آخر الأخبار

جبرون: خراب العالم في العقلانية المتطرفة .. واللغة تخجل من حرب غزة

شارك

قال المؤرخ المغربي امحمد جبرون إن “الصورة السوداء، التي تطالعنا يومياً في الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي، تدفعنا إلى إعادة النظر في جملة من أسئلتنا”، مضيفا “إذا نظرنا إلى هذا الواقع القاتم سنكتشف أن من يقف وراءه هو الإنسان ذاته”. وتساءل: “من يطلق شرارة الحروب ويدمّر البيئة؟ من يستغل الآخر ويمارس الإقصاء والكراهية؟ من يشرعن التمييز العنصري، سواء لأسباب دينية أو عرقية أو انتمائية؟.. إنه الإنسان في نهاية المطاف”.

وأوضح جبرون، أثناء مشاركته في الندوة الفكرية حول “الإنسان هو الحل!” المنعقدة ضمن فعاليات الدورة 19 لمهرجان “ثويزا” الثقافي بطنجة، أن “هذا الأمر يفرض علينا أن نعيد مساءلة المرجعيات التي ينطلق منها هذا الإنسان في سلوكاته” لأنه “يتصرّف استناداً إلى معتقدات ومرجعيات معينة، منها ما سوّد وجه العالم؛ فهل هذا نابع من أصوليّة دينية، أم أصولية من نوع آخر؟”.

مصدر الصورة

وانتقد المؤرخ المغربي العقلانية الحديثة في وجهها المتطرف، بوصفها “أصولية تقدّس الجشع ولا تتردد في استعارة القوة لتبرير الأخلاق”. وقال: “اليوم لم يعد الحق قيمة مثالية مجرّدة عن القوة. من يمتلك القوة هو من يمتلك الحق”، مشيرا إلى أن “علينا النظر إلى كيفية اشتغال المؤسسات الدولية، وكيف تُتخذ القرارات في مجلس الأمن والأمم المتحدة”. قبل أن يضيف “يتبيّن أن من يمتلك حق “الفيتو” هو من يمتلك القوة، وليس من يمتلك الحق أو الخير أو العدالة”.

وأبرز المتحدث، وهو يتفاعل مع الأسئلة التي أطر بها مسير اللقاء الباحث أحمد عصيد الأرضية، أن “العقلانية المتطرفة، التي راهنّا عليها لإنقاذ الإنسان، تحوّلت بنا في الجانب الاجتماعي إلى أداة لتخدير الإنسان”، مقدما مثال “الطفل عندما يمسك هاتفاً ذكياً، ويقضي ساعات وهو يتنقل عبر وسائل التواصل، في دوامة من الموسيقى، النكات، العبارات الفارغة والمحتوى التافه”.

مصدر الصورة

وأشار إلى أن “القيم التي تحكمنا اليوم نتاج لفلسفة التنوير، لكنها في كثير من الأحيان أنتجت قِيَماً لا تنطبق على الجميع”، لافتا إلى أن “مفاهيم مثل الكرامة، العقلانية وحقوق الإنسان كانت شعارات جميلة، بيد أنها لم تكن شاملة؛ كانت شعارات لبعض البشر، لا لجميعهم”. ودعا إلى “التحلّي بالشجاعة لمساءلة مرجعيات الحداثة، وفي جوهرها العقلانية باعتبارها أساس الخراب الذي يعاني منه العالم”.

وتابع قائلا: “قد يُطرح السؤال: ما البديل؟ هل نتخلى عن العقل؟”، قبل أن يجيب “بالتأكيد لا. لا ينبغي التخلي عن العقل، بل تجاوزه إلى ما هو أرقى منه، وهو ما تعبر عنه تيارات ما بعد الحداثة، أي العودة إلى القيم والأخلاق، بغضّ النظر عن تجلياتها الدينية، سواء كانت إسلامية، مسيحية، يهودية، أو غيرها”، فـ”لا أمل للإنسان في استعادة إنسانيته إلا بالعودة إلى الأخلاق. علينا أن نعيش بقوة الأخلاق، لا بأخلاق القوة”، يضيف المتحدث.

مصدر الصورة

وأوضح أن “ما يجري في غزة، اليوم، هو تجسيد صارخ لأخلاق القوة”، معتبرا أن “هذه المأساة، التي تحدث في القطاع الفلسطيني المحاصر، تُخجل اللغة، كما تعجز الكلمات عن وصفها”. وأضاف “لا يمكننا حتى أن نقول إن ما يجري هو استئصال أو إبادة لأن الأمر يتجاوز اللغة، ويحمل إدانة للعقلانية المتطرّفة”.

واسترسل جبرون قائلا: “الجنوب العالمي ومثقفوه مطالبون بامتلاك الشجاعة للإيمان بأنفسهم، وتقديم خبرتهم إلى العالم، فهذه المنطقة التي ننتمي إليها هي مهد القيم”، مضيفا “علينا أن نتمرّد على هذه الكارثة. ولن نخرج منها إلا بإعادة الاعتبار للقيم والمعنى، خاصة بالنسبة للأجيال الجديدة والمستقبلية (…)، وإلا صرنا أسرى أمام عقلانية تطحننا جميعاً، في الاقتصاد، في السياسة وفي المجتمع”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا