تزامنا مع اليوم الدولي للنساء المنحدرات من أصل إفريقي، الذي يُحتفى به في 25 يوليوز من كل سنة، لتسليط الضوء على واقع التمييز والتهميش التي لا تزال تعاني منه ملايين النساء ذوات الأصول الإفريقية، خاصة في الدول التي تشهد هشاشة أمنية واقتصادية في القارة السمراء؛ دعت فعاليات حقوقية نسوية بالمغرب إلى تعزيز حماية حقوق النساء المهاجرات القادمات من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، خاصة غير النظاميات منهن، لما يواجهنه من هشاشة مضاعفة وعنف متعدد الأبعاد.
وأكدت الفعاليات الحقوقية المهتمة بقضايا النساء في المملكة، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية في هذا الشأن، أن التزامات المغرب الدولية على المستوى الحقوقي، وتحوّله من بلد عبور للهجرة الإفريقية إلى بلد استقبال، تفرض عليه تبني مقاربة إنسانية في التعامل مع أوضاع النساء المهاجرات المتواجدات فوق أراضيه بغض النظر عن وضعيتهن القانونية، بما يضمن كرامتهن ويوفر لهن حق الحماية المكفول بالقوانين الوطنية والصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
بشرى عبدو، رئيسة “جمعية التحدي للمساواة والمواطنة”، شددت على “ضرورة إيلاء اهتمام أكبر لقضايا النساء المهاجرات من إفريقيا جنوب الصحراء المتواجدات في المغرب، واللواتي يعانين من كل أشكال العنف والتمييز، خاصة غير النظاميات منهن، بحكم عدم جرأتهن أو تخوفهن من التبليغ عن الانتهاكات التي يتعرضن لها”.
وأضافت عبدو، في حديث مع هسبريس، أن “هذه الفئة تعيش أوضاعا هشة، وهربت من بلدان تعيش أوضاعا أمنية واقتصادية صعبة.. وبحكم أن المغرب أصبح بلد استقبال، فيجب وضع برامج واستراتيجيات وسياسات واضحة لحمايتهن وإدماجهن اقتصاديا واجتماعيا، وتوفير مراكز للإيواء والمساعدة الاجتماعية والمواكبة بمختلف المدن والمناطق المغربية التي تعرف توافد المهاجرين إليها، وفتح الفضاءات متعددة الوسائط المخصصة لاستقبال النساء في وجههن”.
وسجّلت رئيسة “جمعية التحدي للمساواة والمواطنة” أن “توفير بيئة قانونية ومجتمعية تحترم كرامة وإنسانية المهاجرات لا يساهم فقط في تعزيز مسار الإدماج في النسيج المجتمعي؛ بل يعزز أيضا صورة المغرب كبلد رائد في التعاطي مع قضايا الهجرة من منظور إنساني”، مبرزة أنه “لا يمكن أن نمارس على المهاجرين الأفارقة نفس العنف والعنصرية التي نرفض أن تُمارس على المهاجرين المغاربة في الدول الغربية”.
من جهتها، اعتبرت سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، أن “العمق الإفريقي للمغرب، الذي يشكل عنصرا أساسيا في سياساته الداخلية وكذا الخارجية، إضافة إلى الالتزامات الدولية للمملكة في مجال حقوق الإنسان، يفرض عليه تبني توجه إنساني وشامل في التعاطي مع قضايا المهاجرين الموجودين على أراضيه، خاصة النساء باعتبارهن الفئة الأكثر هشاشة”.
وأضافت موحيا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه المسؤولية الملقاة على عاتق المغرب تأتي من منطلق الدور الذي تلعبه المملكة في تدبير قضايا الهجرة، سواء النظامية أو غير النظامية، على المستوى الإقليمي، وفق مقاربات تحترم الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا”، لافتة إلى أن “المجتمع المغربي مجتمع مُرحِّب، حيث تمكن عدد من المهاجرين من الاستقرار والاندماج داخل النسيج المجتمعي المغربي”.
وسجّلت الفاعلة الحقوقية ذاتها أن “الخطاب العنصري تجاه المهاجرين والمهاجرات من إفريقيا جنوب الصحراء داخل المغرب دائم الحضور؛ لكن لا يمكن اعتباره ظاهرة بأي شكل من الأشكال بقدر ما هو نتاج سياقات أو أحداث معينة”، مبرزة أن “المغرب ملزم بحماية النساء المهاجرات، بحكم موقعه الجغرافي كنقطة عبور واستقرار للهجرات الإفريقية على مر التاريخ والتزامه بالاتفاقيات الدولية التي تضعه أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية لحماية وصيانة حقوقهن؛ من بينها الحق في الحماية من العنف والاستغلال، والحق في الصحة والتعليم وغيرها من الحقوق المكفولة دستوريا ودوليا”.