ساعات طويلة من الانتظار على مقاعد متهالكة وسط ممرات مزدحمة تتحول إلى اختبار يومي للصبر، ومرضى مضطرون للتنقل بين الصيدليات والمستشفى لتأمين الأدوات الطبية البسيطة. هذه بعض المشاهد التي تعكس الواقع المؤلم لقسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي مولاي عبد الله بسلا، حيث يسيطر الارتباك والعشوائية والفوضى على الوضع، وسط غياب أبسط التجهيزات الطبية وانتشار الأوساخ والروائح الكريهة ونقص الأطر الطبية، ما يزيد من معاناة المرضى والمرتفقين.
ورغم كونه واحداً من أبرز المراكز الصحية بمدينة سلا، يعيش المستشفى الإقليمي مولاي عبد الله بمدينة سلا وضعاً “كارثيا” ينعكس بشكل مباشر على المرتفقين، خاصة في قسم المستعجلات الذي يفترض أن يكون خط الدفاع الأول أمام الحالات الحرجة، فمشاهد الازدحام وغياب أبسط التجهيزات الطبية وضعف شروط النظافة، أصبحت جزءاً من الحياة اليومية للمرضى وأسرهم، في مدينة يناهز عدد سكانها المليون نسمة.
ويعيش المستشفى الإقليمي مولاي عبد الله بمدينة سلا وضعاً مثيراً للقلق، خصوصاً على مستوى قسم المستعجلات، حيث يواجه المواطنون صعوبات كبيرة في الحصول على أبسط المستلزمات الطبية، فحسب معطيات توصلت بها جريدة “العمق المغربي” فإن المرتفقين يجدون أنفسهم مضطرين إلى مغادرة أسوار المستشفى بحثاً عن أدوات طبية أساسية، مثل الأقنعة الخاصة بمرضى الربو رغم أنهم في وضعيات حرجة، من بينهم أطفال ونساء”.
مصادر نقابية أكدت للجريدة أن “غياب أبسط المستلزمات الطبية داخل المستشفيات العمومية أصبح مشهداً يومياً”، مشيرة إلى أن “الأطر الطبية تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع غضب المرتفقين رغم أن المسؤولية الحقيقية مرتبطة بضعف التجهيزات والاعتمادات المرصودة للمستشفيات”، وأضافت المصادر ذاتها أن “قسم المستعجلات بمستشفى مولاي عبد الله يعاني خصاصاً في المعدات والموارد البشرية، ما يضاعف الضغط على الأطباء والممرضين”.
كما يشكل الانتظار الطويل في الممرات المزدحمة ضغطاً إضافيا على المرضى وأسرهم، وسط نقص واضح في التنظيم وعدم كفاية عدد الأسرة والمقاعد المخصصة للانتظار، فضلا أن الأوضاع الصحية في بعض الأروقة غير لائقة، مع تراكم الأوساخ وانتشار الروائح الكريهة.
ويفاقم ضعف التنظيم الإداري الأزمة إذ يشكو المرضى من تأخر طويل في تلقي الخدمات، وغياب أي ترتيب واضح في استقبال الحالات الطارئة، ما يجعل الانتظار لساعات في الممرات المكتظة أمراً شبه يومي، ويزيد من احتمالات تدهور الحالات الصحية الحرجة.
كما تظل النظافة العامة في المستشفى من أكبر المعضلات، حيث تنتشر الأوساخ والروائح الكريهة في الأروقة، ويظل نظام التعقيم محدوداً، مما يضع المرضى، وخاصة الأطفال وكبار السن، في مواجهة مباشرة مع بيئة غير صحية، حسب مصادر نقابية.
وتثير وضعية المستشفى موجة استياء عارمة منذ أشهر طويلة، بعدما وثّقت مجموعة من مقاطع الفيديو لمعاناة المرضى بقسم المستعجلات، حيث ظهر عدد منهم جالسين لساعات طويلة دون تلقي أي علاج، وسط أجواء من الاكتظاظ وغياب التجهيزات الأساسية، مع تسجيل غياب شبه تام للأطباء والآليات الطبية الضرورية للعلاج، وانعدام المداومة الطبية في أوقات حرجة، مما يترك المرضى وأسرهم في مواجهة مصير مجهول، كما استنكر عدد من المواطنين تحكم بعض حراس الأمن الخاص في مسار المرضى داخل المستشفى.
كما سبق للمكتب المحلي المستشفى الإقليمي مولاي عبد الله بسلا، التابع للجامعة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، استنكار “الانسحاب المفاجئ لفريق طبي متخصص في جراحة العظام والمفاصل دون أي إشعار مسبق أو مذكرة رسمية”، معتبراً أن هذه الخطوة “غير المسؤولة” تسببت في فوضى داخل المصلحة المعنية وحرمت المرضى من العمليات الجراحية المبرمجة والمستعجلة.
وانتقدت النقابة فشل المجموعات الصحية الترابية بجهة الرباط في أول اختبار لها بعد توقيع اتفاقية الشراكة بين المديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية بجهة الرباط سلا القنيطرة ومديرية المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا وكلية الطب والصيدلة وكلية طب الأسنان بالرباط، والتي كان أحد أبرز بنودها ضمان انتقال سلس للأطر الطبية بين المؤسسات الصحية بالجهة مع حسن توظيفهم لسد الخصاص.