آخر الأخبار

بعد خطاب العرش .. ائتلاف يطالب بمناظرة وطنية وقانون للمناطق الجبلية

شارك

استند الائتلاف الوطني من أجل الجبل إلى “التوجيهات الواضحة” التي أكد عليها الملك “في خطاب العرش لهذه السنة بخصوص مطلب العدالة المجالية”، وطالب رئيس الحكومة عزيز أخنوش بـ”إحداث هيئة وطنية بصلاحيات عليا لتنمية المجالات الجبلية تحت إشراف رئاسة الحكومة، تضم ممثلي الوزارات، الجماعات الترابية، والخبراء والهيئات المدنية”.

كما دعا الائتلاف عينه، في مذكرة رسمية حول “إنصاف الجبل.. ورش استعجالي لتصحيح التفاوتات وتحقيق العدالة المجالية”، إلى “عقد مناظرة وطنية حول هذه العدالة وتنمية الجبل قبل نهاية 2025، للتشاور حول مكونات القانون الإطار وتعبئة الموارد المالية والبشرية، وسبل استفادة المناطق الجبلية من عائد ثرواتها ومن مزايا العدالة الجبائية”.

واقترحت المذكرة التي توصلت بها هسبريس “وضع خطة حكومية محددة الأهداف والمؤشرات، تشمل نسب فك العزلة الطرقية خلال 5 سنوات، بالإضافة إلى نسب التغطية الصحية والحماية الاجتماعية في المناطق الجبلية”، فضلا عن “نسب توسيع التزويد بالماء الشروب، وكذا نسب الاستثمارات العمومية والخصوصية المستهدفة، ناهيك عن نسب توسيع شبكة الاتصال والخدمات الإلكترونية”.

وارتكز الائتلاف في صياغة المذكرة على ما وصفه بـ”التفاعل الملكي الحازم”، مسجلا أن العاهل المغربي وقف في خطابه الأخير على واقع الاختلالات المجالية والاجتماعية، إذ أكد أنه “لا مكان اليوم ولا غدًا لمغرب يسير بسرعتين”، وداعيًا إلى “إحداث نقلة حقيقية في التأهيل الشامل للمجالات الترابية، وتدارك الفوارق الاجتماعية والمجالية، والانتقال من المقاربات التقليدية للتنمية الاجتماعية إلى مقاربة للتنمية المجالية المندمجة”.

وشددت الجهة المدنية ذاتها على أن “التوجيه الملكي يأتي في سياق استمرار التفاوتات العميقة بين المجالات، وتدهور أوضاع ساكنة الجبل، وتنامي صرخات المطالبة بالحد الأدنى من الخدمات الأساسية”، مبرزًا أن “هذا الواقع تؤكّده المعطيات التي أصدرتها المؤسسات الرسمية، كالمندوبية السامية للتخطيط والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والتقارير البرلمانية حول تقييم السياسات العمومية”.

وبالاستناد إلى بعض المعطيات الرسمية ذكرت المذكرة أن “نسبة الفقر متعدد الأبعاد في بعض المناطق الجبلية تتجاوز 14 بالمائة مقابل 6.8 بالمائة على الصعيد الوطني”، كما أن “أكثر من 35 بالمائة من ساكنة الجبال تعاني من صعوبة في الولوج إلى الخدمات الصحية الأساسية”، وتابعت: “97 بالمائة من المستشفيات بالنظام الصحي العمومي تتوطن بالوسط الحضري”.

وأورد المصدر ذاته أن “جل الأقاليم والجماعات الجبليّة تعرف خصاصًا مهولاً في الخدمات الصّحية”، فضلاً عن “وصول الهدر المدرسي ونسب أمية إلى مستويات خطيرة تفوق 47 بالمائة مقابل 32 بالمائة وطنيًا”، متحدثا عن وجود “نقص حاد في البنية التّحتية الطّرقية والرّقمية يكرّس عزلة العديد من القرى”، وكذا “نزيف مستمر في الهجرة القسريّة نحو المراكز الحضريّة بسبب غياب فرص العيش الكريم”.

وبشأن المخاطر الناتجة عن استمرار الوضع لفت الائتلاف إلى “تفاقم الفوارق المجالية والاجتماعية، بما يهدد التماسك الوطني، وارتفاع كلفة معالجة العجز التنموي اجتماعيا واقتصاديا كلما تأخرت التدخلات”، مضيفا “تسريع وتيرة الهجرة القروية وتفريغ الجبال من ساكنتها، وكذا فقدان الثقة في المؤسسات وتقويض ركائز النموذج التنموي الجديد”.

كما طالبت الجهة المدنية نفسها بـ”تسريع إصدار قانون إطار خاص بالمناطق الجبلية، يكون مرجعًا إستراتيجيًا لتوجيه السياسات العمومية وضمان العدالة المجالية”، مشيرة إلى “اعتماد سياسات عمومية ملائمة للخصوصيات المجالية، من خلال مقاربة ترابية مندمجة تضمن الانتقال من التدخلات التقليدية إلى برامج جهوية شاملة”.

في هذا السياق قال محمد الديش، رئيس الائتلاف، إن “المذكرة تستحضر حقيقة أن إنصاف الجبل لم يعد خيارًا محبذا بل ضرورة وطنية وإستراتيجية لضمان التنمية المتوازنة”، مضيفًا أن “المذكرة أُنجزت في توقيت دقيق واستثنائي، مباشرة بعد الخطاب الملكي، وبصيغة رسمية تعبّر عن انخراط جاد ومسؤول في النقاش العمومي حول التنمية والعدالة المجالية”.

وسجل الديش، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، أن “المذكرة تترافع من جديد عن قضية الجبل والمداشر والقرى والمناطق المهمشة، تماشيًا مع الدعوة الملكية إلى تأهيل العالم القروي كضرورة وطنية واستحقاق تاريخي يتطلب أجرأة حكومية تتجسّد في سياسيات واضحة”، معتبرًا أن “التوجيهات الملكية الأخيرة نقطة قوّة ومنطلق موضوعي لمطالبة الحكومة باتخاذ تدابير عملية، مستعجلة وناجعة”.

وأبرز المتحدث ذاته أن “الحكومة اليوم مدعوة إلى التقاط الرسائل الملكية بكل ما تحمله من دلالة، والتفاعل مع مضامين المذكرة بجدية، لأن الفرصة مازالت سانحة لتدارك ما ضاع”، موردا أن “حجم الخيبة بعد الزلزال لم يكن فقط بسبب الكارثة في حد ذاتها، بل نتيجة الإحساس العام بأن التنفيذ لم يرقَ إلى مستوى التوجيهات الملكية، ولا إلى حجم الانتظارات المتراكمة لدى الساكنة المتضررة”.

كما شدد رئيس “ائتلاف الجبل” على أن “حماية الفضاءات الجبلية من الاستنزاف، وضمان استفادة ساكنتها من ثمار النمو الوطني ومن عوائد الموارد المحلية، ليست ترفًا ولا امتيازًا، بل ضرورة تنموية ووطنية”، داعيًا الحكومة إلى “ترجمة هذه القناعة إلى سياسات واقعية وملموسة تعيد بناء الثقة وتؤسس لمغرب متوازن وعادل في توزيع البنى التحتية والتنموية”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا