آخر الأخبار

"ميثاق الشرف الانتخابي" يضع العدالة والتنمية في مواجهة النقد السياسي

شارك

تباينت القراءات السياسية التي رافقت مطلب حزب العدالة والتنمية بخصوص “ميثاق الشرف” المتعلق بالاستحقاقات الانتخابية المقبلة بين قراءة اعتبرته مطلبا يحمل “بعدا أخلاقيا وسياسيا ضروريا أمام محدودية النصوص القائمة” وبين أخرى شددت على ضرورة “الكف عن استحضار وزارة الداخلية في كل مطلب كأنها خصم سياسي تختفي وراءه المنظمات الحزبية”.

وطالب حزب “المصباح”، في مذكرته الموجهة إلى وزارة الداخلية، باعتماد “ميثاق شرف” يضم قسمين؛ الأول يلزم مختلف الهيئات السياسية بـ”التقيد بعدم تزكية الكائنات الانتخابية الفاسدة والالتزام بعدم استعمال المال وعدم شراء الذمم”، أما الثاني فيربط الأحزاب السياسية بوزارة الداخلية، ويحمل الطرف الثاني “مسؤولية تنزيل انتخابات حرة ونزيهة وشريفة”.

“بعد أخلاقي”

عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، قال إن “ميثاق الشرف له بعدٌ أخلاقي وسياسي، ولا يمكن أن يكون له بعدٌ إلزامي، وتبقى آلية ذات قيمة إذا تفاعلت معها الأحزاب السياسية في اختيار مرشحيها للانتخابات النيابية المقبلة”.

وأضاف اليونسي، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، أن “هذا الميثاق، من جهة أخرى، يعني أن المنظومة القانونية المرتبطة بالانتخابات ليست كافية للقطع مع ترشح بعض المنتخبين، إذ إن بعض القضايا تبقى في ردهات المحاكم لسنوات، ولا يمكن منع الترشح إلا بعد صدور قرار نهائي بات في الملف المعروض”.

كما أكد الأستاذ الجامعي المتخصص في العلوم السياسية والقانون الدستوري أن “الميثاق لن يكون له أثر فعلي إلا إذا تدخلت الدولة، وأساسا وزارة الداخلية، بطرقها لمنع بعض الأشخاص الفاسدين، كما وقع في انتخابات 1997”.

وشدد المتحدث على أن “ترك الأمر للأحزاب سيفرغ هذا الميثاق من مضمونه ومقصده؛ لأن هدف هذه الأخيرة هو الحصول على المقاعد التي تمكنها من حسن التموقع في المؤسسات، وأساسا في الحكومة”.

وأشار اليونسي إلى أن “الخطاب الملكي الذي كلف وزارة الداخلية بالإشراف الكلي على الانتخابات، في شقيها السياسي والتنظيمي-التقني، يعني تحميلها المسؤولية أمام رئيس الدولة عن المسار، إعدادا وتنزيلا وإعلانا عن النتائج”.

وخلص إلى أن “وزارة الداخلية أمام امتحان ثقة من جهة، أمام الملك، وامتحان كفاءة من جهة أخرى، في قدرتها على إنجاح هذا الورش الديمقراطي، الذي له رهانات سياسية وتحديات تنموية، خصوصا أن لديها من الوسائل والإمكانيات البشرية والمادية والحضور الترابي والتجربة التاريخية ما يمكنها من تصحيح بعض الأخطاء أو السلوكيات التي عرفها تدبيرها السابق للاستحقاقات الانتخابية”.

“خطاب متجاوز”

عبد العزيز القراقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن “وزارة الداخلية ليست طرفا في العملية الانتخابية؛ بل تقتصر مهمتها على تنظيمها وضمان حسن سيرها، وفق ما يكفله لها الدستور والقانون”.

وأوضح القراقي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “وزارة الداخلية لا تتنافس مع أي طرف، وليست فاعلا سياسيا؛ بل جهة تنظيمية تشتغل في إطار مؤسساتي واضح”.

وأضاف الأستاذ الجامعي المتخصص في العلوم السياسية أن “عددا من الاختصاصات المتعلقة بالعملية الانتخابية لم تعد حكرا على وزارة الداخلية؛ بل أصبحت منوطة بمؤسسات أخرى منها المؤسسة التشريعية، مما يؤكد أن الزمن السياسي تجاوز فكرة الاعتماد الكلي على الجهاز الإداري”.

وأبرز المتحدث عينه أن “المطلوب اليوم هو أن تتحمل الأحزاب السياسية مسؤوليتها كاملة في تأطير المجتمع، وتعزيز الثقة في العملية السياسية، بدل اختزال دورها في مطالب ظرفية موسمية مرتبطة فقط بالانتخابات”.

وفي هذا الإطار، اعتبر القراقي أن المشهد الحزبي في المغرب يعاني من التشتت وضعف الفاعلية، لافتا إلى أنه “لو كانت الأحزاب السياسية تمتلك بالفعل رؤية واضحة ومسؤولية وطنية لوضعت ميثاق شرف فيما بينها يُحدد القيم والمبادئ التي يجب أن تحكم التنافس السياسي”، مبرزا أن “مثل هذا الميثاق كان من شأنه أن يغني العملية الانتخابية عن أي مطالب أخرى”.

وتابع المتحدث قائلا إن “الواقع يكشف عجز الأحزاب عن التوافق حتى على الحد الأدنى من القضايا داخل البرلمان، فكيف لها أن تؤطر انتخابات كبرى تشمل كل ربوع الوطن؟”، مبرزا أن هذا “العجز يدفعها في كل مرة إلى العودة لوزارة الداخلية وكأنها الفاعل الحزبي الحقيقي”، وهو تصور قال إنه “متجاوز ولم يعد مقنعا في السياق السياسي الحالي”.

وختم القراقي تصريحه بالتأكيد على أن “الخطاب الذي يصر على تحميل وزارة الداخلية مسؤولية ما يقع داخل الأحزاب خطاب فقد مصداقيته”، مشددا على أن “الوقت قد حان لأن تبادر الأحزاب السياسية نفسها إلى بناء قواعد نزيهة وواضحة للمنافسة، بعيدا عن الاتكال الدائم على الدولة”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا