، دون مساءلة الصهيونية كمشروع استعماري إبادي”.
وتنبه الفاعلات المدافعات عن حقوق الإنسان إلى أن “هذا التجمع يدعي أنه يمثل صوتًا متوازنًا، لكنه يضع في كفة واحدة مؤيدي المجازر التي ترتكبها إسرائيل وحركة التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني التي تدعو إلى وقف الإبادة الجماعية”، مع الوقوف خلف “شعارات إنسانية غامضة ومتوافق عليها عمدًا، تخفي المجازر اليومية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني منذ ما يقرب العامين، وتؤثر بشكل مفرط على النساء والأطفال”.
تقدّر الأكاديميات والفاعلات السياسيات المدافعات عن الديمقراطية والبيئة والمساواة أن دعوتهن للمقاطعة تفسّر بأمور من بينها أن “هذه النسوية السلمية، التي تجسدها حركة ‘محاربات من أجل السلام’، تجد صدى واسعًا في وسائل الإعلام ولدى بعض النخب السياسية والاقتصادية والثقافية في الغرب وفي العالم العربي”، كاشفات طابع الانتقاء في عملها، حيث “تُبرز قرار الأمم المتحدة رقم 1325 الصادر عام 2000، الذي يروّج لمشاركة أكبر للنساء في عمليات السلام، كما تحب أن تذكّر بذلك حنا أسولين؛ لكن بالنسبة للمجموعة فإن الرجوع إلى القانون الدولي يبقى انتقائيا: فالحقوق التي تعترف بها الأمم المتحدة للشعب الفلسطيني مثل حقه في تقرير المصير، وحق العودة، وشرعية النضال المسلح، يتم إنكارها، وتقارن المقاومة بالإرهاب؛ وعلاوة على ذلك ترفض المنظمة التحدث عن الإبادة الجماعية رغم تقارير الأمم المتحدة والمحكمة الدولية، مفضلة استخدام لغة مخففة لوصف الوحشية الإسرائيلية”.
واستحضرت الفاعلات المدنيات مرافقة الحركة المنظمة للمنتدى قبل شهور “مجموعة من النواب الفرنسيين إلى قمة السلام في القدس، التي نظمتها منظمات غير حكومية إسرائيلية، في وقت تم منع العديد من النواب الفرنسيين والأوروبيين من دخول البلاد بسبب انتقاداتهم لحكومة نتنياهو وسياساتها”، وأضفن: “بينما كان قطاع غزة يمر بأزمة إنسانية حادة دعت خطابات القمة إلى السلام والاعتراف بالدولة الفلسطينية، بعبارات غامضة. وكانت التدخلات الأكثر واقعية هي تلك التي قدمها الرئيس إيمانويل ماكرون (عبر رسالة فيديو)، والثنائي إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق الذي قاد الحرب ضد لبنان، وناصر القدوة، وزير الخارجية السابق للسلطة الفلسطينية: الاعتراف بدولة فلسطينية، لكن بشروط تجعلها فعليًا دولة تابعة”.
وواصلت الفاعلات: “في غشت 2025 روّج التجمع للمسيرات الأخيرة في بيت جالا في الضفة الغربية ضد المجاعة في غزة، التي جمعت بين الإسرائيليين-الإسرائيليات والفلسطينيين-الفلسطينيات؛ لكن من خلال تقديم هذه المسيرات على أنها بارقة أمل، تساعد الحركة في إخفاء حقيقة أن إسرائيل أعلنت قبل بضعة أشهر عن تطوير مستوطنات جديدة في منطقة بيت جالا، وبالتالي تشارك في تبييض الجرائم الاستعمارية”.
تفسّر الفاعلات الموقعات من القارات الإفريقية والأمريكية والأوروبية أن من أسباب مقاطعاتها المنتدى النسائي المرتقب تنظيمه في الصويرة هو أن إستراتيجية “محاربات من أجل السلام” هي “نزع الطابع السياسي عن التضامن الدولي واختزاله في بعده الإنساني، وطمس القضية المركزية، وهي تحرير فلسطين”؛ ثم أردفن: “يندرج تنظيم المنتدى العالمي للنساء من أجل السلام في مدينة الصويرة ضمن منطق إضفاء الشرعية على إسرائيل نفسه، والترويج للتطبيع مع الأنظمة العربية رغم الرفض العارم لشعوب المنطقة؛ حيث يُقدَّم هذا المنتدى على أنه تجمع دولي للناشطات الإسرائيليات والفلسطينيات والإيرانيات والأفغانيات والمغربيات وغيرهن، ويهدف إلى إطلاق ‘نداء دولي للنساء من أجل السلام’، ولكن في الواقع يسعى إلى فرض ‘سردية جديدة للسلام’ تهدف إلى تحييد التحرك النسوي الدولي، الذي يقف اليوم بقوة إلى جانب الشعب الفلسطيني في إطار تقليد معاد للإمبريالية وأممي”.
وبالتالي أدانت الأسماء والمنظمات الحقوقية النسائية الموقعة “توظيف نضالاتنا لتبييض الجرائم التي ترتكبها الدولة الاستعمارية الإسرائيلية”، مع التأكيد على أن “فلسطين هي نضال نسوي، ولهذا نرفض أي خطاب عن السلام لا يقترن بدعم واضح وصريح لحركة تحرير الشعب الفلسطيني؛ لأنه لا سلام بدون عدالة، ولا عدالة بدون تحرير فلسطين”.