آخر الأخبار

"تقبيل يد عامل" يعيد طرح أسئلة حول تمثلات السلطة في القرى المغربية

شارك

مرة أخرى، وجد رجال السلطة أنفسهم في موقف حرج أمام الرأي العام الوطني بسبب مشهد مثير للجدل، يؤكد أن العلاقة بين السلطة والمجتمع مازال يعتريها كثير من سوء الفهم الذي يؤدي إلى بروز أحداث ومشاهد تعيدنا عقودا من الزمن إلى الوراء.

وشكل تقبيل رجل مسن يد عامل إقليم شفشاون، محمد علمي ودان، في حفل تدشين عدد من المشاريع بإحدى الجماعات، محطة جديدة من الجدل والنقد اللاذع الذي يوجّه لرجال الداخلية بسبب مثل هذه التصرفات المتكررة.

ورغم أن العامل بدا منزعجا من تصرف الرجل القروي ورافضا له، إلا أن السلوك في حد ذاته يطرح تساؤلات كثيرة، خاصة على مستوى صورة وحضور رجل السلطة في ذهن ومخيلة المجتمع، خصوصا في المناطق القروية.

في تعليقه على الواقعة، قال محمد يحيا، أستاذ القانون بكلية الحقوق بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، إن تقبيل يد عامل إقليم شفشاون من طرف أحد المواطنين “مسألة دخيلة على المجتمع المغربي، لا يمكن قبولها في العهد الجديد”.

وأضاف يحيا ضمن تصريح لهسبريس: “علينا أن ننصح الجميع بالفهم الجديد للسلطة الذي ما فتئ جلالة الملك يدعو إليه منذ توليه العرش سنة 1999، والتحولات الكبرى التي عرفها المجتمع المغربي في إطار الدمقرطة والتطورات التي ميزت العلاقة بين الإدارات العمومية، خصوصا وزارات السيادة وغيرها، وباقي المواطنين”.

وشدد الخبير القانوني على أن “هذه الممارسات في زمننا هذا تعتبر غير مقبولة”، لافتا إلى أنه بالنسبة للأعراف والتقاليد المغربية “هناك مسألة تقبيل اليدين بالنسبة للوالدين وبالنسبة لبعض الفقهاء، وهذا يدخل في التقاليد المغربية الأصيلة، بالإضافة إلى تقبيل يد الملك، وهو نوع من المكتسبات على مدار الزمن والتاريخ، ولا يحط من قيمة المواطن”.

وزاد مفسرا: “أتحدث عن العلاقة بين العرش في المغرب وبين المواطنين، وبالتالي المسألة تعتبر جد عادية بالنسبة لهذا المستوى”، مجددا التأكيد على أنه عندما يقوم مواطن عادي بتقبيل يد أحد رجال السلطة عن اقتناع أو سهو، “يبقى الفعل غير مقبول ولا يمكن القبول والأخذ به”، مشيرا إلى الحديث عن مجتمع “متطور له حقوق وواجبات والجميع يعلم بحقوقه وواجباته”.

وأعرب يحيا عن أمله أن يكون الحدث “عرضيا، وألا يكون قناعة بالنسبة للمواطنين؛ لأن علاقة السلطة مع المواطنين هي علاقة نظامية”، مطالبا بعدم تكرار هذا النوع من الأفعال.

من جهته، اعتبر عبد الله أبو عوض، أكاديمي محلل سياسي، أن الواقعة “ليس لها سياق معين ولا يمكن تحميل الفعل دلالة محددة”.

وسجل أبو عوض، ضمن تصريح لهسبريس، أن “النظر إلى الواقعة من حيث الثقافة السائدة، وخاصة في العالم القروي، يمكن أن ينعكس ذلك على ربط الشخص بفعله تطوعا وليس إكراها”، واستدرك: “لكن في العموم على رجل السلطة أن يستبق البروتوكول كاختيار صوري حتى لا يقع في ما يمكن تأويله أنه انتقاص في حق المواطن”.

وتابع المحلل السياسي ذاته أن “الأولى تجاوز مثل هذه المظاهر في الاستقبال؛ لأنها صارت متجاوزة، وأن جماليتها تكمن في البروتوكولات الخاصة بالملوك ورؤساء الدول”، وفق تعبيره.

وأشار أبو عوض إلى أن الحادثة تبين أن هناك “خللا” على مستوى العلاقة بين رجال السلطة وسكان العالم القروي، مبرزا أن هذا الأمر يحمل المسؤولية “للتنشئة الاجتماعية والثقافة القديمة التي ما زالت تسكن في قناعات البعض”.

وزاد موضحا: “لا عيب أن يتحمل رجل السلطة المسؤولية باعتباره ممثلا للدولة، وأن يتجاوز مثل هذه البروتوكولات في الاستقبال، إلا ما فرضته الضرورة، وخاصة في العالم القروي”، لافتا إلى أن رجل السلطة في نظر بعض القرويين هو “الدولة، وذلك إما بسبب محدودية المعرفة أو الأمية الفردية التي تلبس البعض”، وفق تعبيره.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا