آخر الأخبار

دراسة: تأمين العقار بالمغرب يستوجب توازن تعزيز الاستثمار وصيانة الحقوق

شارك

خلصت دراسة منشورة ضمن العدد الأخير من مجلة “الدراسات الاستراتيجية للكوارث وإدارة الفرص” إلى أن “مسألة الأمن الاقتصادي العقاري في المغرب لم تعد مجرد إشكالية قطاعية؛ بل أصبحت من صميم الرهانات الوطنية الكبرى التي ترتبط ارتباطا مباشرا بجاذبية الاستثمار، وتحقيق العدالة المجالية وصيانة الحقوق الفردية والجماعية”.

وأشارت الدراسة، التي تولّت إعدادها الباحثة بجامعة محمد الخامس مريم البخارية، إلى أنه “رغم التقدم الملموس على مستوى التشريع وإحداث مؤسسات متخصصة، فإن الواقع لا يزال يفرز اختلالات واضحة تؤثر على فعالية المنظومة العقارية، سواء من حيث الحماية القانونية، أو من حيث النجاعة المؤسساتية”، مسجلة أن “تعدد المرجعيات القانونية وتشتت الأنظمة وضعف التنسيق وتعقيد الإجراءات كلها عناصر تقوض الاستقرار المطلوب”.

كما تساهم هذه الأسباب، وفقها، في “إضعاف مردودية العقار كمورد اقتصادي واجتماعي استراتيجي”، مضيفة أن “استمرار ظواهر مثل التزوير والمضاربة والنزاعات القضائية يكشف عن هشاشة الحماية القانونية في بعض جوانبها، ويجعل من التحديث التشريعي والمؤسساتي أمرًا لا يحتمل التأجيل”، واعتبرت أن “التحول نحو إطار قانوني ومؤسساتي أكثر فاعلية لا ينبغي أن يقتصر على إصلاحات تقنية أو تعديلات جزئية، بل يجب أن يبنى على رؤية شاملة”.

وبخصوص هذه الرؤية، فيتعين، وفق مُعدّة الدراسة، أن “تضع المواطن والمستثمر في قلب المنظومة، وتجمع بين وضوح النصوص، وسلاسة الإجراءات واستقلالية القضاء، ورقمنة المعاملات، في إطار حكامة عقارية فعالة، قوامها التنسيق الشفافية، والمساءلة”، قائلةً إن “بناء بيئة عقارية آمنة لا يتطلب فقط قوانين جيدة، بل إرادة سياسية وتعبئة مجتمعية تواكب هذا الورش الاستراتيجي، باعتبار أن العقار ليس مجرد معطى اقتصادي، بل هو أيضا رافعة للعدالة الاجتماعية، والتنمية المجالية، والاستقرار المؤسساتي في مغرب يتطلع إلى ترسيخ دولة القانون وتحقيق النمو الشامل”.

وشددت الدراسة، الموسومة بـ”الأمن الاقتصادي العقاري بالمغرب بين النصوص والتحديات نحو إطار قانوني يعزز الاستقرار ويواجه الواقع”، على أن “الأمن الاقتصادي العقاري في المغرب أضحى ضرورة تنموية، لا ترفا تشريعيا”. وتابعت: “رغم الترسانة القانونية المتقدمة، فإن عدم ترجمتها الفعلية، في ظل تحديات هيكلية ومؤسساتية، يعيق تحول العقار إلى رافعة حقيقية للنمو”.

وأكدت مريم البخارية أن “تحقيق هذا الأمن يقتضي إرادة سياسية لتوحيد الرؤى بين مختلف الفاعلين، ثم تحديثا شاملا للنصوص التشريعية، وأيضا تأهيلا للموارد البشرية، ومن تم توجيه العقار نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية”، مشيرة كذلك إلى أن “الاجتهاد القضائي يعتبر مكملا أساسيًا لدور التشريع، حيث يساهم في ترسيخ الأمن القانوني والقضائي؛ وهما دعامتان للأمن الاقتصادي العقاري”، إذ “يتميز الأمن القانوني بوضوح واستقرار القواعد القانونية، بينما يتجلى الأمن القضائي في استقرار الاجتهاد وتفسيره المتوازن للقوانين”.

لكنّها بينت أيضا أنه “رغم الإصلاحات والمؤسسات المحدثة، من رقمنة الإجراءات إلى تحديث نظام التحفيظ، فإن المعضلات البنيوية لا تزال قائمة هذه المعضلات تشمل تعدد الأنظمة القانونية وتعقيد المساطر وغياب التنسيق بين الفاعلين، واستمرار ظواهر كالتزوير والمضاربة، وتزداد حدة هذه الإشكاليات في المجال القروي حيث تسود الأعراف والعقارات غير المحفظة”.

وشددت على أن “الرهان اليوم لا يقتصر على حماية الملكية العقارية كحق دستوري؛ بل يتجاوز ذلك إلى جعل العقار آلية فعالة لتحقيق العدالة المجالية والاجتماعية”، مبرزة أن هذا بالضبط “ما تؤكده الرسالة الملكية المتعلقة بالعقار والتنمية، والتي دعت إلى منظومة قانونية ومؤسساتية تتجاوز التعقيد نحو الفعالية، وتعكس التوجه التنموي الجديد للمملكة”.

كما اعتبرت الورقة عينها أن أهمية هذا النقاش “تزداد”؛ بالنظر إلى “أبعاده المتعددة القانونية، الاقتصادية الاجتماعية، السياسية، فالحق في الملكية، الذي يضمنه الدستور وتؤطره القوانين والمواثيق الدولية، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الانسان، الذي نص صراحة على حق كل فرد في التملك، وحظر نزع ملكيته تعسفا، لا يمكن أن يتحقق فعليًا دون بيئة عقارية آمنة ومستقرة تحمي الحقوق وتضمن الشفافية وتحفز التنمية”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا