أكد الرئيس المدير العام لمجموعة OCP، مصطفى التراب، أن الثروة الحقيقية للمجموعة وللمغرب تكمن في نسائه ورجاله، معتبرا أن رأس المال البشري هو أثمن ما تملكه البلاد.
وكشف التراب في حوار حصري مع صحيفة “لوماتان”، أن هذه الرؤية تشكل جوهر فلسفة المجموعة، مستذكرا واقعة حدثت قبل عشرين عاما في منجم خريبكة، حيث أبلغه سائق جرافة أن الرهان الحقيقي ليس على ثروة الفوسفاط، بل على الموارد البشرية.
وأوضح، وفقا لما أورده المصدر، أن هذه الكلمات أثرت فيه بعمق ولخصت تماما رؤية المجموعة، مشيرا إلى أن أكبر إنجاز يفخر به هو تجديد شباب المؤسسة عبر توظيف ما بين 5000 و6000 من المواهب الشابة خلال السنوات الخمس الأولى من توليه المنصب، مما أدى إلى خفض متوسط العمر إلى 35 عاما وضخ طاقة جديدة وروحا من الابتكار.
وأوضح المصدر ذاته أن مهمة المجموعة تتمثل في “إعطاء الحياة للفوسفور”، وهو ما يعني ضمان الوصول إلى هذا العنصر الحيوي للأمن الغذائي العالمي، وإعطاء الفوسفاط المغربي القيمة التي يستحقها. وأضاف التراب أن هذا الالتزام المزدوج، المحلي والدولي، يعكس رغبة المجموعة في تثمين هذه المادة خدمة للمزارعين والسكان. وفيما يتعلق بإفريقيا، أشار إلى أنها ليست مجرد سوق خارجية، بل هي “قارتنا ومنزلنا”، مؤكدا أن المجموعة تعمل في إفريقيا بنفس الروح التي تعمل بها في المغرب، انطلاقا من رؤية إفريقية لإفريقيا مستوحاة من رؤية جلالة الملك محمد السادس. وتابع أن مهمة المجموعة تكتسب معناها الكامل في إفريقيا، التي تعتبر القارة الأقل استهلاكا للأسمدة، بهدف تسريع وتيرة التنمية الزراعية لتحقيق الأمن الغذائي الإفريقي.
وأكد التراب أن الاستثمار في المعرفة والابتكار ليس خيارا جانبيا بل هو ركيزة استراتيجية للمجموعة، تماما مثل المناجم والمصانع. وذكر أن جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P) تجسد هذه الرؤية، حيث تعمل كذراع للبحث والتطوير للمجموعة، إذ ترتبط أكثر من نصف برامجها بشكل مباشر بالاحتياجات الصناعية والزراعية والبيئية للمجموعة.
وأوضح التراب أن الجامعة تعد أيضا رافعة لتكوين وتطوير المهارات لمواكبة التحولات الصناعية المستمرة، مشيرا إلى أن هذه الطموحات تتجاوز الاحتياجات الداخلية للمجموعة لتصبح الجامعة محفزا للمواهب في القارة بأكملها، تنفيذا لتوجيهات جلالة الملك محمد السادس.
وعلى الصعيد المالي، كشف الرئيس المدير العام لمجموعة OCP أن المجموعة اعتمدت بشكل استراتيجي على السوق البنكية المغربية لتمويل استثماراتها الضخمة في الصناعات التحويلية، نظرا لكون OCP غير قابلة للخوصصة. وأشاد بقوة القطاع البنكي الوطني وقدرته على مواكبة طموحات المجموعة، معتبرا اكتتاب بعض البنوك المغربية في الإصدارات الدولية للمجموعة بمثابة “فعل ثقة ووطنية اقتصادية”.
وتطرق التراب إلى مفهوم “النية” كجزء من حوكمة المجموعة، موضحا أن هذا المفهوم يبدأ من الإيمان بأن صدق النية هو قوة وليس سذاجة. وأشار إلى أن المجموعة تسعى لغرس هذه الروح لدى موظفيها وشركائها، وتعمل على الانتقال من نموذج قائم على المقاولين من الباطن إلى منظومة متكاملة قادرة على تطوير حلول مبتكرة. وكشف عن تنظيم مؤتمر كبير بحلول نهاية العام مخصص لهذه المنظومة، مع إنشاء صناديق استثمارية لدعمها.
وفيما يخص دور المجموعة في كأس العالم 2030، أوضح التراب أن OCP لن تركز على بناء الملاعب، بل ستستثمر فيما يتماشى مع هويتها، وهو الموارد البشرية والالتزام الجماعي. وأشار إلى أن المجموعة أنشأت هيكل EVO Sport داخل جامعة محمد السادس، بالتنسيق مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بهدف هيكلة المنظومة الرياضية بشكل مستدام وتعزيز تكوين اللاعبين والمدربين.
أما عن رؤيته للمجموعة في عام 2050، فأكد أنها ستظل سفيرة للمغرب في العالم من خلال مساهمتها في الأمن الغذائي، مع مواصلة تنويع استثماراتها في قطاعات حيوية كالماء والطاقة والتعليم، وهو تنوع تفرضه الضرورة لضمان استمرارية مهمتها الرئيسية.