آخر الأخبار

المصباحي يدعو إلى التنوير الرقمي

شارك

دعا المفكر والفيلسوف المغربي محمد المصباحي إلى “التفكير في التنوير الرقمي، واستثمار الفضاء الافتراضي وتعبئته من أجل غاية تنويرية تنبّه إلى مخاطر الشبكات الاجتماعية التي لم تَعُد منصّات لتطويع الإنسان فحسب؛ بل أصبحت تشكّل مصيره، وتجعل منه عبارة عن لعبة بين يدي الشركات الكبرى”، مسجلا أن “هدفها صار هو الزجّ بالكائن البشري في غياهب لا وعيه”.

وأشار المصباحي ضمن الندوة الختامية للدورة التاسعة عشرة لمهرجان “ثويزا” الثقافي، مساء أمس الأحد، إلى أن “هذه الشبكات صارت تُنتج الأكاذيب والترهات، وتخلق أوضاعا جديدة يظن الإنسان أنها حقيقة؛ في حين أنها محض اختلاق”، معتبرا أن “التنوير الرقمي يسعى إلى إخراج شبابنا من حالة التبعية والاستلاب لهذه الشركات الكبرى”.

مصدر الصورة

وتابع المفكر المغربي: “لقد كنّا، في السابق، مستلبين أمام الفقهاء والأنظمة؛ غير أننا أصبحنا مستلبين أمام شركات عملاقة لا تستطيع حتى الدول الكبرى التحكّم فيها”.

وأكد المصباحي، خلال كلمته في ندوة “الإنسان هو الحل!”، على “ضرورة التفكير في نوع جديد من المقاومة”؛ وهي “مقاومة ترتكز على عقلانية جديدة، لا ترفض الذكاء الاصطناعي أو العقل الآلي، ولكن تتعامل معه بتوازن، دون أن نفرّط في عنصرين أساسيين من ماهية الإنسان: العقل (كما في التعريف الأرسطي)، والعمل (كما في التعريف الماركسي)”.

واعتبر الأكاديمي عينه أن “هناك عوامل عديدة، سواء على المستوى العالمي أم الداخلي أم المغربي، تكالبت لنخر الإنسان، وجعلته، في أيامنا هذه، شبحا”، مسجلا أن “المؤسسات التي كانت تُربي الإنسان المغربي، مثل الأسرة والمدرسة والحزب، والنقابة، بل وحتى جمعية حقوق الإنسان، تلكأت في القيام بمهامها؛ فأصبح الطفل نهما لوسائل التواصل الاجتماعي”.

مصدر الصورة

وأشار المصباحي إلى “وجود مؤثرات سلبية أودت بإنسانية الإنسان، في زمن أصبح الناس فيه يتحدثون عن ما بعد الإنسان، بل حتى عن موته”، موضحا أن “العدمية الأصولية كانت سببا في وصول البشر إلى هذا المستوى”، لكونها “زجّت بالإنسان في غيبوبة معرفية أفقدته عقله وإرادته. وأصبح مرتبطا بمشاريع مضادة له، لأنها تنطلق من مرجعيات لا تمت إلى زمننا الراهن بأية صلة”.

وتحدث الباحث عن “عدمية أخرى مرتبطة بما هو رقمي”، لافتا إلى أن “هذه الأخيرة فتحت أبوابا واسعة أمام المعرفة، والتعبير، والحرية… لكنها في الوقت ذاته خلقت أنظمة جديدة من العبودية والتبعية والتنميط. خلقت أنظمة للاستعباد والتبعية ونوعا من الاتكالية وأخفق الإنسان أمامها على التفكير في واقعه ومستقبله”.

وتساءل الفيلسوف: “أمام هذا السجل من العدميات، هل يمكننا فعلا أن نتحدث عن “إنسان الغد”؟ هل يمكننا أن نتصور مستقبله، في زمن بدأ فيه الذكاء الاصطناعي أو الإنسان الاصطناعي يضايقه ويزاحمه، ويريد أن يحتلّ مكانه في الشغل، وفي التفكير، وفي العلاقات الاجتماعية والسياسية؟”. وزاد: “هل نستطيع، في زمن الثورة الرقمية، أن نُعيد تعريف الإنسان وأن نضع يدنا على ماهيته المستقبلية؟ أم أن الإنسان قد انتهى، وسنعود إلى اختزاله في كائن جسدي؟”.

مصدر الصورة

وشدد المتدخل في الندوة سالفة الذكر على أنه “رغم قَتامة هذا الوصف، فإن ثمّة إيمانا مرتفعا بالتقدّم وبالإنسان القادر على تجاوز هذه الصعوبات، كي نخلق إنسانا مغربيا قادرا على الحضور في الساحة التاريخية، وقادرا على الإدلاء بدلوه في الابتكارات والحلول السياسية، خصوصا أننا بلد التوافقات والتوازنات”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا