أعلنت وزارة النقل واللوجيستيك عن تأجيل تفعيل المذكرة المتعلقة بتشديد مراقبة مطابقة الدراجات النارية عبر استخدام أجهزة قياس السرعة، وذلك بالتنسيق مع رئاسة الحكومة، ومراعاة للظروف الاجتماعية والاقتصادية لمالكي الدراجات النارية.
وأفادت الوزارة في بلاغ لها، بأن المهلة الجديدة الممنوحة للمالكين ستُحدد لاحقا، وذلك بعد انعقاد اجتماع للجنة الدائمة للسلامة الطرقية وإجراء مشاورات موسعة مع مختلف الأطراف المعنية.
وفي تعليقه على هذا القرار، أكد محمد الفرسيوي، المحامي بهيئة سطات، لجريدة “العمق”، بأن هذا التأجيل جاء نتيجة للتسرع في إصدار الدورية.
وأوضح أن أي قانون أو إجراء من هذا النوع يجب أن يمر بمرحلة من المشاورات ودراسة الواقع الاجتماعي قبل دخوله حيز التنفيذ، مؤكدا على أن القاعدة القانونية يجب أن تستند إلى قاعدة اجتماعية، وأن أي تشريع لا بد أن يخضع لنقاش عمومي.
وأضاف الفرسيوي أن السرعة التي جاء بها الإجراء أثارت ردود فعل شعبية واسعة واحتقانا كبيرا، مما دفع الجهات الحكومية إلى إعادة النظر فيه وتأجيل العمل بمضامينه، مشددا على أن “التشريع السريع هو أخو الخطأ في التقدير، وعدو العدالة في التطبيق”.
وأشار إلى أن الجدل الواسع الذي أثاره القرار الأخير يمكن إيعازه إلى عنصر المباغتة وغياب النقاش المسبق مع كافة المتدخلين لإيجاد حلول للإشكاليات الواقعية التي قد تنشأ عند تطبيقه.
وأقرّ بأن الدافع الأساسي وراء هذا الإجراء هو “المعدلات المهولة للوفيات الناتجة عن الحوادث المميتة التي تتسبب فيها الدراجات النارية، خاصة تلك التي تم تعديل محركاتها لتصل إلى سرعات خيالية”.
ومع ذلك، أكد الفرسيوي أن القرار قوبل منذ أيامه الأولى باستياء واسع من المواطنين، وارتفعت الأصوات الرافضة لمضامينه التي اعتبرتها “مجحفة”، خاصة في حق المهنيين، لكونه يتعارض مع طريقة تصنيع واستيراد هذه الدراجات، وكان من شأن تنزيله حرمان الأغلبية من مركباتهم.
واعتبر المحامي أن آلية الفحص المقترحة، بإجبار أصحاب الدراجات على التوقف وإخضاع مركباتهم للقياس، قد تزيد من إرباك حركة المرور وتؤدي إلى نتائج عكسية، مبرزا أن هذه الدراجات تخضع بالفعل لمراقبة جمركية عند الاستيراد، وبعضها يخضع للفحص التقني الدوري، مما يستدعي أن تكون أي إجراءات رقابية جديدة “قبلية لا بعدية”.
وختم الفرسيوي تصريحه بالتساؤل حول مدى إلزامية هذا الإجراء، كونه صدر بموجب دورية وليس نصاً قانونياً، مما يطرح إشكالية حول الآثار القانونية المترتبة على عدم الامتثال له، مستندا في ذلك إلى المبدأ القانوني الراسخ “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”، مبرزا أن غياب نص قانوني ينظم هذا الفحص يجعل شرعيته محل جدل.