آخر الأخبار

بعيدا عن قضية الصحراء المغربية .. التعاون يتقوى بين إسبانيا وموريتانيا

شارك

من العاصمة الموريتانية نواكشوط، أعلنت المملكة الإسبانية على لسان رئيس حكومتها، بيدرو سانشيز، تخصيص حزمة تمويلية بقيمة 200 مليون يورو لدعم الاستثمارات الإسبانية في موريتانيا، تشمل قروضا ميسّرة وضمانات وتسهيلات للشركات العاملة في مجالات التحول الطاقي والبنية التحتية.

يأتي هذا الإعلان في إطار اختتام الاجتماع رفيع المستوى الأول بين البلدين، وتأكيدا على التزام مدريد بتعزيز الشراكة الاقتصادية وتوسيع آفاق التعاون الثنائي مع نواكشوط، تعبيرا منها على الأهمية الاستراتيجية التي توليها لعلاقاتها مع جيرانها المباشرين.

ورغم أهمية الملفات الإقليمية التي تربط البلدين، لم يشر أي من الجانبين، الإسباني أو الموريتاني، إلى قضية الصحراء المغربية بشكل مباشر، على الرغم من الدور المحوري الذي يضطلعان به في هذا الإطار؛ فإسبانيا تعد قوة استعمارية سابقة للمنطقة وتعبّر رسميا عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي، في حين تتبنى موريتانيا موقف “الحياد الإيجابي” دون الميل إلى أي طرف، مع اعتبارها طرفا معنيا باعتراف مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة.

كما لم يتطرق لا رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، ولا الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، إلى هذا النزاع خلال الندوة الصحافية المشتركة التي أعقبت أشغال اللجنة المشتركة، بحضور وزراء من حكومتي البلدين؛ إذ اكتفى سانشيز بالتأكيد على رغبة بلاده في تعزيز التعاون الثنائي والارتقاء بالدينامية الاقتصادية، مشددا على أهمية الحوار والمصالح المشتركة في إطار الجوار الجغرافي للمتوسط، والمغرب العربي، والساحل، والتواصل الأطلسي.

تحييد النزاع

قال أحمدو ولد النباش، المدير الناشر لوكالة “موريتانيا اليوم”، إن زيارة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى نواكشوط تميزت بنجاح كبير على أكثر من صعيد، وشكّلت لحظة سياسية بالغة الدلالة في مسار العلاقات الثنائية، لافتا إلى أنها “ترسّخ التحول النوعي الذي تعرفه الشراكة بين موريتانيا وإسبانيا”.

وأضاف ولد النباش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن اللقاءات التي أجراها رئيس الحكومة الإسبانية، والوفد الوزاري المرافق له، مع نظيره الموريتاني أثمرت توقيع سلسلة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات حيوية، من قبيل الأمن السيبراني، والنقل، وحماية البيئة، والتشغيل، مشددا على أن “هذه الوثائق تؤسس لإطار مؤسساتي متين ينقل التعاون بين البلدين إلى مستويات أكثر تقدما”.

وأكد المتحدث ذاته أن الزيارة تناولت أيضا قضية الهجرة بشكل صريح ومسؤول؛ إذ تم الاتفاق على إطلاق برنامج للهجرة الدائرية، وهو ما يعكس، بحسبه، “مقاربة جديدة قائمة على البعد التنموي والمصلحة المتبادلة، ويعطي دفعة قوية للجهود المشتركة في التصدي للهجرة غير النظامية، مع احترام حقوق الإنسان وحاجيات السوق”.

وأنهى مدير نشر وكالة “موريتانيا اليوم” تصريحه بالتأكيد أن هذه الزيارة عززت موقع موريتانيا كشريك موثوق به في محيطه الإقليمي والدولي، وأظهرت درجة عالية من الانسجام والتفاهم بين القيادتين الموريتانية والإسبانية، مضيفا أن “ذلك سينعكس إيجابا على الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة ككل”.

رسائل مشفرة

قال محمودي الكيحل، باحث موريتاني في العلاقات الدولية، إن زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى نواكشوط تميزت بتركيزها على ملفات التعاون الثنائي والرهانات التنموية ذات البعد المشترك، دون أن تشهد أي نقاش معلن أو تلميح مباشر لقضية الصحراء، معتبرا أن “هذا الغياب يعكس رغبة الجانبين في تحييد الملفات الشائكة ولو بشكل علني والتركيز على ما يخدم الاستقرار والأمن الإقليمي”.

وأضاف الكيحل، ضمن إفادة لهسبريس، أن لقاء رئيس الحكومة الإسبانية بسفير المملكة المغربية المعتمد لدى موريتانيا، حميد شبار، في ختام الزيارة، يترجم متانة العلاقات المغربية الموريتانية وحضور الرباط الفاعل في الساحة الدبلوماسية الموريتانية، مبرزا أن “السفير المغربي كان في مقدمة مودعي المسؤول الإسباني رفقة الوزير الأول الموريتاني، وهي رسالة تحمل دلالات بروتوكولية عدة وتعكس الاحترام والمكانة اللذين تحظى بهما المملكة لدى نواكشوط”.

وأوضح الباحث ذاته أن اللقاء الودي الذي جمع حميد شبار بسانشيز، وإن كان مقتضبا، يؤكد وجود قنوات تواصل مفتوحة بين الرباط ومدريد، حتى في سياق زيارات لا تتناول بشكل رسمي الملف السياسي الإقليمي في المنطقة، مما يعزز فرضية إدارة هادئة للخلافات وتثبيت أرضية مشتركة للتعاون.

وفي هذا السياق، يرى الكيحل أن تزامن هذه المؤشرات مع توقيع اتفاقيات استراتيجية بين نواكشوط ومدريد، يعكس توازنا دقيقا في تعاطي العواصم الثلاث مع قضايا المنطقة، ويبرز موقع موريتانيا كحلقة وصل دبلوماسية تسعى كل من الرباط ومدريد إلى تعزيز شراكاتها معها”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

الأكثر تداولا اسرائيل أمريكا سوريا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا