آخر الأخبار

مشاورات تعديل قوانين الانتخابات.. هل تنجح الأحزاب في اختبار المناصفة؟ - العمق المغربي

شارك

مع بدء وزارة الداخلية مشاوراتها مع الأحزاب السياسية للتحضير لاستحقاقات 2026، يتصدر ملف تعزيز التمثيلية النسائية واجهة النقاش حول الإصلاحات المنتظرة.

وفي هذا السياق، تطرح دعوة برلمانية إلى نقل معركة التمثيلية النسائية من الإطار القانوني الوطني إلى الهياكل الداخلية للأحزاب، تساؤلا جوهريا حول مدى استعداد الفاعلين السياسيين لتبني آليات تضمن حضورا وازنا وفعالا للمرأة يتجاوز منطق “الكوطا” الحالي.

ففي الوقت الذي تستعد فيه الأحزاب لتقديم مقترحاتها بشأن تعديل المنظومة الانتخابية قبل نهاية شهر غشت الجاري، تبرز أصوات تعتبر أن نظام الحصص الوطني، رغم أهميته، وصل إلى حدوده وبات من الضروري البحث عن آليات جديدة أكثر نجاعة.

ومن بين أبرز هذه الدعوات، ما تقدمت به النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي، التي شددت على أن المناصفة الفعلية لن تتحقق إلا بإرادة سياسية حقيقية تنبع من داخل الأحزاب نفسها، عبر فرض “كوطا” داخلية تضمن للمرأة حضورا في مواقع المسؤولية وقوائم الترشيحات في الدوائر الانتخابية الرئيسية، مما يضع الأحزاب أمام مسؤوليتها التاريخية في الانتقال من التمثيل الرمزي للنساء إلى مشاركة كاملة وفاعلة.

ودعت النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي في تصريح لجريدة “العمق” إلى نقل معركة التمثيلية النسائية إلى داخل الهياكل التنظيمية للأحزاب السياسية، عبر السعي لفرض “كوطا” داخلية تضمن للمرأة حضورا وازنا في مواقع المسؤولية وفي قوائم الترشيحات.

واعتبرت الفتحاوي أن نظام الحصص الوطني، على أهميته التاريخية، يجب أن يُنظر إليه كإجراء مرحلي ومؤقت أدى دوره في فتح أبواب المؤسسات المنتخبة أمام النساء، لكن الطريق نحو المناصفة الفعلية يتطلب الآن إرادة سياسية حقيقية تنبع من داخل الأحزاب نفسها، على غرار ما حدث في تجارب ديمقراطية متقدمة كألمانيا وبعض الدول الاسكندنافية حيث أصبحت الأحزاب هي المحرك الأساسي لتعزيز المشاركة السياسية للمرأة.

وأكدت البرلمانية ذاتها أن تحقيق المناصفة الفعلية يمثل مسؤولية جماعية لا يمكن أن تنهض بها الدولة بمفردها عبر القوانين، بل تتطلب تضافر الجهود بين الدولة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني.

وشددت على أن هذه المسؤولية المشتركة تقتضي تفعيل القوانين القائمة وتطويرها، والعمل بشكل جاد على تجاوز العقبات الثقافية والمجتمعية الراسخة، والأهم من ذلك، تعزيز الإرادة السياسية لدى المؤسسات الحزبية للانتقال من منطق الإذعان للقانون إلى منطق الإيمان بقدرة النساء على إثراء العمل السياسي وقيادته، وهو ما يمثل جوهر التحدي في المرحلة المقبلة من مسار الإصلاحات السياسية.

وأوضحت النائبة أن نظام “الكوطا” بطبيعته هو خطوة مؤقتة على طريق تحقيق هدف أسمى وهو المناصفة الكاملة، وليس غاية في حد ذاته. وشرحت أن الفلسفة من وراء هذا الإجراء التمييزي الإيجابي كانت تهدف إلى خلق كتلة نسائية وازنة داخل البرلمان والمجالس المنتخبة، قادرة على اكتساب الخبرة والتجربة السياسية، وتمهيد الطريق أمام أجيال جديدة من النساء لخوض غمار المنافسة المباشرة على قدم المساواة مع الرجال.

واستدلت على محدودية الأثر الحالي للنظام بنتائج انتخابات 2021 التي، ورغم رفعها عدد النائبات إلى 95، لم تفرز سوى 5 فائزات فقط في الدوائر المحلية التنافسية، مما يثبت أن التأثير لم يتجاوز بعد حدود اللوائح المخصصة.

وفسرت الفتحاوي دعوتها لتبني “الكوطا الحزبية” بكونها الآلية الأنجع لتجاوز هذا الواقع، حيث إن إلزام الأحزاب بتخصيص نسب معينة للنساء في هياكلها القيادية وفي قوائمها الانتخابية، وخاصة في الدوائر التي تملك فيها حظوظا وافرة للفوز، سيضمن تحولا نوعيا في الثقافة التنظيمية الداخلية.

واعتبرت أن هذه الخطوة ستجبر الأحزاب على البحث عن الكفاءات النسائية وتأهيلها وتقديمها للناخبين، بدلا من الاكتفاء بالترشيحات الشكلية في الدوائر الخاسرة أو في مراتب متأخرة في اللوائح، وهو ما سيساهم في بناء قاعدة سياسية نسائية صلبة وقادرة على المنافسة بمعزل عن أي دعم قانوني استثنائي في المستقبل.

وربطت المتحدثة ذاتها بين دعوتها هذه والسياق العام للإصلاحات الذي انطلق مع الاجتماع الذي جمع وزير الداخلية بالأحزاب السياسية في الثاني من غشت الجاري. ونوهت بكون الدولة، وتنفيذا للتوجيهات الملكية، قد وضعت محور “رفع فرص ولوج النساء والشباب وتقوية حضورهم في المؤسسات المنتخبة” ضمن أجندة النقاش، مما يوفر فرصة سانحة لتقديم مقترحات جريئة ومبتكرة.

ورأت أن مقترحات عملية أخرى، مثل اعتماد نظام الترتيب التناوبي في اللوائح وفرض حوافز مالية للأحزاب الداعمة للنساء، تصب جميعها في إطار خلق بيئة داعمة ومحفزة تتقاسم فيها الدولة والأحزاب مسؤولية الدفع بملف المناصفة إلى الأمام.

وخلصت الفتحاوي إلى أن المعركة الحقيقية من أجل المناصفة تدور رحاها اليوم داخل الأحزاب السياسية بالدرجة الأولى. ووجهت نداء للنساء في مختلف المواقع النضالية والسياسية للعمل بشكل جماعي ومنظم من أجل الضغط لتغيير الأنظمة الداخلية للأحزاب بما يضمن لهن تمثيلية عادلة ومنصفة.

وشددت على أن هذا النضال الداخلي، مدعوما بقوانين وطنية متطورة وإرادة سياسية من أعلى مستوى في الدولة، هو السبيل الوحيد لتجاوز مرحلة التمثيل الرمزي والانتقال إلى مرحلة المشاركة الكاملة والفاعلة للمرأة المغربية في بناء مستقبل بلادها.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا