آخر الأخبار

26 سنة من الحسم الهادئ.. استراتيجية محمد السادس تغير موازين قضية الصحراء المغربية - العمق المغربي

شارك

كشفت استراتيجية شاملة ومحكمة قادها الملك محمد السادس على مدى ستة وعشرين عاما عن تحول جذري في مسار نزاع الصحراء المغربية مما دفع بالملف نحو طي نهائي وإقبار المشروع الانفصالي الذي ترعاه الجزائر منذ عقود. وشكلت هذه المرحلة الحافلة بالتحولات الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية نقطة تحول استراتيجية وضعت المغرب في موقع قوة على رقعة الشطرنج العالمية وأدت إلى توالي الاعترافات الدولية بسيادته على أقاليمه الجنوبية.

وأكد المحلل السياسي أحمد نور الدين في تصريح خص به جريدة “العمق” أن تاريخ الخامس من مارس عام 2002 شكل منعطفا حاسما في هذه الاستراتيجية. ففي ذلك اليوم ترأس الملك مجلسا وزاريا في مدينة الداخلة في خطوة رمزية قوية جسدت سيادة المغرب على كامل ترابه وبعثت برسالة واضحة للعالم بمغربية الصحراء. وجاء هذا الحدث ردا مباشرا على مقترح التقسيم الذي قدمه المبعوث الأممي آنذاك جيمس بيكر والذي رفضه المغرب رفضا قاطعا لكونه لا يتماشى مع الحقوق التاريخية والشرعية للمملكة.

وأوضح الخبير في العلاقات الدولية أن هذا التوجه الحازم تجسد بشكل متواصل في الخطب الملكية التي وضعت حدا لازدواجية المواقف لدى بعض الدول. وقد تدرجت هذه الخطب في حدتها بدءا من خطاب المسيرة الخضراء عام 2009 الذي أعلن فيه الملك أن المغرب لن يتنازل عن حبة رمل من صحرائه وصولا إلى خطاب عام 2022 الذي شدد على أن ملف الصحراء هو “النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم” وأن الموقف منه هو “المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات”. وقد دفعت هذه المقاربة العديد من الدول التي كانت تتبنى مواقف رمادية إلى توضيح مواقفها والانحياز للشرعية.

ويرى الخبير في شؤون الصحراء أن هذه السياسة الحازمة مهدت الطريق لتحقيق اختراقات دبلوماسية كبرى كان أبرزها اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية في العاشر من ديسمبر 2020 بالسيادة الكاملة للمغرب على الصحراء. وشكل هذا الاعتراف الذي تم توثيقه رسميا وتوزيعه على أعضاء مجلس الأمن “ضربة معلم” لم يتوقعها خصوم المغرب وأعداؤه.

وقد فشلت كل محاولات الجزائر ولوبياتها في الكونغرس الأمريكي وكذلك محاولات إسبانيا في عهد وزيرة خارجيتها السابقة في ثني إدارة الرئيس جو بايدن عن هذا الموقف السيادي لتتوالى بعد ذلك الاعترافات الدولية وآخرها الموقف الفرنسي الذي أعلن عنه في الذكرى الفضية لعيد العرش عام 2024.

وفي هذا السياق شكل مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب عام 2007 خطوة تكتيكية ذكية لشن هجوم دبلوماسي مضاد وحشد الدعم الدولي. فقد أتاح هذا المقترح الذي وصفته الأمم المتحدة بالجاد وذي المصداقية للدول التي كانت تدعم الطرح الانفصالي مخرجا دبلوماسيا لمراجعة مواقفها دون حرج سياسي. وكانت النتيجة تراجع عدد الدول التي تعترف بالكيان الوهمي من أكثر من 76 دولة إلى أقل من 28 معظمها دول ميكروسكوبية.

ولفت نور الدين إلى أن الاستراتيجية الملكية لم تقتصر على الجانب الدبلوماسي بل ارتكزت على ركائز أخرى لا تقل أهمية. فعلى الصعيد الإفريقي مكنت عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017 من تحييد الدور الجزائري الهدام داخل هذه المنظمة وتحويلها من منصة للدعاية الانفصالية إلى فضاء للدفاع عن مصالح المملكة وتعزيز التعاون جنوب-جنوب. وعلى الصعيد الدولي عمل المغرب على تنويع شراكاته الاستراتيجية مع قوى عالمية مثل الصين وروسيا والهند والبرازيل إلى جانب تعزيز تحالفاته التقليدية وعلى رأسها التحالف مع دول الخليج.

وبموازاة ذلك استطاع المغرب أن يبرهن للعالم على جديته ومصداقيته من خلال الإصلاحات السياسية والديمقراطية التي شهدها وتجربة الإنصاف والمصالحة التي أعطته إشعاعا دوليا. كما تحول المغرب إلى قوة اقتصادية إقليمية ونمر إفريقي بفضل نموذجه التنموي الذي انعكس بشكل خاص على الأقاليم الجنوبية التي أصبحت مدنها الكبرى كالعيون والداخلة تضاهي كبريات المدن في المنطقة. وقد تحول نزاع الصحراء بفضل هذه الرؤية من عائق للتنمية إلى جسر حقيقي للتعاون بين المغرب وعمقه الإفريقي.

وخلص المحلل السياسي إلى أن هذه الاستراتيجية الشاملة نجحت في فضح المشروع الجزائري الذي يعتمد على الشعارات الإيديولوجية البائدة ويهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. ويرى أن حسم الملف نهائيا بات وشيكا ويتوقف على محطتين أساسيتين: طرد الكيان الوهمي من الاتحاد الإفريقي وإصدار قرار من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة يؤكد سيادة المغرب على صحرائه وبذلك يطوى هذا الملف بشكل نهائي.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا