في سياق إعداد المذكرات الخاصة بالانتخابات التشريعية المقبلة، تجدّد الجدل داخل عدد من الأحزاب السياسية المغربية حول سبل ضمان مشاركة جيدة للشباب في العمل السياسي، لا سيما بعدما تم إنهاء العمل بـ”الكوطا” الخاصة بهذه الفئة خلال آخر محطة انتخابية.
ومكّنت هذه الآلية، التي تم إقرارها سنة 2011، خلال ولايتين تشريعيتين متتاليتين، حوالي 60 شابا من ولوج البرلمان، قبل أن تعصف بها المشاورات بين وزارة الداخلية وبين الأحزاب السياسية قبيل انتخابات 2021، مقابل الإبقاء على “الكوطا” الخاصة بالعنصر النسوي.
وكثيرا ما أثارت هذه الآلية نقاشا موضوعيا بشأن مدى تحقيقها للنتائج المرجوة، لاسيما مع إصرار كثيرين على اعتبارها ريعا سياسيا ومدخلا لدعم ترشيح الشباب المقربين من زعماء الأحزاب، في مقابل تهميش الأصوات الشبابية المناضلة.
كانت الغاية من هذه الآلية، لحظة إقرارها، التمييز الإيجابي لصالح الشباب وضمان مشاركتهم في التشريع، بعدما كانت نسبة حضورهم في البرلمان قبل دستور 2011 شبه منعدمة، في ظل سيطرة “محترفي الانتخابات” والأعيان وحتى الأميين على الغالبية العظمى من مقاعده.
وقد عاد هذا الموضوع ليشكل نقطة من بين نقاط النقاش داخل الأحزاب، في ظل رهانات ضمان تشبيب مجلس النواب، وفي وقت تقرّ أوساط حزبية بالحاجة إلى تمثيل سياسي حقيقي للشباب، دون فتح نوافذ أمام الزعامات السياسية لترشيح الشباب المقربين منها، بما يفتح المجال للتطبيع مع “الريع السياسي”.
وأوضح مصدر من داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن “التمكين السياسي للشباب كان من بين ما تطرقت له النقاشات الداخلية للحزب والخاصة بإعداد مذكرة حول الانتخابات، التي سيتم رفعها قريبا إلى وزارة الداخلية”.
وقال المصدر الاتحادي: “ما يمكن أن يدفع به الحزب في الوقت الراهن هو ضرورة التوجه نحو مرحلة جديدة، يتم خلالها تحفيز الأحزاب السياسية المغربية على ترشيح الشباب للانتخابات، لا سيما التشريعية، حتى وإن اقتضى الأمر دعم هذا التوجه عبر أخذه بعين الاعتبار عند توزيع الدعم العمومي، وبناء على عدد المقاعد المتحصل عليها”.
من جهته، يناقش حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي (رمزه الرسالة) هذا الموضوع، حيث أوضح مصدر من داخله أن “النقاش لم يُحسم بعد بشأن إشراك الشباب في العمل السياسي ودعم ترشيحهم خلال الانتخابات التشريعية”.
وقال المصدر ذاته: “الحزب كان له موقف سنة 2016 من هذا الموضوع، وقد اعتبر وقتها أن “كوطا الشباب” لم تحقق ما كان منتظرا منها، على اعتبار أن عددا من الأحزاب السياسية سارعت إلى استغلال هذه المسألة بشكل غذّى الريع السياسي، بعدما قامت بترشيح شباب ذوي ولاءات أو مقربين من القيادات السياسية، دون أن يتم ترشيح مناضلين مشهود لهم بالكفاءة”.
وبيّن المتحدث أن “الحسم في هذه النقطة سيكون خلال الأيام المقبلة، بعدما تم التوصل بمقترحات المواطنين عبر النافذة الإلكترونية التي تم فتحها في وقت سابق”، موضحا أن “مقترحات المواطنين تضمنت ملاحظات بشأن دعم تمثيلية الشباب داخل البرلمان”.
ويبدو أن النقاش بشأن “كوطا” الشباب ودعم تمثيليتهم رائجٌ كذلك داخل حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يواصل الاشتغال على إعداد مذكرته بخصوص الانتخابات المرتقبة خلال السنة المقبلة.
وأكد مصدر من داخل الحزب “وجود انقسام في المواقف بشأن هذه الآلية، التي كانت تروم تشجيع ترشيح الشباب، بين مؤيدين لعودتها ورافضين لها، ولا سيما داخل اللجان”.