آخر الأخبار

القصف الإسرائيلي لسوريا يعمّق الخلاف بين الإسلاميين واليساريين بالمغرب

شارك

بين القصف الإسرائيلي على إيران والقصف الإسرائيلي على سوريا، ظهر اختلاف في مواقف فاعلين سياسيين مغاربة؛ فبينما ندّد إسلاميّون بالقصف وساندوا وحدة المكوّنات السورية بقيادة أحمد الشرع، لم يكن رد فعل يساريّين من قصف دمشق بمثل نفَس موقفهم من قصف طهران.

أحزاب وحركات إسلامية

في بيان رسمي، عبّر حزب العدالة والتنمية عن “تضامنه الكامل مع الشعب السوري الشقيق ضد العدوان الصهيوني الإرهابي، الذي يهدف إلى زعزعة استقرار سوريا ووقف مسيرة الوحدة والبناء والتنمية التي تقودها سوريا الجديدة، ويربك سعيها إلى بناء دولة المواطنة التي تشمل كل السوريين دون استثناء”، داعيا “كل أبناء سوريا من كل المشارب والتوجهات إلى الوحدة والالتئام حول قيادتهم الوطنية ورفض التدخلات الأجنبية، وعدم السماح للعدو الصهيوني المجرم ببث الفرقة وسعيه الخبيث لتقسيم سوريا وتهديد وحدتها واستقرارها”.

وأدانت جماعة العدل والإحسان في موقعها الرسمي، عبْر محمد حمداوي، مسؤول العلاقات الخارجية بالجماعة، “العدوان الصهيوني الغادر الذي استهدف الأراضي السورية، بما فيها العاصمة دمشق”، قائلا إن ذلك “انتهاك صارخ للسيادة الوطنية السورية ولكل الأعراف والقوانين الدولية”، و”عمل إجرامي جزء من سياسة ممنهجة ينتهجها الكيان الصهيوني؛ بهدف زعزعة استقرار سوريا ووحدة أراضيها، وتكريسا لمشاريعه التوسعية، فضلا عن كونه وسيلة لتصدير أزماته الداخلية من خلال التصعيد العسكري ضد الشعوب العربية”.

حركة التوحيد والإصلاح من جهتها ذكرت أنه “في ظل استمرار الغطرسة الصهيونية وتصاعد اعتداءاتها الإجرامية على شعوب المنطقة، يواصل الكيان الصهيوني عدوانه السافر، فبعد جرائمه المتكرّرة في حقّ الأبرياء في فلسطين ولبنان وإيران، امتدّ عدوانه هذه المرّة إلى الجمهورية العربية السورية (…) هذا السلوك الهمجي المتكرّر يؤكد مرة أخرى الطبيعة الإجرامية للكيان الصهيوني، وخطورته على استقرار المنطقة، واستمراره في انتهاك سيادة الدول العربية والإسلامية، ومحاولته زرع الفتن والانقسامات الداخلية، وتخريب كلّ مسعى لتحقيق نهضة حقيقية أو انتقال ديمقراطي في بلدان الأمة”.

الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، ذكرت بدورها أنها قد تابعت بـ”قلق بالغ، العدوان الصهيوني المتصاعد على الأراضي السورية، الذي بلغ ذروته بقصف مقرات سيادية، من بينها مقر وزارة الدفاع السورية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، واعتداء سافر على دولة ذات سيادة وعضو في منظمة الأمم المتحدة”، مردفة: “إن هذا العدوان الغاشم لا يمثل فقط مسًّا خطيرًا بأمن الشعب السوري الشقيق، بل هو تدخل فج في شؤونه الداخلية، واستفزاز ممنهج يستهدف استقرار المنطقة وأمنها”.

“الشبكة الديمقراطية المغربية”

“الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب”، يسارية التوجّه والقيادة، عمّمت بدورها بيانا أدانت فيه شنّ “جيش الكيان الصهيوني (…) هجوما جويا على عدة مواقع في سوريا منها السويداء ودمشق ودرعا. هدفه في حقيقة الأمر تعزيز الاحتلال الصهيوني لأجزاء واسعة من سوريا، بعد ضم الجولان، في إطار رؤيته الاستعمارية لبناء ‘إسرائيل الكبرى’، وتنفيذا للخطط الإمبريالية الاستعمارية الساعية إلى تقويض أي حلم تحرري في المنطقة”.

وأضاف البيان: “يعد العدوان كذلك استكمالا للاعتداءات المدمرة والمتكررة على لبنان وإيران واليمن فضلا عن فلسطين، حيث يتواصل التطهير العرقي والإبادة البشعة منذ حوالي 21 شهرا أمام أنظار العالم ومنظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها، وذلك في إطار تنفيذ ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد أخذا بعين الاعتبار أهمية هذه البلدان بالنظر لمواردها، ولموقعها الاستراتيجي بالنسبة للطريق التجاري الممتد من الهند مرورا بالخليج فأوروبا”.

