آخر الأخبار

محمد السادس.. 26 عاما من الحزم والدبلوماسية لتعزيز وحدة المغرب - العمق المغربي

شارك

أكد رئيس منظمة أفريكا ووتش، عبد الوهاب الكاين، أن النهج الدبلوماسي الجديد الذي اتبعته المملكة المغربية تحت قيادة الملك محمد السادس والقائم على الحزم والوضوح قد أحدث تحولا جذريا في قضية الصحراء المغربية وساهم بشكل فعال في حشد دعم دولي متزايد لمقترح الحكم الذاتي. ويأتي هذا التحول الاستراتيجي في سياق احتفالات الشعب المغربي بالذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء الملك محمد السادس العرش والتي تمثل مناسبة للوقوف على المنجزات الكبرى التي تحققت داخليا وخارجيا لتعزيز مكانة المملكة وترسيخ وحدتها الترابية.

وأوضح الكاين الذي يشغل أيضا منصب نائب منسقة تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية أن السياسة الخارجية المغربية شهدت تغييرا نوعيا في مقاربة تدبير نزاع الصحراء المفتعل حيث تم التخلي عن الأساليب التي أثبتت محدوديتها في الماضي والانتقال إلى دبلوماسية المبادرة والجدية. وقد شكلت التوجيهات الملكية السامية منطلقا لهذه السياسة الجديدة التي ترتكز على الوضوح التام في طرح الموقف المغربي والتعامل بحزم مع المواقف الدولية المبهمة أو التي تنطوي على ازدواجية في المعايير وهو ما انعكس إيجابا على القضية الوطنية الأولى للمملكة.

وكشف رئيس منظمة أفريكا ووتش ضمن تصريح لجريدة “العمق” أن هذه الاستراتيجية مكنت من توسيع دائرة الدول الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 كحل سياسي واقعي وجاد يهدف إلى إنهاء النزاع بشكل نهائي. وقد أثمرت هذه الجهود عن انضمام دول وازنة في أوروبا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا إلى قائمة الداعمين للمقترح المغربي حيث باتت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وفرنسا والمملكة المتحدة والبرتغال والعديد من القوى الأخرى تعتبر مبادرة الحكم الذاتي الأساس الأكثر مصداقية وواقعية للتوصل إلى تسوية دائمة لهذا النزاع الذي طال أمده.

واعتبر الكاين أن هذا النجاح الدبلوماسي لم يأت من فراغ بل هو نتيجة مباشرة لمشروع إصلاحي شامل قاده الملك محمد السادس منذ توليه الحكم حيث أدركت المملكة أن قوة موقفها الخارجي تنبع من صلابة جبهتها الداخلية. وفي هذا الإطار دشنت الدولة المغربية ورشا تاريخيا للمصالحة والإنصاف عبر هيئة الإنصاف والمصالحة التي مكنت المغرب من طي صفحة الماضي الأليمة وتأسيس مناخ سياسي وحقوقي جديد قائم على المصالحة وحماية حقوق الإنسان وإشراك كافة مكونات الشعب المغربي في بناء مستقبل مشترك.

وأشار المتحدث إلى أن هذا التحول الداخلي وما رافقه من نهضة تنموية واقتصادية واجتماعية في كافة ربوع المملكة بما فيها الأقاليم الجنوبية قد حصن المكتسبات الوطنية وقدم للعالم صورة عن مغرب واثق من نفسه وموحد خلف قضاياه المصيرية. وقد شهد المنتظم الدولي مرارا وتكرارا على التقدم الذي أحرزه المغرب في مجالات حقوق الإنسان والتنمية المستدامة مما فند الادعاءات والمناورات التي سعت لتصوير الوضع في الأقاليم الجنوبية على أنه كارثي.

ولفت الكاين الانتباه إلى أن الدبلوماسية المغربية عملت بجد على شرح وتوضيح أبعاد مقترح الحكم الذاتي للأطراف الدولية المختلفة. وركزت جهودها على إبراز الجوانب المتعلقة بأسس الحكم المحلي المقترح والضمانات المرتبطة بالتنمية الاقتصادية واحترام الخصوصيات الثقافية والهوياتية للمنطقة في إطار التعددية المغربية الجامعة. وساهم هذا المجهود في تبديد الغموض الذي كان يكتنف الخطة لدى بعض الأوساط الدولية وسمح بتطور مواقف العديد من الدول نحو فهم أعمق وتقدير أكبر لمعالم المقترح المغربي.

وأضاف أن المغرب اتخذ موقفا حازما تجاه سياسات الكيل بمكيالين التي كانت تنتهجها بعض الأطراف الدولية ومحاولاتها للعب على الحبلين والطعن المبطن في السيادة المغربية على الصحراء. واعتبر أن هذا القرار الصائب يعكس الإرادة القوية للشعب المغربي قاطبة وللصحراويين على وجه الخصوص الذين عانوا طويلا من إهمال المجتمع الدولي لوضعهم المأساوي في مخيمات تندوف وعدم قدرته على حث الجزائر على الانخراط بجدية في حوار يفضي إلى حل ينهي معاناة المحتجزين.

وشدد الكاين على أن الدبلوماسية المغربية استندت في ترافعها إلى حجج قوية ترتكز على التاريخ والقانون الدولي وروابط البيعة الراسخة التي جمعت على مر العصور بين أبناء الصحراء والعرش العلوي. وقد نجحت في إبراز الروابط الثقافية والاجتماعية والتاريخية العميقة التي صهرت الصحراويين مع باقي مكونات الشعب المغربي في بوتقة وطنية واحدة. واعتبر تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية أن هذه المقاربات شكلت سدا منيعا أمام كل محاولات المس بالوحدة الترابية للمملكة.

وأكد الكاين أن هذه الاستراتيجيات المتكاملة جاءت كثمرة لمشروع ملكي متكامل أرسى دعائمه الملك محمد السادس بصفته رئيس الدولة والساهر على تحديد أولويات السياسة الخارجية. ولم تكن الإرادة الملكية في تغيير مقاربة الدفاع عن مغربية الصحراء معزولة عن توجه عام لتعزيز التعاون الدولي مع الدول التي تعترف بالمقترح المغربي من خلال بناء شراكات اقتصادية وسياسية وأمنية متينة تظهر الثقة المتبادلة وصواب النهج المغربي.

وخلص رئيس منظمة أفريكا ووتش إلى أن انخراط المغرب الفاعل في معالجة القضايا الدولية الكبرى ومشاركته في عمليات حفظ السلام وتعزيزه لحقوق الإنسان وتقديمه للدعم الإنساني قد عزز من مصداقيته على الساحة الدولية. وأوضح أن الجمع بين دبلوماسية الحزم والوضوح من جهة ونهج التعاون الدولي البناء من جهة أخرى قد شكل استراتيجية ناجحة لإقناع عدد متزايد من الدول بدعم مقترح الحكم الذاتي وبمعقولية المقاربة المغربية لإنهاء معاناة الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف منذ ما يقارب الخمسة عقود.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا