كشفت حصيلة أنشطة عمل مجلس المنافسة، الواردة في “التقرير السنوي 2024” الصادر اليوم الأربعاء، عن إصدار إجمالي لـ 171 قرارا وثلاثة آراء، تطرقت لمختلف مجالات اختصاصات المجلس، والمتمثلة في “مراقبة التركيزات الاقتصادية”، و”محاربة الممارسات المنافية لقواعد المنافسة”، فضلا عن “إصدار الآراء” المندرجة ضمن مهامه الاستشارية.
وأفاد التقرير المرفوع إلى الملك، الذي طالعت هسبريس نسخته الكاملة، بأنه بخصوص القرارات الصادرة واصلت المراقبة الاحترازية للتركيزات الاقتصادية تصدُّر أنشطة المجلس، إذ “مثلت أكثر من 93 في المائة من الحجم الإجمالي للقرارات الصادرة عن مختلف هيئاته التداولية”، بمجموع 162 قراراً.
كما بتّ المجلس في تسعة ملفات “إحالات تنازعية”، من بينها “ملف يتعلق بشبهات ممارسات منافية للمنافسة في سوق الأداء الإلكتروني”، وآخر يتعلق بعدم احترام شركة متعددة الجنسيات تنشط في قطاع التدبير المفوض للخدمات العمومية لترخيص المجلس بخصوص تولي المراقبة الحصرية على شركة أخرى في القطاع نفسه، مع تفويت جزء من أنشطتها وأصولها. وبخصوص هذا الملف الأخير “فعَّل المجلس لأول مرة مقتضيات المادة 36 من القانون رقم 12-104 كما تم تعديله وتتميمه”.
ومن أصل تسعة أفاد التقرير بأن “8 إحالات ذاتية كانت مشفوعة بعقوبة مالية”، مقابل إحالة واحدة فقط “مشفوعة بتعهدات”.
وهمت القضايا التنازعية المتبقية سبع (7) إحالات حقّق من خلالها المجلس، “في إطار المبادرة الذاتية، في عمليات تركيز اقتصادي تم تنفيذها دون الحصول على ترخيص مسبق من لدنه”.
كما استحضر التقرير قيام المجلس بـ”أول عملية زيارة وحجز مفاجئة”، في إطار المبادرة الذاتية التي اتخذها السنة المنصرمة بخصوص ملف تنازعي يتعلق بشبهات ممارسات منافية للمنافسة في “سوق خدمات التوصيل إلى المنازل عبر التطبيقات”.
واعتبر هذا التدخل تجسيدًا فعليًا لصلاحيات المجلس في مجال التحقيق والبحث الميداني، وفقا لمقتضيات الباب الأول من القسم الثامن من القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، وكذا المادة 16 من القانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة، كما تم تغييرهما وتتميمُهما.
كما شهدت سنة 2024 عدة تطورات مهمة بإصدار “آراء استشارية بارزة، همت بالخصوص وضعية المنافسة في قطاع الكهرباء وآفاق تطويره، وكذا في أسواق الخضر الفواكه، وسوق الأعلاف المركبة”، وفق المصدر ذاته، مسجلا أن “هذه التحليلات المعمقة أفضت إلى عدد من التوصيات الهادفة إلى تحسين المنافسة داخل هذه القطاعات الإستراتيجية”.
في إطار مراقبة مشاريع عمليات التركيز الاقتصادي أصدر مجلس المنافسة 162 قرارا برسم سنة 2024، مقارنة بـ 204 قرارات صدرت سنة 2023.
وفسّر التقرير ذاته “حجم الانخفاض بعاملين اثنين”، ذاكرا أن “الحجم الاستثنائي لملفات التبليغ المسجلة في 2023، والبالغ عددها 203، انبثق أساسا عن عملية التسوية التي أطلقها المجلس، وأتاحت للفاعلين التبليغ لاحقا بالعمليات المنجزة دون ترخيص مسبق مقابل تسوية تصالحية”، وزاد: “سجلت هذه العملية عددا مهما من مشاريع التركيز المبلغة والمرخص لها سنة 2023، في إطار التبليغ اللاحق بالعمليات موضوع التسوية”.
من جهة أخرى رصد المجلس “تأثيرا مباشرا على حجم التبليغات” إثر “مراجعة سقف رقم المعاملات الواجب تحقيقه لتبليغ مشروع عملية تركيز اقتصادي، التي دخلت حيز التنفيذ في 24 ماي 2023”.
وحسب التقديرات الأولية للمجلس فإن هذا الإصلاح، الذي تم إقراره بموجب المرسومين رقم 2.23.273 و2.23.274 بتغيير المرسومين التطبيقيين للقانونين رقم 104.12 و20.13، كان من المتوقع أن يؤدي إلى تراجع ملحوظ في عدد ملفات التبليغ بنسبة تقدر ما بين 30 و40 في المائة. ومع ذلك، وبفضل الجهود المبذولة لتحسين الأجال ومساطر التحقيق، “تمكن مجلس المنافسة من معالجة 162 عملية، متجاوزاً بذلك التوقعات المسبقة”.
وفي التفاصيل فإنه “من مجموع 162 قرارًا أصدرها مجلس المنافسة تم الترخيص لـ 155 عملية تركيز اقتصادي، فيما صَرّحت 4 قرارات بعدم إلزامية التبليغ”.
ومالياً بلغ إجمالي المبالغ المرتبطة بهذه القرارات “أكثر من 2812 مليار درهم”؛ في حين بلغ حجم الاستثمارات المتضمنة لرؤوس أموال مغربية أزيد من 80 مليار درهم.
يكشف التوزيع القطاعي للتركيزات الاقتصادية المرخص لها من مجلس المنافسة برسم سنة 2024 عن “هيمنة واضحة” لقطاع الصناعة التحويلية الذي استأثر بـ45 قراراً، متبوعًا بقطاع “أنشطة الخدمات الأخرى” بـ33 قرارًا، ثم قطاع “الصحة البشرية والعمل الاجتماعي” بـ19 قرارًا.
ويعكس هذا الترتيب توجه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجية والخدماتية ذات القيمة المضافة العالية، خاصة الصناعات التحويلية التي تظل المحرك الأساسي للنسيج الاقتصادي الوطني؛ كما يبرز حضورا لافتا لقطاعات حيوية مثل “التجارة” و”النقل والتخزين” (11 قرارا) و”الإعلام والتواصل” (7 قرارات)، وهو ما يعكس دينامية تنويع الأنشطة الاقتصادية.
في المقابل سجلت بعض القطاعات نسبًا محدودة من التركيزات، مثل البناء والعقار والفنون والترفيه، ما يكشف عن تفاوت في جاذبية القطاعات للاستثمار واندماج الفاعلين الاقتصاديين.