وزاد: “لقد تزامن هذا الاعتداء مع اجتماع الجولاني بوفد عن الكيان المجرم في أذربيجان، كخطوة من الخطوات العديدة بين الطرفين، على طريق ضم سوريا إلى التطبيع الرسمي. ولم يحرك نظام الجولاني العميل والدموي ساكنا، ولو بشكل رمزي، للدفاع عن سوريا في وجه هذا الاعتداء لكونه صنيعة أمريكية-صهيونية؛ كما لم يقم بشيء يذكر لتخليص بلاده من الاحتلال الأطلسي (أمريكا والكيان الصهيوني وتركيا) وطرد المليشيات المرتزقة التي تضم آلاف الإرهابيين من مختلف أصقاع الأرض”.

وأدانت الشبكة التي تضمّ قيادات يسارية من أحزاب جذريّة مغربية “العدوان الصهيوني الغاشم على الشعب السوري وعلى سوريا وأراضيها وسيادتها الوطنية”، و”استغلال قضية الدروز من طرف الكيان الصهيوني الذي نصب نفسه وصيا عليهم سعيا منه لتأجيج وتعميق الفتنة الداخلية”، و”مقاربة النظام السوري القائمة على ممارسة البطش والمذابح بحق المخالفين له من علويين ودروز ومسيحيين وغيرهم من الأصوات والقوى المعارضة”، مع تعبير الشبكة المغربية عن “وقوفها المبدئي والدائم مع الشعب السوري الأبي وقواه الوطنية التحررية، من أجل سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وجلاء الاحتلال الصهيوني والأمريكي والتركي عنها، والتخلص من نظام الجولاني الإرهابي وبناء نظام ديمقراطي متحرر من السيطرة الإمبريالية”.

مواقف سابقة على القصف

عمّم حزب النهج الديمقراطي العمالي، يوما قبل القصف الإسرائيلي على سوريا، بيان الدورة العادية للجنته المركزية، الذي سجّل فيه ما أسماه “مواقف الإسلام السياسي المخزية، المساندة للنظام السوري الجديد الإرهابي والظلامي العميل للإمبريالية والصهيونية”.

وأضاف أحدث بيانات الحزب الماركسي اللينيني: “رغم تحقيق هذه المنظومة الإمبريالية لمكاسب في الشرق الأوسط من خلال إضعاف المقاومة اللبنانية وصعود المنظمات الإسلامية الإرهابية والظلامية إلى السلطة في سوريا، بدعم إمبريالي وصهيوني وتركي، فإن هجومها على إيران باء بالفشل بفضل الرد الإيراني الحازم والقوي، الذي أحدث دمارا هائلا للكيان ومس أهدافا عسكرية واستخباراتية وعلمية واقتصادية حيوية أدت بالكيان الصهيوني إلى الاستغاثة بحلفائه، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، لطلب وقف الحرب”.

ومع عدم نشر موقف رسمي بعد من القصف الإسرائيلي على سوريا، فقد سبق للحزب أن أدان “الهجوم الصهيوني على منشآت الشعب الإيراني، وضعف المنتظم الدولي وتواطؤه أمام عربدة الإمبريالية الأمريكية، وذراعها المتمثل في الكيان الصهيوني الذي وفرت له كل الشروط لامتلاك السلاح النووي والتفوق العسكري بالمنطقة، في حين تستهدف باستمرار مصادرة حق الشعب الإيراني في تحقيق برنامجه السلمي وفي استقلاله”.

أما لجنة متابعة “المؤتمر العربي العام” التي أصدرت من الرباط عشيّة القصف الإسرائيلي على إيران بيانا يندد بـ”العدوان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية في إيران”، لم يصدر بيان جديد لها.

ولم تصدر بيانات جديدة لفدرالية اليسار الديمقراطي والحزب الاشتراكي الموحد، فقد كان آخر مواقف “الفدرالية” يومين قبل القصف، حين ندّد برلمان حزبها باستمرار “حرب الإبادة التي يخوضها الكيان الاستعماري العنصري الصهيوني بوحشية ورعونة قل نظيرها ضد الشعب الفلسطيني، وإنكار حقه في الوجود وبناء دولته المستقلة”، وتنديده بامتداد “هذا التغول الصهيوني بدعم من الإمبريالية الأمريكية، وصمت المنتظم الدولي في المنطقة بالعدوان على الدول والشعوب المجاورة، إيران واليمن وسوريا ولبنان”.

فيما يبقى آخر مواقف الحزب الاشتراكي الموحد حول القضايا الإقليمية، الموقف الذي عبّر فيه مكتبه السياسي عن “إدانته الشديدة للعدوان الصهيوني على الدولة الإيرانية، واستباحة سيادتها في خرق سافر للقوانين الدولية”.

حزب التقدم والاشتراكية بدوره يعود آخر بياناته حول القضايا الإقليمية إلى يوم قبل القصف الإسرائيلي على سوريا؛ إذ جدّد “إدانته القوية لعمليات العدوان والتهجير التي يقترفها الكيان الصهيوني في الضفة الغربية، ولاستمراره في ارتكاب جرائم حرب الإبادة الشنيعة، والتطهير العرقي والتهجير القسري في غزة”، كما أدان “عملية توزيع الأدوار بين الكيان الصهيوني والقوى الإمبريالية بقيادة أمريكا، بما يُسنِدُ لإسرائيل دور ‘دركيِّ المنطقة بِرُمَّتِها’ الذي تُباحُ له ورقة بيضاء ليفعل ما يشاء، بالطريقة التي يشاء، وفي الوقت الذي يشاء، من دون حسيب ولا رقيب”.

قراءات مختلفة

هذا الاختلاف في المواقف وليد قراءة مختلفة لمخرجات سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد؛ فبينما تعبّر الحركات والأحزاب الإسلامية المذكورة عن مساندة “السيادة الوطنية” لـ”سوريا الجديدة”، إلا أنه سبق أن نقلت هسبريس مواقف يساريّين من بينهم علي بوطوالة، نائب الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار، الذي قال إن “رؤية قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، الملقب بالجولاني، يجلس على كرسي الرئاسة السورية، مشهد مؤلم (…) ما جرى في سوريا انطلق منذ عملية “طوفان الأقصى” (…) استغل الكيان الصهيوني الأمر لتوجيه ضربات قاضية بتصفية العديد من الأسماء المقاومة البارزة (…) واستهداف دولة إيران التي رفضت الانخراط في الحرب الإقليمية ضد إسرائيل بشتى الطرق، ومن جهة أخرى تركيز روسيا البالغ على أوكرانيا (…) ما ساهم في تشجيع أعداء النظام السوري لبشار الأسد من المعارضة المسلحة في إطلاق عملية ردع العدوان، التي أسقطته في عشرة أيام فقط (…) ما أحدث زلزالًا سياسيًا واسع المعالم في المنطقة، سيستمر أثره لوقت طويل”، مع تسجيله أن “ما حدث في سوريا ليس ثورة، بل أحداث تفيد تركيا وإسرائيل وأمريكا”.

جمال براجع، الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي، سبق أن نقلت هسبريس تسجيله أن “ما حدث ليس ثورة، بل غزو صهيو-أمريكي جديد لسوريا”، رغم أن النظام السوري السابق قد “قمع فعلاً الثورة السورية التي جاءت بمطالب عادلة، وكان قريبًا من السقوط، لكن إيران وسوريا دعمتاه لتدخل البلاد في حرب أهلية طاحنة دمرت الشعب وهجرته، ومن بقي عاش فقيرًا، واغتنى أفراد الجيش خلال هذه الحرب”، وهي أحداث “ساهمت بشكل واضح من خلال ضعف النظام الاستبدادي لبشار في السقوط في عشرة أيام بطريقة مفاجئة، وأظهرت أطماع أمريكا وإسرائيل وتركيا وأطراف خارجية في غزو جديد لسوريا يسير بشكل واضح من أجل إضعاف خط المقاومة الفلسطينية، حيث كان حزب الله يستغل أرض الشام لنقل السلاح”، وبالتالي هذه المستجدات “ستزيد من قوة النظام الصهيوني، وتوغله في المنطقة، وعالميًا ستؤثر على التعددية القطبية، من خلال إضعاف نفوذ روسيا”.

كما نقلت جريدة هسبريس الإلكترونية موقف جمال العسري، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، الذي قال إنه ليست هناك مبررات “للتعاطف مع نظام بشار الأسد، بالنظر لممارساته الاستبدادية في قمع ثورة 2011”، مع رفضه اعتبار أمريكا وإسرائيل وتركيا وغيرها من الأنظمة الإمبريالية مسؤولة لوحدها عما حدث، مسجلا أن “روسيا وإيران مارستا أيضًا الفعل نفسه طمعًا في ثروات سوريا”، لكن هذا “لا يخفي الشكوك الموجودة تجاه المعارضة السورية التي أسقطت النظام في كون أفعالها السابقة تعارض أقوالها اليوم (…) مشكلة الشعب السوري هي أن القدر وضعه بين نظام استبدادي لبشار الأسد، وكيانات معارضة أثبت الواقع أنها بعيدة كل البعد عن الديمقراطية”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا