آخر الأخبار

مكافحة التحريض الإلكتروني على "الحريك" تُثبت فعالية استباقية التدخلات

شارك

بتنسيق واستباقية لم تخطئهُما عيون المتابعين لشؤون الهجرة، تواكب السلطات الأمنية المغربية المختصة تطور آليات التحريض الإلكتروني على “الحريك” لمكافحة نشر محتويات مضللة على شبكات التواصل الاجتماعي التي أضحت بمثابة “عنكبوت” تُسقط في شباكها قاصرينَ مغررا بهم من لدن محترِفي تنظيم “الهجرة غير النظامية الجماعية” بما يرقى قانونيا إلى توصيف “الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر”.

ونهاية الأسبوع المنقضي، برزت تطورات جديدة في موضوع التحريض الإلكتروني على الهجرة السرية والهجوم الجماعي على الحدود الوهمية باب سبتة المحتلة، إثر تمكن فرقة خاصة تابعة لمركز الدرك الملكي بالفنيدق، بناء على معلومات أمنية وفرتها المصلحة المركزية للأبحاث القضائية بالتنسيق مع المصلحة المركزية للاستخبارات والتوثيق، التابعتين لجهاز للدرك الملكي بالرباط، من كشف هوية مشتبه فيه ثان وإلقاء القبض عليه.

وأفادت معطيات توصلت بها هسبريس بأن فرقة خاصة للدرك الملكي بالفنيدق واصلت “تعقّب امتدادات محتملة لشبكات التحريض على الهجرة السرية بعدد من المدن المغربية”، بعد تقديم مشتبه فيه قاصر من مدينة سيدي علال البحراوي أمام القضاء بتطوان، للاشتباه في تورطه في إنشاء مجموعة تواصلية للتحريض على الهجرة السرية الجماعية انطلاقا من سواحل مدينة الفنيدق.

التنسيق بين عناصر الأمن الوطني ونظيرتها من الدرك الملكي بالفنيدق أثمَر، مؤخرا، القبض على “الرأس المدبر” لعصابة خطيرة تنشط في مجال الهجرة السرية والاتجار بالبشر؛ بعدما كان موضوع أكثر من سبع مذكرات بحث صادرة في حقه بسبب التهم نفسها، وكان يعتبر من بين أبرز المطلوبين في هذا المجال.

واسترعى تنامي ظاهرة شبكات تحريض القاصرين على “الحريك” انطلاقا من مجموعات للتواصل والتشبيك انتباه عدد من الباحثين والخبراء في مجال الهجرة، مشددين على “أهمية ونجاعة النهج الاستباقي المتّبع” وتكثيف التنسيق بين السلطات المختصة.

“استباقية أثبتت فعاليّتها”

ثمّن صبري الحو، محامٍ وخبير مغربي في القانون الدولي وقضايا الهجرة، ما تبذله الأجهزة الأمنية المغربية من “مجهودات متواصلة في محاربة الجريمة المنظمة، شارحا أنها “اعتمدت منذ سنوات مقاربة استباقية واحترازية تقوم على التدخل المبكر لإجهاض المحاولات الإجرامية قبل وقوعها”.

وقال الحو، ضمن تصريح لجريدة هسبريس، إن “هذه المقاربة أثبتت فعاليتها، إذ تُظهر الأرقام المسجلة أن عمليات إجهاض الهجرة غير النظامية –لا سيما الجماعية – بلغت مستويات مهمة؛ وهو ما يجنّب البلاد نتائج كارثية محتملة، سواء على مستوى الأمن العام أو على صعيد حياة وحقوق المواطنين”.

“صحيح أن هذه التدخلات قد تُطرح أحيانا في ارتباطها بمسألة احترام حقوق الإنسان؛ غير أن حماية أمن المواطنين تظل أولوية قصوى”، أورد الخبير القانوني المختص في شؤون الهجرة، مستدلا بأن “القانون الجنائي المغربي، خصوصا في مادته الـ129، يعتبر أن التحريض أو تقديم المساعدة بأي شكل من الأشكال —سواء عبر توفير معلومات حول الثغرات الأمنية أو الظروف المناخية الملائمة، أو عبر وسائل مادية أخرى – يُعدّ مشاركة فعلية في الجريمة.

وخلُص المصرح عينه: “بالتالي، فإن التحريض والمساعدة على الهجرة غير الشرعية أفعال مُجرَّمة بشكل واضح من الناحية القانونية”.

وعلى هذا الأساس، تابع بأن “الأجهزة الأمنية المغربية تتحرّك لمتابعة كل من يثبت تورطه في هذه الأفعال، وفق إطار قانوني ومسطري وتدخل سليمٍ يضمن سلامة الإجراءات ويوفّر الأرضية الملائمة لإصدار أحكام قضائية رادعة؛ بما يفضي لنتائج إيجابية”.

وحسب صبري الحو، فإن “هذا النموذج يقوم على تنسيق وثيق بين مختلف الأجهزة، سواء تعلق الأمر بمصالح الأمن الوطني أو الدرك الملكي، بما يجعل حماية التراب الوطني وأمن المغاربة مسؤولية جماعية متكاملة تؤدي في النهاية إلى نتائج إيجابية وملموسة”.

من وجهة نظر الباحثين المختصين في قضايا الهجرة واللجوء، اختار حسن بنطالب التطرق إلى موضوع التحريض الرقمي على “الحريك الجماعي” نحو الضفة الأوروبية أو سبتة المحتلة.

وقال بنطالب، في تصريح لجريدة هسبريس، إن هناك “المعطيات والبيانات المتوفرة تبقى قليلة جدا بخصوص رصد هذه الظاهرة التي ما زالت في حاجة أكبر إلى تسليط الأضواء الأكاديمية من وجهات نظر علمية متعددة التخصصات”.

واستحضر الباحث المختص في قضايا الهجرة “تخصيصَ التقرير السنوي الصادر عن رئاسة النيابة العامة برسم سنة 2024، لشق متعلق بحصيلة الموقوفين إثر أحداث الفنيدق (شتنبر 2024) التي كشفت وجود ترابطات وشبكات منظّمة تعمل على تحريض القاصرين على العبور الجماعي للحدود بوسائل واقعية أو عبر تحريض إلكتروني في المجموعات الرقمية”.

ويقدّر بنطالب أن “التحريض الإلكتروني على الهجرة غير النظامية يعدّ من الوسائل الجديدة الناشئة بعد أن كان الأمر حبيس تعاملات واقعية يكون قادتُها سماسرة/ وسطاء ضمن شبكات مغربية محضة، وليس لها أي ارتباط بالخارج؛ ما أكدته التقارير الرسمية”، مسجلا أن “هذا اتجاه عالمي وليس مقتصرا على المغرب أو ظاهرة مغربية خالصة”.

الباحث ذاته أكد لهسبريس أننا في السنوات الأخيرة إزاء صعود قوي لاتجاه “المهاجر المتصل رقميا”، بوصفه مصطلحا جديدا في أدبيات الهجرة، يحيل على استعمال مكثف ومتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي بشكل علني سواء في التحضير لمسار الهجرة السرية، التي تتوزع بين تحركات فردية وجماعية على السواء”.

وفي تقدير حسن بنطالب، فـ”المغرب ما زال حبيسَ المقاربة الأمنية الاستباقية في تعاطيه مع الحريك منذ عام 2017″، داعيا إلى اعتماد متوازن بالتوازي على “مقاربة اجتماعية–نفسية تنبش في اجتثاث العوامل الطاردة للشباب والتي ما زالت حاضرة بقوة، من خلال تفشي البطالة، الهشاشة، وتزايد حدة الجفاف في القرى”.

وخلص إلى أن “المغرب، ورغم العِلل التي قد تعتري مقاربته للملف، فإن هناك تطورا كبيرا في مقاربة الهجرة بالمقارنة مع تعامل باقي دول شمال إفريقيا التي ما زالت تعتمد مقاربات زجرية أكثر قسوة لتجعل المهاجرين غير مرغوبٍ فيهم”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا