أكد مصدر مسؤول داخل حزب التقدم والاشتراكية (رمزه الكتاب) لجريدة هسبريس الإلكترونية أن اللقاء الذي جمع قيادة التنظيم، أمس الثلاثاء، بوزارة الداخلية، لمناقشة المذكرة التي تقدم بها الحزب بشأن المنظومة العامة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب لسنة 2026، كان “مثمراً”، مبرزًا أن “الاجتماع جرى في أجواء إيجابية واتسم بنقاش موسّع حول مضامين المذكرة ومقترحات الحزب”.
وأضاف المصدر ذاته أن “هذا اللقاء يُعدّ محطة من محطات الحوار، ولا يمكن بناء تصور نهائي انطلاقاً منه فقط”، موضحًا أن “موقف وزارة الداخلية من مقترحات الحزب سيتضح عند صدور النصوص القانونية الجديدة التي ستؤطر العملية الانتخابية المقبلة”، ومؤكدا أن سلطة الوصاية “تستمع في الوقت الراهن إلى كافة الأحزاب السياسية من أجل تقييم مدى واقعية مقترحاتها، على أن يُحسم في الأمر لاحقًا، وليس في هذه المرحلة”.
وشدد مصدر الجريدة على أن “الاجتماع شهد نقاشًا مفتوحًا وتبادلاً للآراء دون أن يصدر أي موقف نهائي من وزير الداخلية بشأن مضامين المذكرة”، مضيفًا: “نحن في المراحل الأولى من عرض مختلف اقتراحاتنا، وقد كان هناك تفاعل بخصوص سُبل التنزيل العملي لبعض الإجراءات، غير أن الخوض في تفاصيل كل توصية لا يُعدّ بالضرورة ردًا جوهريًا من طرف الإدارة”.
وأورد المسؤول الحزبي عينه أن “الحزب ينتظر انتهاء كافة اللقاءات التشاورية مع بقية الأحزاب قصد الوصول حينها إلى مرحلة نهائية يعرف فيها كل حزب ما الذي تمّ الأخذ به من مقترحاته”، مردفا: “الأمر مرتبط بالنقاش مع باقي الأحزاب. وتقديرنا للقوانين وقدرتها على تنظيم الانتخابات بشكل جيد سيكون مرتبطًا بالحُلة النهائية للقوانين المؤطرة للانتخابات التشريعية”.
وجاءت في مذكرة “حزب الكتاب” التي سبق الإعلان عنها الدعوة إلى “منع الترشُّح بالنسبة لكل الأشخاص المشبوهين المعروفين بممارسة الفساد وبإفساد الانتخابات، وجميع المدانين أو المتورطين في قضايا فساد المال العام أو الفساد الانتخابي قيد النظر القضائي”، مبرزا أنه “يمكن تفادي التناقض مع قرينة البراءة بتوقيع الأحزاب السياسية ميثاق شرف بصيغة ملزِمة، خاص بهذه النقطة لوحدها”.
وفي السياق ذاته يقترح الحزب “تشديد العقوبات على كافة جرائم الفساد الانتخابي، واعتبارها، وخاصة شراء الأصوات، جناية بعقوباتٍ خاصة أشد”، إلى جانب “التجريم المشدد وتفعيل منع استغلال المال العام، والمشاريع العمومية، ومواقع المسؤولية الإدارية، وامتيازات السلطة العامة، والأنشطة الخيرية والتضامنية، في استمالة الناخبين وفي الحملات الانتخابية”.
ومن بين المقترحات التي تضمنتها المذكرة كذلك “إضافة شرط شهادة الإبراء من الديون العمومية ضمن ملف الترشُّح”، وكذا “إطلاق خط أخضر وطني للتبليغ عن الخروقات والفساد الانتخابي، وتوفير الإمكانيات اللوجستيكية والبشرية الكافية للتعامل مع الشكاوى ذات الصلة”.
وفي ما يخص الجانب المرتبط بضمان الشفافية والمراقبة أوصى التنظيم السياسي ذاته بـ”وضع إطار قانوني خاص بمُلاحِظِي الانتخابات، باستلهامٍ من بعض التجارب المقارنة، لتوفير إطار قانوني تعاقدي واضح لكل الهيئات المعنية بالملاحظة، وخاصة في ما يتعلق بحقوق وواجبات الملاحظين والتزامات السلطات العمومية في هذا المجال”، كما دعا إلى “إعمال الشفافية والتشاركية في تحديد قائمة رؤساء مكاتب التصويت، وفي الإعلان عنها”.
وفي المنحى نفسه شددت المذكرة على ضرورة “إخضاع تعيينات رؤساء مكاتب التصويت لمعايير صارمة قوامها الحياد وعدم الارتباط بأي علاقة مع أيٍّ من المرشحين”، وعلى أن يتم “تعيين رؤساء المكاتب من قطاعات مختلفة كالتعليم، العدل، الصحة، والمؤسسات العمومية… مع اشتراط مستوى تعليمي وتكوين ملائميْن، وتفادي ما أمكن اللجوء إلى موظفي الجماعات الترابية”.
كما طالبت الوثيقة بـ”السماح الفعلي لممثلي الأحزاب السياسية وممثلي المرشحين برسم مختلف الدوائر الانتخابية بحضور ومراقبة عمليات الاقتراع والإحصاء والفرز، وتمكينهم من نسخ المحاضر فوراً، طِبقًا للقانون؛ وإقرار جزاءات زجرية مشددة في حق رؤساء مكاتب التصويت الممتنعين عن ذلك”، إضافة إلى “المنع الصارم لإدخال الهواتف إلى مكاتب التصويت”.
أما على مستوى الإجراءات التقنية واللوجستيكية فدعت المذكرة إلى “اعتماد التوقيع بالبصمة من قِبل الناخبين في لائحة الحضور كدليل مادي يؤكد حضور الناخب ومشاركته فعلياً في عملية الانتخاب”، وكذا “الاحتفاظ بكل أوراق التصويت الصحيحة والملغاة والمتنازع عليها إلى غاية نهاية آجال تقديم الطعون”، و”الإعلان عن نتيجة كل مكتب فرعي ومكتب مركزي للعموم بالمكان”.
وتضمنت الوثيقة أيضًا دعوة صريحة إلى “إطلاق حملة إعلامية رسمية وواسعة للدولة في الإعلام العمومي تفسر مخاطر وأضرار الرشوة الانتخابية وتحذر من عواقبها الوخيمة”، مع التأكيد على “إعمال القضاء الاستعجالي في ملفات الفساد الانتخابي، ولاسيما منها المسجلة أثناء الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع”، و”السماح للأعوان القضائيين بممارسة مهامهم خارج نطاق اختصاصهم الترابي في ما يتعلق بالعمليات الانتخابية”.
كما شدد الحزب على ضرورة “توسيع وسائل إثبات المخالفات والخروقات الانتخابية، وبالخصوص اعتماد الإمكانيات الرقمية”، و”زجر الموظفين العموميين المشاركين في إفساد الانتخابات، بعقوبات جنائية وإدارية”.