آخر الأخبار

بعد 26 سنة من الحكم.. الصحراء تتحول إلى رافعة جيوسياسية في عهد محمد السادس - العمق المغربي

شارك

مع حلول الذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية، يتجدد الحديث عن المنجزات الكبرى التي طبعت عهده، في محطة فارقة من تاريخ المغرب الحديث تتجلى فيها معالم رؤية استراتيجية حوّلت التحديات إلى فرص، ووضعت المملكة على مسار تنموي متسارع وطموح. هذه المسيرة الحافلة بالإنجازات، والتي مست كافة القطاعات الحيوية، تجد أبرز تجلياتها في المقاربة الملكية المتجددة للقضية الوطنية الأولى.

ففي قلب هذه المنجزات، تبرز قضية الصحراء المغربية التي شهدت تحولا استراتيجيا عميقا، نقل الملف من دائرة الانتظار إلى فضاء المبادرة والفعل. فبدلا من الاكتفاء بالدفاع الدبلوماسي عن حقوقه المشروعة، اختار المغرب بقيادة الملك محمد السادس أن يجعل من أقاليمه الجنوبية نموذجا تنمويا رائدا، وبرهانا عمليا على الأرض يجسد الإرادة الراسخة في تحقيق الاندماج والازدهار، ويرسخ الحقوق المغربية على الصعيدين الواقعي والدولي.

هذه النقلة النوعية، القائمة على ربط السياسة بالتنمية، لم تعد تقتصر على تحقيق الرفاه لسكان المنطقة فحسب، بل أصبحت رافعة جيوسياسية تهدف إلى تغيير ملامح منطقة غرب إفريقيا بأكملها، وهو ما يؤكده المحلل الاقتصادي محمد جدري، الذي يرى أن المغرب يراهن اليوم على أقاليمه الجنوبية لتكون بوابته الاستراتيجية نحو عمقه الإفريقي، وقاطرة لتحقيق تنمية مشتركة تعود بالنفع على القارة بأسرها.

وفي هذا السياق، أوضح جدري في تصريح لجريدة “العمق”، أن المملكة المغربية تعتمد على نموذج تنموي جديد يهدف إلى مضاعفة الناتج الداخلي الخام من 130 مليار دولار عام 2021 إلى 260 مليار دولار بحلول 2035. هذا الطموح الاقتصادي الهائل يمر حتما عبر تعزيز جاذبية الأقاليم الجنوبية وتحويلها إلى قطب اقتصادي قاري، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة بدأت تظهر معالمها بالفعل على أرض الواقع.

ويأتي في طليعة هذه المشاريع المهيكلة، الطريق السريع تيزنيت-الداخلة، الذي يصفه جدري بالشريان الحيوي الذي سيربط أوروبا بغرب إفريقيا عبر الأراضي المغربية، مسهلا عبور السلع والمسافرين ومحفزا للاستثمار على طول امتداده. وإلى جانب هذا الشريان البري، يبرز مشروع أنبوب الغاز الاستراتيجي بين نيجيريا والمغرب، والذي سيعبر الأقاليم الجنوبية في طريقه نحو أوروبا، ليعزز السيادة الطاقية للمنطقة ويقدم حلا للدول الإفريقية الأقل وصولاً للكهرباء.

ويكتمل هذا الثالوث الاستراتيجي، يضيف المحلل الاقتصادي ذاته، بمشروع ميناء الداخلة الأطلسي، الذي سيقدم حلا لوجستيا ومنفذا بحريا حيويا لدول الساحل المحرومة من واجهة بحرية، مثل مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو، مجسداً بذلك المبادرة الملكية الأطلسية في أبهى صورها.

هذه البنية التحتية الضخمة تتكامل مع استثمارات نوعية أخرى تهدف إلى خلق منظومة اقتصادية واجتماعية متكاملة، حيث يشير جدري إلى مشاريع كبرى كالمستشفى الجامعي بمدينة العيون، والقطب التكنولوجي الموجه لتنمية كفاءات الشباب، فضلا عن الاستثمارات الهامة في القطاع السياحي وربط مدينتي العيون والداخلة بوجهات دولية، مما يخلق ثروة وقيمة مضافة وفرص عمل حقيقية لأبناء المنطقة.

وبالتالي، يخلص المحلل الاقتصادي إلى أن المغرب، الذي استثمر ما يفوق 100 مليار درهم في أقاليمه الجنوبية خلال السنوات الماضية، لا يقوم فقط بتنمية جزء من ترابه الوطني، بل هو بصدد بناء قطب تنموي متكامل، واضعا عينه على تنمية المنطقة في مرحلة أولى، ولكن بغرض أسمى يتمثل في تعزيز علاقات “جنوب-جنوب” وتنمية القارة الإفريقية وغربها على وجه الخصوص، انطلاقا من رؤية ملكية واضحة تجعل من الصحراء المغربية قلب المغرب النابض في إفريقيا.

العمق المصدر: العمق
شارك

الأكثر تداولا اسرائيل روسيا مصر أمريكا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا