آخر الأخبار

عائلة ترامب تختبر "ثغرة المال اللا محدود" في سوق العملات المشفرة

شارك

بعد سلسلة من التجارب المتعثرة في عالم المال الرقمي، تعود عائلة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجددًا إلى الواجهة، مستثمرةً فيما يُعرف في أوساط المستثمرين بـ”ثغرة المال اللامحدود”، وهي آلية مالية تستند إلى إصدار رموز رقمية أو أسهم مدعومة بأصول افتراضية، مع توقع تضخّم مستمر في القيمة.

صحيفة “وول ستريت جورنال” تناولت ما أسمته “النسخة الرئاسية” من هذه الظاهرة، التي أطلقتها عائلة ترامب عبر مشروع مالي جديد يُعرف باسم World Liberty Financial.

ويرتكز هذا المشروع على توكن رقمي جديد يدعى WLFI، ويرتبط بعملة مستقرة تُعرف باسم USD1 وتديرها شركة Alt5 Sigma، التي انضم إريك ترامب، مؤخرًا، إلى مجلس إدارتها، عقب جولة استثمارية تجاوزت 1.5 مليار دولار. ومن المتوقع أن يُدرج توكن WLFI في الأسواق خلال شهر شتنبر المقبل، وأن يمنح لحامليه نسبة لا تتجاوز 5 بالمائة من الأصوات في إدارة العملة المستقرة، دون أن يتضمن أي حقوق مباشرة في الأرباح أو الأصول. ويبدو أن العائد الفعلي من هذا التوكن يصبّ في مصلحة عائلة ترامب، إذ تحتفظ شركة تابعة لها بـ75 بالمائة من عائدات البيع.

تجربة ترامب وعائلته مع السوق الرقمي لم تكن وليدة اللحظة، ففي العام الماضي أطلق الرئيس الأمريكي توكنًا رمزيًا باسم $Trump، سجّل ارتفاعات سريعة خلال الدقائق الأولى من إطلاقه، قبل أن ينهار لاحقًا بأكثر من 90 بالمائة من قيمته. وسبقه إصدار آخر تحت اسم $Melania، مني بمصير مشابه. الاستثناء الوحيد كان سلسلة بطاقات NFT الرقمية التي تحمل صورًا معدّلة لترامب في أوضاع بطولية، والتي بيعت في البداية بسعر 99 دولارًا، وبلغ سعرها لاحقًا ما يزيد عن 200 دولار، فيما وصل بعضها في ذروة المضاربة إلى حدود 800 دولار.

النموذج الذي تستند إليه مبادرة عائلة ترامب مستوحى من شركة MicroStrategy (التي باتت تُعرف الآن باسم Strategy) التي أسسها مايكل سايلور. وقد حققت الشركة نجاحًا كبيرًا من خلال شراء كميات ضخمة من عملة بتكوين، واستخدام إصدار أسهم جديدة لتمويل عمليات شراء إضافية، فيما يوصف بـ”آلة المال المتكررة”. هذه الاستراتيجية سمحت للشركة بتحقيق قفزات في القيمة السوقية، وجعلتها في وقت سابق من هذا العام في قائمة أكبر مائة شركة أمريكية من حيث القيمة.

لكن “وول ستريت جورنال” حذّرت من أن نسخة ترامب من هذا النموذج تختلف جوهريًا، سواء من حيث نوعية الأصول أو مدى قابليتها للتسويق. فالبتكوين، رغم الجدل حولها، تملك تاريخًا من التداول الواسع وسقفًا معروفًا للإنتاج، بينما لا يحمل توكن WLFI قيمة ملموسة باستثناء ما يمنحه من ارتباط رمزي باسم ترامب. وهذا ما دفع كاتب التحقيق إلى التأكيد على أن السبب الرئيسي لاقتناء WLFI هو التعبير عن الولاء السياسي، لا الرغبة في استثمار جاد.

في الوقت ذاته تُشكّل مشاريع من هذا النوع مخاطر كبيرة على المستثمرين، إذ تعتمد بالكامل على قبول الناس بفكرة شراء أصول لا تُنتج قيمة حقيقية، بل تتغذى على توقع المضاربة من آخرين. وحسب خبراء استشهدت بهم الصحيفة، فإن هذه الظاهرة تخرق “كل قواعد التمويل التقليدي”، وتُعرّض المستثمرين لتقلبات حادة بمجرد أن يتغير مزاج السوق أو تتراجع موجة الحماس السياسي المرتبطة بها.

والأمر لا يقتصر على العوائد غير المضمونة، فالتجارب التاريخية في هذا المجال تشير إلى أن الأسهم أو الرموز التي يتم تداولها بعلاوة كبيرة على قيمتها الحقيقية غالبًا ما تنهار بمجرد ظهور بدائل أرخص أو مع تراجع موجات الطلب. صندوق الاستثمار التايواني في ثمانينيات القرن الماضي، ومؤخرًا صندوق Destiny Tech100، شكّلا مثالين صارخين على كيف يمكن أن تؤدي الحماسة المؤقتة إلى فقاعات سرعان ما تنفجر.

عائلة ترامب، من جهتها، تنظر إلى هذا النوع من المشاريع كأداة مزدوجة: فهي تدر عوائد سريعة، وتعزز الحضور السياسي للرئيس الأمريكي بين قاعدة مؤيديه، خصوصًا مع اقتراب موسم الانتخابات. لكن “وول ستريت جورنال” تنبّه إلى أن هذا النوع من التداخل بين السياسة والمال يطرح أسئلة أخلاقية وقانونية، خاصةً حينما يُنظر إلى المشروع كأداة لحصد أموال أنصار سياسيين، دون أن يُوفّر لهم أي حماية تنظيمية فعلية.

ويرى المصدر ذاته أن الرهان على المال الرقمي لم يعد مقتصرًا على الابتكار المالي، بل بات أيضًا وسيلة للتأثير والتجييش السياسي. وفي حالة ترامب، فإن كل مشروع جديد يبدو كأنه يحمل وعدًا مبطنًا، ليس بالثروة فقط، بل أيضًا بالولاء والانتماء. لكن حين تختلط هذه الوعود بالهندسة المالية غير الواضحة، تصبح المخاطرة أكبر بكثير من مجرد ارتفاع أو هبوط في السوق.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا