دفن ناصر الزفزافي، قائد “حراك الريف”، الاستغلال المقيت لانفصاليي الخارج وراعيتهم الجارة الجزائر لورقة هذه الحركة الاحتجاجية وملف معتقليها، في ترويج وتسويق أطروحة انفصال الريف عن المملكة المغربية؛ إذ أكدّ أن الوطن عنده ليس هذه المنطقة فقط، وإنما كل شبر من المغرب.
هذا ما أكده حقوقيون مغاربة، واكبوا ملّف حراك “الريف” منذ أول أيامه، في قراءتهم للكلمة القصيرة، لكن الحافلة بالرسائل الكبيرة، التي ألقاها ناصر مخاطبا، أمس، عددا من المعزين في وفاة والده، أحمد الزفزافي. وأكد هؤلاء أن “الظرفية تغّص بعدد من المؤشرات الإيجابية من لدن الطرفين (المعتقلون والدولة)، ويتعيّن أن يتم استثمارها لإعلان الطي النهائي لهذا الملف بإطلاق سراحة كافة المعتقلين”.
وقال ناصر الزفزافي: “ما أراه اليوم يثلج الصدر ورسالة واضحة وصريحة على أننا نحن أبناء هذا الوطن، ولا أقصد به الريف فقط، بل أقصد كل شبر من البلاد، مهما اختلفنا ومهما كانت لنا من آراء وأفكار؛ لكنها كلها تصب في مصلحة الوطن أولا وأخيرا”.
في هذا الصدد أورد أبو بكر لاركو، الرئيس السابق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان: “طيلة فترة تتبعنا لملف الحراك منذ يومه الأول ظللنا متمسكين بأن مطالبه اقصادية واجتماعية ولم تكن يوميا سياسية؛ وقد خلت كافة بيانات الهيئة الحقوقية من أي إلصاق لتهمة التسييس بهذه الحركة الاحتجاجية”.
وشدد لاركو، في تصريح لهسبريس، على أن “خطاب ناصر الزفزافي حمل رسائل عديدة تنطوي على قدر كبير من الأهمية، في مقدمها أن حراك الريف لم يكن نيته الانفصال عن الدولة المغربية، وكذا تأكيد تشبث المعتقل ورفاقه بالثوابت الوطنية من وحدة ترابية وملكية وغيرها”.
ويردف الفاعل الحقوقي نفسه: “هذه الرسائل موجهة إلى الداخل؛ حيث نتمنى أن يتم الإفراج عمّا تبقى من معتقلي حراك الريف في أقرب وقت، وكذلك إلى من استعملوا من الخارج حراك الريف لأجل غايات ومزايدات سياسية، سواء من بعض ‘الريافة’ ذوي التوجه الانفصالي، المقيمين في إسبانيا وإيطاليا، أو الجزائريين”، موضحا أن “ناصر قال بشكل مبطّن لجميع هؤلاء إنه يبرئ نفسه كلية من الانفصال”.
كما التقط لاركو “نقل طارق الزفزافي، شقيق ناصر، أن معتقلي الحراك يتبرؤون من رمي الشرطة بالحجارة، بمعنى أن هذه الحركة الاحتجاجية ليست عنيفة وهي تروم النضال المشروع فقط”.
وخلص الحقوقي نفسه إلى أن “ثمّة إشارات واضحة من الطرفين (المعتقلون والدولة)؛ إذ سمحت السلطات للزفزافي بمغادرة السجن مؤقتا لزيارة والده عدة مرات، وكذلك أثناء وفاته”، وزاد: “نرجو أن تتفاعل كل الأطراف إيجابيا مع هذه المؤشرات. ونترحم على السيد أحمد الزفزافي الذي كافح من أجل الحراك”.
من جانبه أكد محمد النشناش، الفاعل الحقوقي: “كافة الزيارات التي أجريتها أنا ورفاق من المنظمة إلى ناصر ومعتقلي الحراك عموما تؤكد ما قاله في جنازة أمس بأن مصلحة الوطن لديهم فوق كل اعتبار، وبأنهم ليسوا انفصاليين كما ادعى أغلب قادة الأحزاب الوطنية أيام اعتقالهم”، وزاد موضحا: “لم أسمع من أفواههم يوما حديثا عن الانفصال أو مواجهة الوحدة الوطنية”.
وأضاف النشناش، في تصريح لهسبريس، أن “خصوم المغرب كانوا دائما يبحثون عن المبررات من أجل استهدافنا، واليوم ثمة حملة كبيرة على البلاد، حتى من بعض شباب الحسيمة الذين يعتبرون أنفسهم منفيين في أوروبا، وبضغط من حركات يسارية متياسرة معادية للمغرب، إلى جانب الجزائر التي تعد الممول في هذا الميدان”، عادا أن “هذا الأمر ليس بجديد، لكن يجب أن نرى العيب فينا؛ حيث نترك لهم الفرص لمهاجمة المملكة والدعاية ضدها”.
وتابع المتحدث ذاته بأنه “يتعيّن التحلي بقدر من الواقعية من خلال إحداث انفراجة في هذا الملف، تتمثل في إطلاق سراح كل أسرى الرأي المدانين من أجل التعبير عن آرائهم بأحكام قاسية”، مشددا على أن “الفرصة التي نحن بصددها مواتية من أجل هذه الانفراجة، خصوصا أن التجربة الديمقراطية في المغرب تظل دائما تحت مجهر عدد من الدول والأطراف والمنظمات التي تحاول ترصد الثغرات”.
وأجمل الفاعل الحقوقي نفسه: “إقفال هذا الملف نهائيا يبقى ضرويا من أجل إزالة هذه الورقة التي يستغلها الخصوم ضدنا”، وذكر أن “أحمد الزفزافي الذي كان مناضلا في الحركة التقدمية تأثر هو وزوجته كثيرا جراء اعتقال ابنهما ناصر”، مشددا على أن “الأخير كما باقي الشباب كانوا فقط يطالبون بتحسين الأوضاع الاجتماعية والقضاء على التهميش؛ ولعلّ ما حرّك هذه المطالب هو مقتل بائع السمك محسن فكري”.
وأكد النشناش أن “المسيرات التي نظمها شباب الريف إثر ذلك لم تشهد أي عنف، سواء من قبلهم كمتظاهرين أو من قبل قوات الأمن؛ وهو من اعتبرناه حينها كحقوقيين سلوكا حضاريا راقيا”.